في جنيف، بدأت صباح اليوم الإثنين الجولة الثامنة من اجتماعات اللجنة الدستورية السورية، وسط عدم وضوح في جدول أعمالها، كما قال أحد أعضائها، مع توقعات بفشل جديد للجنة في جولتها الجديدة التي تحمل الرقم 8.

ومن المقرر أن يناقش المبعوث الخاص غير بيدرسن، 4 مبادىء دستورية تقدمت بها وفود دمشق والمعارضة، ووفود المجتمع المدني من كلا الطرفين. كل ذلك في أجواء يسودها عدم وجود مبشرات بحدوث أي تقدم في مسار اللجنة.

ماهي المبادئ الأربعة؟

الوفود المشاركة في الجولة الثامنة قدمت أربعة مبادئ دستورية كما تصفها، بحيث تتم مناقشة مبدأ في كل يوم، بحسب معلومات وصلت إلى موقع “الحل نت”.

وجاءت المبادىء كالتالي، المبدأ الأول، “الإجراءات القسرية أحادية الجانب”، وهو مقدم من وفد المجتمع المدني القادم من دمشق، والمبدأ الثاني هو “الحفاظ على مؤسسات الدولة وتعزيزها” وتم تقديمه من قبل وفد دمشق، والمبدأ الثالث وهو “سمو الدستور وتراتبيات الاتفاقات الدولية” وهو مقدم من قبل وفد المعارضة، أما المبدأ الرابع فهو “العدالة الانتقالية” والذي قدمه وفد المجتمع المدني المحسوب أعضائه على صف المعارضة.

جدلية مبدأ الإجراءات القسرية!

خلال اجتماع اللجنة الدستورية اليوم سيتم نقاش مبدأ الإجراءات القسرية أحادية الجانب، وهو ليس من المبادئ المتعلقة بالسوريين حتى خلال نقاش الدستور السوري حاليا، فعادة ما تعطي بعض الدساتير كالدستور الأميركي بعض المواد التي تسمح لحكوماتها باتخاذ إجراءات أحادية الجانب ضد بعض الدول كالعقوبات، ولكن في الحالة السورية الحالية سوريا هي من تخضع لعقوبات ولم يتم التوصل إلى حل بعد لتكون قادرة على وضع مادة في دستورها يخولها اتخاذ مثل هذه القرارات، وهذا بالمفهوم القانوني العام.

أما ما يسعى وفد دمشق للمجتمع المدني، من خلال تقديمه لهذا المبدأ هو الالتفاف على القوانين بشكل عام، ويرى المحامي سليمان القرفان عضو اللجنة الدستورية الموسعة عن المجتمع المدني، في حديثه لموقع “الحل نت”، أن هذا المبدأ ليس دستوريا لعدم تعلقه بالسوريين، فالعقوبات والإجراءات أحادية الجانب تتخذها الدول حسب مصالحها وسياساتها، ونقاش هذا المبدأ يفرغ الجولة من مضمونها.

أما الدبلوماسي السابق، بشار الحاج علي، وهو عضو في اللجنة الدستورية المصغرة عن وفد المعارضة، فيرى خلال حديثه لموقع “الحل نت”، أن حشر هذا المبدأ في جولة اللجنة الحالية هو إضاعة للوقت وللاستفادة السياسية في سبيل الإشارة للعقوبات المفروضة على دمشق، وخاصة العقوبات الغربية، وهذه العقوبات ليس لها مكان في الدستور وهي تتعلق بهذه الدول، أي أنها محاولة للخروج من مأزق العقوبات.

إقرأ:جولة ثامنة في اللجنة الدستورية بعد فشل متكرر؟

اتفاق في بعض المبادىء بشروط

سليمان القرفان، يرى أن مبدأ الحفاظ على مؤسسات الدولة المقدم من دمشق هدف يتفق عليه الجميع، لكن بشرط إعادة هيكلة هذه المؤسسات، وأن يكون هناك نظام حوكمي ورقابي عليها، وأن تكون جميع المؤسسات خاضعة للرقابة المدنية والشعبية، وبالنسبة لمبدأ سمو الدستور، فهو أمر يختلف من دولة لأخرى بالنسبة لموقع الاتفاقيات الدولية إن كانت أقل من الدستور أو أعلى وأيضا بالنسبة للقوانين الداخلية، أما المعارضة فترى أن الاتفاقيات الدولية يجب أن تكون أقل من الدستور مرتبة، وأعلى من القوانين لناحية تطبيقها، بحسب القرفان.

