لا يزال الحديث عن النفوذ الإيراني وما قد ينتج عن هذا التواجد يتصدر المواضيع التي تتعلق بالجنوب السوري، في الوقت الذي لم تتوقف فيه الميليشيات الإيرانية عن عمليات تهريب المخدرات نحو الأردن، وكذلك محاولة توسيع إطار سيطرتهم هناك.

المنطقة الآمنة فكرة قديمة جديدة

خلال زيارة الملك الأردني، عبدالله الثاني، الأخيرة لواشنطن، تسربت معلومات حول مناقشة إنشاء منطقة آمنة في الجنوب السوري، خاصة بعد الأنباء عن انسحاب الروس وزيادة النفوذ الإيراني هناك، ما أدى إلى ازدياد عمليات تهريب المخدرات من سوريا للأردن.

الصحفي الأردني، خالد المجالي، قال في حديثه لموقع “الحل نت”، إن الأمور غير واضحة تماما بهذا الشأن، ولا يمكن الجزم بمسألة التدخل الأردني المباشر واقتحام الحدود السورية لإنشاء منطقة آمنة، “لكن من حيث المبدأ فإن الجيش الأردني قادر على السيطرة على مساحة واسعة من الجنوب السوري، والأجهزة الاستخباراتية الأردنية تراقب المنطقة عن كثب منذ العام 2011، ومن غير المستبعد أن تكون هناك خطط منذ سنوات لإنشاء هذه المنطقة”.

من جهته، الخبير العسكري، العميد أسعد الزعبي، يرى خلال حديثه لموقع “الحل نت”، أن الحديث عن المنطقة الآمنة حديث قديم، ولكنه رُفض في ذلك الوقت على الرغم من أنها كانت تخضع لسيطرة المعارضة السورية، “اليوم هناك حديث عن هذه المنطقة، ولا بد من وضع نقاط محددة أبرزها وضع السوريين في هذه المنطقة وعلاقتهم بـ (حكومة دمشق)، ومن سيقوم بتنفيذ هذه المنطقة، وما الخدمات التي ستقدمها لحوران والجوار العربي وحجمها والموقف السياسي فيها وكيفية إدارتها”.

أما الأكاديمي والسياسي، عبد الكريم الحريري، فيرى خلال حديثه لموقع “الحل نت”، أن فكرة المنطقة الآمنة تم طرحها في العام 2012، وكانت وزيرة الخارجية الأميركية السابقة، هيلاري كلينتون طالبت بها، إلا أنه لم يحصل إجماع عليها ذلك الوقت.

وأضاف الحريري، “في مفاوضات عام 2018، والتي دخل بعدها الروس ودمشق إلى الجنوب كنت أحد المفاوضين، وتعهد الروس حينها وقدموا ضمانات بحفظ الحدود وأمنها، وإخراج الميليشيات الإيرانية وإبعادها عن الحدود الأردنية مسافة لا تقل عن 80 كم، ولكن حتى الآن الحدود مفتوحة لعمليات التهريب، وقد تم رصد العديد من حالات تهريب السلاح والأشخاص منذ العام 2018”.

اليوم ومع الحديث عن بدء الروس بالانسحاب من العديد من مواقعهم في الجنوب وسوريا بشكل عام، ازداد القلق بشكل أكبر من التمدد الإيراني، ما أعاد هذه الفكرة للنقاش من جديد، بحسب الحريري.

إقرأ:لتعزيز سيطرتها.. إيران تغرق الجنوب السوري بالمخدرات بتسهيلات من دمشق

احتمالات إقامة المنطقة الآمنة جنوب سوريا

خالد المجالي، يرى أن الإقدام على إنشاء منطقة آمنة تحكمه عدة عوامل، أهمها، الموقف الروسي وموافقة روسيا صاحبة اليد الطولى في تلك المنطقة، بالإضافة إلى التنسيق مع إسرائيل، كما أنه لا يد من وجود تكاليف مادية كبيرة لإنشائها لا بد من وجود أطراف تتحملها، أما الموقف الأميركي فيعتقد أنه مؤيد للأردن، ولا يمكن أن تقدم الأردن على هذه الخطوة دون ضوء أخضر من الولايات المتحدة، لذلك فالأمر يحتاج لدراسة معمقة جدا، بحسب وصفه.

