بعد مضي قرابة الشهر على صدور مرسوم العفو رقم 7 لعام 2022، عن الرئيس السوري بشار الأسد، والذي ينص على عفو عام عن الجرائم الإرهابية المرتكبة من السوريين قبل تاريخ 30 نيسان/أبريل 2022 عدا التي أفضت إلى موت إنسان.

وقد عزز هذا الحدث من عزم عشرات المنظمات المدنية السورية على التأكيد على ضرورة دفع هذه القضية إلى الأمام، حيث يتم الآن أخذ مصير عشرات الآلاف من المعتقلين بعين الاعتبار، وفق بيان صدر يوم أمس عن هذه المنظمات السورية.

مطالبة بالكشف عن مصير المعتقلين

في بيان مشترك نُشر على موقع منظمة ”الشبكة السورية لحقوق الإنسان”، يوم الخميس الفائت، جاء فيه أنه في 28 نيسان/أبريل الفائت، نشر باحثون أدلة على مجزرة في ضاحية التضامن بدمشق، مما دفع آلاف العائلات إلى البحث في اللقطات المصورة، وهم يأملون ألا يروا أبنائهم على الشاشة. تمكنت بعض العائلات من التعرف على أبنائها في الفيديو فقط لتعلم بعد تسع سنوات من الانتظار أنهم قتلوا في عام 2013.

وأضاف البيان أنه “لا يجب أن يقع عبء البحث عن المفقودين على عاتق العائلات التي تعاني من هذه الخسارة الفادحة. البحث ليس فقط مؤلم، ويسبب صدمة ثانوية للعائلات، ويستغرق وقتا طويلا، وأمر معقد، ولكنه أيضا يجعل العائلات هدفا للابتزاز من قبل أولئك الذين يدعون أن لديهم معلومات عن المفقودين”.

وبناء على ذلك، دعت هذه المنظمات المدنية المعنية بالشأن السوري، إلى إنشاء آلية دولية مستقلة وشاملة لتنسيق ودعم الإفراج عن المعتقلين والبحث عن المفقودين سوريا، بما يتماشى مع الطلبات السابقة لعائلاتهم.

ونوّهت 17 منظمة سورية في بيانها المشترك، إلى أن “أزمة المفقودين تمس حياة جميع السوريين”، مشيرة إلى أن “مجزرة حي التضامن”، والإفراج عن نحو 500 معتقل من سجون الحكومة السورية بموجب “العفو” الأخير، أكدت ضرورة التقدم بهذه المسألة، لا سيما بعد ترك عائلات المفقودين مرة أخرى لتتدبر أمورها بنفسها.

وشدد البيان على الحاجة إلى الدعم في تنسيق عمليات الإفراج بصورة إنسانية، وإيصال معلومات دقيقة وفي الوقت المناسب، والتأكد من مصير من لا يزالون في عداد المفقودين.

وأشارت المنظمات إلى أنه “لدى المجتمع الدولي فرصة واضحة لتفويض آلية واحدة مركزية وشاملة لتنسيق هذه الجهود. وإن البقاء على الوضع الراهن فيما يتعلق بالمعتقلين والمفقودين غير مقبول، بل إنه يزيد من تعقيد الوضع ويزيد من معاناة الأسر”.

والمنظمات المدنية الموقعة على البيان، هي منظمات غالبيتها حقوقية وحقوقية تنموية وتوثيقية وهم كالتالي: “حملة سوريا، رابطة عائلات قيصر، رابطة معتقلي ومفقودي سجن صيدنايا، اليوم التالي، عائلات من أجل الحرية، البرنامج السوري للتطوير القانوني، تحالف أسر الأشخاص المختطفين لدى “داعش” (مسار)، رابطة تآزر، رابطة معتقلي عدرا، سوريون من أجل الحقيقة، الشبكة السورية لحقوق الإنسان، مبادرة تعافي، المركز السوري للإعلام وحرية التعبير، المركز السوري للعدالة والمساءلة، منظمة نوفوتوزون، النساء الآن من أجل التنمية، حررني”.