أما الحاج علي، فيرى أن مبدأ الحفاظ على مؤسسات الدولة هو مبدأ محق، لكنه بالنسبة لدمشق حق يراد به باطل، بحسب وصفه. فالمؤسسات المدنية والوزارات بشكل عام تخضع لسلطة الجيش والأجهزة الأمنية، وهي غير ذات سيادة، ولكن دمشق تعمل على التركيز على مؤسسة الجيش المحتكر أصلا من قبل فئة محددة سيطرت عليه بشكل كامل، وارتكبت الانتهاكات بواسطته والتي قتلت وشردت الآلاف، ولا يزال سعي دمشق هو الحفاظ على الجيش بوضعه الحالي فقط، وهو السبيل لبقاء الحكومة الحالية على رأس السلطة، وهذا المبدأ أيضا إضاعة للوقت.

هذا وقد بدأت صباح اليوم الإثنين الدورة الثامنة من اجتماعات اللجنة الدستورية بعد أن وصل إلى جنيف ممثلو وفود المعارضة، ودمشق والمجتمع المدني.

وصباح يوم أمس الأحد التقى بيدرسن الرئيس المشترك للجنة الدستورية عن وفد المعارضة هادي البحرة، في مقر إقامة الأخير بجنيف، وحضر اللقاء عدد من أعضاء وفد المعارضة في الهيئة المصغرة للجنة الدستورية، وتم بحث الخطوات التحضيرية للدورة الثامنة لاجتماعات اللجنة الدستورية والمأمول منها.

قد يهمك:الوقت الضائع في اللجنة الدستورية السورية.. الانتقال السياسي ممنوع؟

ما الفائدة من استمرار عمل اللجنة الدستورية؟

منذ تأسيس اللجنة الدستورية أواخر العام 2019، عقدت اللجنة الدستورية 7 جولات ضمت ممثلين عن حكومة دمشق والمعارضة والمجتمع المدني، إضافة إلى الجولة الجديدة اليوم، وفي هذه الجولات لم يتمكن أعضاء اللجنة من التوصل لأي موقف موحد تجاه أي من البنود، ما يثير التساؤلات حول جدوى استمرار عمل اللجنة.

وعلى الرغم من ذلك، يرى سليمان القرفان، أن كل من دمشق وموسكو يسعيان لتعطيل عمل اللجنة لإعادة الملف السوري لـ”أستانا” و”سوتشي”، لذلك تعتبر العملية السياسية السورية متوقفة، واللجنة الدستورية هي البوابة الوحيدة المتبقية لإمكانية حدوث انفراج سياسي وفق جنيف، بحسب تعبيره.

ويضيف القرفان أن الفشل متوقع في اللجنة الدستورية، “لكن هي بمثابة معركة سياسية لا يجب الاستسلام فيها، فاستمرارها هو إصرار لإيجاد الحل”،ويتابع بأنها منصة يستطيع السوريون إثبات أن حكومة دمشق غير قابلة للإصلاح، وهي غير جادة بالتزاماتها وبالقرارات الدولية.

من جهته، بشار الحاج علي، يرى أنه لا قرار للسوريين بالخروج من اللجنة ولا حتى تركها مؤقتا، في ظل عدم وجود سبل أخرى للحل السياسي، أو تغيير الواقع المسدود مع الأزمات الدولية، بالإضافة إلى أن اللجنة لن تنتج أي شيء للتوصل لحل سياسي.

ولفت الحاج علي، إلى أن حكومة دمشق تسعى للحفاظ على السلطة، بينما يسعى السوريون نحو دولة ديمقراطية تضمن حقوق الإنسان، وهذا ما يناقض تطلعات دمشق، وهنا لن يتم تغيير هذا الواقع إلا بحل سياسي يتم فرضه بالقوة يجبر دمشق على الرضوخ له.

العديد من النقاط التي يسعى لها السوريون وقدمها وفد المعارضة، وهي تماشي متطلباتهم وأبرزها العدالة الانتقالية، وسمو الدستور وإعادة هيكلة الجيش والأجهزة الأمنية ومؤسسات الدولة والفصل بين السلطات، لتبقى هناك إشكاليات تثيرها دمشق عند التطرق لهذه النقاط.

وكانت اللجنة الدستورية السورية اختتمت أعمال الجولة السابعة في جنيف، دون حدوث مؤتمر ختامي في 25 من آذار/مارس الماضي.

اللجنة الدستورية السورية أسست في عام 2019، متضمنة هيئة (لجنة موسعة) من 150 عضوا تضم ​​50 ممثلا لحكومة دمشق، و50 ممثلا من المعارضة، و50 من المجتمع المدني.

ويمثل 15 عضوا من كل كتلة اللجنة المصغرة، المكلفة بالبت في مسودة نص لدستور جديد.

إقرأ:هل يُغلق ملف اللجنة الدستورية نهاية آذار؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.