أما أسعد الزعبي، فيرى أنه “عندما تتوفر الجدية الدولية، وبشكل خاص من الولايات المتحدة، وتقييم مصلحة إسرائيل، فمن الممكن تنفيذ هذه المنطقة وبسرعة، ولا بد من اتخاذ قرار عربي ودولي بهذا الشأن، فإيران تهدف للسيطرة على كامل المنطقة، لجعلها قاعدة لاستهداف السعودية والخليج، وإيران بالفعل عملت خلال الفترة الماضية على إدخال عناصر إرهابية للأردن، ولن تتوقف، واتخاذ موقف موحد ضد إيران سيجعل منها ومن (حكومة دمشق) وحزب الله خارج معادلة المنطقة وسيتم وضع حد لكل تجاوزاتهم”.

من جهته، أكد عبدالكريم الحريري، أن الحديث يدور اليوم عن فكرة المنطقة الآمنة في الجنوب السوري، وتعزيز الحدود الأردنية، “لكن حتى الآن لم يتم الاتفاق على الشكل والآلية، هل سيكون هناك منطقة آمنة أو تعزيز للحدود”.

خلال الفترة الماضية، قامت المملكة الأردنية باتخاذ عدة خطوات، كتغيير قواعد الاشتباك، وتعزيز القوات وأجهزة المراقبة، إلا أنها لم تكن كافية، فالميليشيات ذات النفوذ الإيراني في الجنوب السوري تقوم باستمرار بتحديث وسائل مختلفة للتهريب، ومؤخرا بدأت بتنفيذ عمليات التهريب بشكل علني وبالقوة، وقد أدت الاشتباكات الأخيرة لمقتل ضباط وعناصر أردنيين، إضافة لسقوط قتلى من المهربين والميليشيات.

ويرى الحريري، أنه لا يمكن السيطرة على النفوذ الإيراني في الجنوب إلا بإنشاء منطقة آمنة، تكون تحت سيطرة الأردن، أو أطراف متعددة، مشيرا إلى أن العمل الآن جاري بشكل جدي وفعلي للتنسيق لتأمين الحدود الشمالية للأردن، لكن بالنسبة للآلية والطريقة ومن الجهات المراقبة والجهات الفاعلة، فحتى الآن لم يتم الاتفاق عليها بشكل نهائي.

قد يهمك:إيران في الجنوب السوري: ما الذي يقلق الملك الأردني من ضعف النفوذ الروسي في سوريا؟

ما دور المنطقة الآمنة بعودة اللاجئين؟

خلال السنوات الماضية لم يتحدث المسؤولون الأردنيون عن وجود رؤية أو قرار لإعادة اللاجئين السوريين بشكل قسري، كما لم يكن هناك أي مطالبة رسمية أو شعبية أردنية بإعادة اللاجئين كما يجري في بعض الدول المضيفة التي تجاور سوريا، إنما الحديث الدائم كان عن عودة طوعية وآمنة بضمانات دولية، وهو حديث أردني إيجابي يتمايز عن تصريحات باقي مسؤولي دول الجوار.

وحول تأثير إنشاء منطقة آمنة على عودة اللاجئين، يرى خالد المجالي، أن إقامة منطقة آمنة لن تشكل لأجل لعودة اللاجئين، بل ستفاقم معاناتهم لا سيما إذا تقاعست الدول الكبرى والمجتمع الدولي عن دعمهم.

أما أسعد الزعبي، فيرى أن عودة اللاجئين، لا يمكن أن تتم إلا برحيل حكومة دمشق، سواء تعلق الأمر بعودة اللاجئين لجزء من سوريا أو لكل سوريا، فلا يمكن الوثوق بدمشق، “عودة اللاجئين تعني تعرضهم للملاحقة والاعتقال وربما القتل”.

إقرأ:علامات جديدة على الانسحاب الروسي من الجنوب السوري

لم يتوقف التصعيد على الحدود الشمالية للأردن، كما أن النفوذ الإيراني يزداد في الجنوب السوري مع معلومات مؤكدة حصل عليها “الحل نت” باستقدام تعزيزات من الميليشيات للجنوب، لتبقى كل الاحتمالات مفتوحة خلال المرحلة القادمة.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.