قد يهمك: بعد شهر على العفو.. من أصل 132 ألف معتقل دمشق تفرج عن 527 معتقل فقط

العفو لم يكن سوى صورة “شكلية”

نور الخطيب، العضو في “الشبكة السورية لحقوق الإنسان”، قالت خلال حديثها السابق لموقع “الحل نت”، أنه بناء على معلومات ومصادر متطابقة، فإن العفو مرتبط باللجنة التي شكلتها حكومة دمشق في وقت سابق، لتكون كرد على خطوة هولندا وكندا بإحالة ملف التعذيب في سوريا إلى محكمة الجنايات الدولية.

وأضافت الخطيب، يوم أمس لـ”الحل نت”، أن اللجنة عملت بعد تشكيلها مباشرة على إصدار توصية أدت لصدور القانون رقم 16 لعام 2022 والخاص بتجريم التعذيب، تلاه المرسوم رقم 7 وهو مرسوم العفو، والذي لم يكن كما حاولت بعض الجهات الترويج له على أنه جاء كرد على مجزرة التضامن، مضيفة أن عمل اللجنة لم ينته بعد، ومن المتوقع أن تشهد كل من محكمة الإرهاب والمحكمة الميدانية تغييرات في هيكليتها إزاء ما تسعى إليه هولندا وكندا.

وفي بيان لـ”لشبكة السورية لحقوق الإنسان”، صدر صباح يوم أمس الجمعة، جاء فيه أنه بعد صدور مرسوم العفو، واستنادا إلى عمليات المراقبة والتوثيق اليومية منذ صدور المرسوم لم يتم الإفراج سوى عن قرابة 527 شخص من مُختلف السجون المدنية والعسكرية والأفرع الأمنية في المحافظات السورية، بينهم 59 سيدة و16 شخصا كانوا أطفالا حين اعتقالهم.

وأوضح البيان، أن من بين حصيلة المفرج عنهم تم تسجيل 11 حالة لمختفين قسريا تم اعتقالهم في الأعوام 2011 و2013 و2015 و2016 وأفرج عنهم ولم تكن عائلاتهم تحصل على أية معلومات عنهم طوال مدة احتجازهم واختفائهم، كما لم تتمكن من زيارتهم أو التواصل معهم.

كما أن من بين المفرج عنهم الـ 527 ما لا يقل عن 131 شخصا كانوا قد أجروا تسويات لأوضاعهم الأمنية قبيل اعتقالهم ومنحوا تعهدا بموجب التسوية بعدم التعرض لهم من قبل الأفرع الأمنية، و21 شخصا اعتقلوا بعد عودتهم إلى سوريا من اللاجئين والمقيمين خارجها بينهم 2 سيدة.

وأشار البيان، إلى أن حكومة دمشق اعتقلت مئات آلاف السوريين على مدى قرابة اثني عشر عاما، وبحسب قاعدة بيانات “الشبكة السورية لحقوق الإنسان” فإن دمشق لا زالت تعتقل/ تخفي قسريا قرابة 132 ألف مواطن سوري منذ آذار/مارس 2011 حتى أيار/مايو 2022.

وفي هذا السياق، أوضحت نور الخطيب، أن عمليات الإفراج كانت بنفس المعدل المتعارف عليه بمراسيم العفو السابقة، وحتى بالأحوال العادية قبل صدور العفو كانت تتم عمليات إفراج عن معتقلين، ممن أنهوا سنوات أحكامهم، أو بقي لديهم ربع المدة، أو بناء على إخلاءات السبيل، وكان عددهم يصل شهريا ما بين 50- 60 معتقل.

أما بعد صدور المرسوم، سعت دمشق إلى رفع عدد المفرج عنها في الأيام الأولى ليتراوح العدد ما بين 30-60 معتقل يوميا، ثم بدأت الأعداد بالتناقص لتصل إلى معدل الإفراج عن 3 معتقلين يوميا، وتسعى دمشق من خلال هذا الأسلوب إلى الترويج بأنها لا تزال تقوم بعمليات الإفراج، ومن المتوقع أن تستمر عمليات الإفراج إلى نهاية شهر حزيران/يونيو القادم، بأعداد محدودة، وبعد ذلك ستعود كما كانت في السابق، وفي مقابل ذلك كله، لا تزال عمليات الاعتقال مستمرة.

قد يهمك: من صيدنايا إلى الجيش.. العفو لا يشمل من ارتكب جُرمين

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.