الجنوب السوري، يشهد في الآونة الأخيرة توترات عديدة ناتجة عن بدء الانسحاب الروسي من بعض المناطق، وحلول قوات تابعة للميليشيات الإيرانية مكانها، ما أثار حفيظة الأردن الذي حذر على لسان الملك عبدالله الثاني من هذا التمدد الإيراني، وليس ببعيد عن الحدود الأردنية، في القنيطرة وريفها بدأت القوات الروسية مؤخرا بتخفيض قواتها ودورياتها مع معلومات عن ازدياد النفوذ الإيراني في ريف المحافظة، وهذا ما جعل إسرائيل تتحرك وإن كان بشكل محدود على الأرض.

توغل إسرائيلي في ريف القنيطرة

يوم أمس الأربعاء، توغلت وحدة عسكرية إسرائيلية مكونة من جرافات ودبابات المنطقة الحدودية مع سوريا، حيث توغلت مسافة تصل إلى نحو 400 متر، داخل الحدود السورية، وقامت بتجريف عشرات الأشجار الحراجية في منطقة الحرية، كما قامت بإطلاق النار على الرعاة المتواجدين في المنطقة، دون أن يقع ضحايا بينهم.

وبحسب مصدر خاص من ريف القنيطرة، لموقع “الحل نت”، فإن التوغل جرى في منطقة (رسم أبو شبطة)، الواقعة بين بلدتي الحميدية والحرية، وهي قريبة جدا من الحدود، وفيها بعض السواتر الترابية والأشجار، كما أن فيها طريقا ترابية وطريقا حربية كانت تستخدم من قبل قوات الفصل التابعة للأمم المتحدة سابقا.

وأشار المصدر إلى أن هذه الطريق تمر بالقرب من الشريط الحدودي، وتربط جباتا بالحميدية ولتستمر نحو الجنوب.

قد يهمك:“منطقة آمنة” في الجنوب السوري.. ما الاحتمالات؟

ما علاقة الانسحاب الروسي بالتوغل؟

المصدر أكد خلال حديثه لـ”الحل نت”، أنه في الأيام الأخيرة انخفض عدد الدوريات الروسية في ريف القنيطرة، كما انخفض عدد القوات الروسية نتيجة انسحاب جزء منها، حيث تتواجد المقرات الروسية في مناطق، غدير البستان، جنوب بلدة المعلقة، وفي محيط خان أرنبة، ومن هذه النقاط كانت تخرج الدوريات الروسية لعموم المحافظة.

الكاتب والسياسي حسان الأسود، يرى في حديثه لـ”الحل نت”، أنه من غير المؤكد أن هناك علاقة بين التوغل الإسرائيلي يوم أمس، والتحضير لعملية عسكرية في الجنوب ضد الميليشيات، فالميليشيات تتواجد منذ العام 2018 في الجنوب، وأي عملية في الجنوب على نطاق واسع لا يمكن أن تتم دون موافقة الولايات المتحدة.

وأشار الأسود، إلى أنه أيضا لا يمكن الربط بين هذا التوغل وبين الانسحاب الروسي، فللإسرائيليين حساباتهم المختلفة، ولهذه العملية أسبابها التي لا تزال مجهولة، لعدم وجود أي تصريح حول أسبابها وأهدافها من المسؤولين الإسرائيليين.
من جهته، يرى الكاتب السياسي، فراس علاوي، أنه في حال تم انسحاب الروس بشكل كامل من الجنوب، فإنه من المرجح أن يكون هناك تنسيق إسرائيلي أردني، لإنشاء منطقة آمنة في الجنوب السوري، وهذا ما يتناسب مع الموقف الأردني الحالي، مشيرا إلى أن عملية التوغل الإسرائيلي عملية من الممكن أن تكون عملية أمنية.

إقرأ:الاغتيالات وسيلة مناسبة لتحجيم النفوذ الإيراني في الجنوب السوري؟

ما أهداف التوغل الإسرائيلي؟

في منتصف أيار/مايو الفائت، ألقت طائرات إسرائيلية مسيرة منشورات على عدة مواقع في ريف القنيطرة، حذرت فيها الميليشيات الإيرانية والجيش السوري من الاقتراب من مناطق وقف إطلاق النار، واصفين الجيش السوري بأنه (كبش فداء) لـ”حزب الله”، بحسب المنشورات التي اطلع عليها “الحل نت”.

وعلى الرغم من التحذيرات الإسرائيلية، فقد وصلت يوم الثلاثاء الفائت مجموعات من الميليشيات الإيرانية، تضم مقاتلين من حزب الله اللبناني، والفرقة الرابعة، وميليشيا فاطميون، إلى الجنوب السوري، وتوزعت المجموعات في كل من ريف القنيطرة، وعلى الحدود السورية الأردنية، بلباس الجيش السوري، بحسب معلومات خاصة لـ”الحل نت”.

وبحسب المصدر، فإن مئات المقاتلين جرى نقلهم من دمشق بعد منتصف الليل إلى هذه المناطق، كما تم تعزيز مواقعهم بآليات ثقيلة بينها دبابات ورشاشات ثقيلة، وانتشر عدد كبير من الميليشيات بالقرب من الحدود مع الجولان السوري.

وفي هذا السياق، يرى فراس علاوي، أن السبب الرئيسي للتوغل يوم أمس هو توغل مرحلي يهدف لأمرين، الأول استكشاف المواقع الجديدة للميليشيات، والثاني العمل على منع استقرارها، ومن الممكن أن تكون هناك عمليات أمنية إسرائيلية ضدها وهذه العمليات لا يتم الإعلان عنها غالبا، أي أن عملية التوغل عملية محددة الأهداف، ومن أهدافها إرسال رسالة للميليشيات أنها هدف مشروع لإسرائيل.

من جهة ثانية، قال أبو محمد، إعلامي من ريف القنيطرة، لـ”الحل نت”، أن إسرائيل حذرة جدا في المنطقة، وهذه ليست عملية التوغل الأولى، حيث تقوم في كل مرة بإزالة أي عائق يمكن الميليشيات من إيجاد مكان للاختباء والتسلل تجاه الحدود.

وأضاف أبو محمد، أن المنطقة التي جرى فيها التوغل قريبة جدا من مدينة البعث، والتي تحتوي على أحد أهم مقرات الميليشيات الإيرانية في بناء المالية، والذي استهدفته إسرائيل سابقا، والذي تم تعزيز عناصره مؤخرا، بالإضافة لتعزيز نقاط للميليشيات مخصصة للرصد.

وأوضح أن إسرائيل سبق وأن توغلت في كل من جنوب الرفيد، وبئر عجم، وكفر الما، وأبو رجم، وجباتا وحرش جباتا، واعتقلت خلال توغلاتها العديد من الرعاة للتحقيق معهم للتثبت من عدم انتمائهم للميليشيات، وللاستدلال منهم على أي مواقع إضافية لها، مشيرا إلى أن إسرائيل لا بد من أن تقوم باستهداف المجموعات الجديدة للميليشيات خلال الأيام القادمة كما تفعل في كل مرة.

قد يهمك:لتعزيز سيطرتها.. إيران تغرق الجنوب السوري بالمخدرات بتسهيلات من دمشق

يشار إلى أن التوغل الأخير في ريف القنيطرة كان في كانون الثاني/يناير الماضي، كما تشهد المنطقة تحليقا مستمرا للطائرات الإسرائيلية المسيرة، وعمليات زرع لألغام داخل الشريط الحدودي السوري، وكل ذلك يجري دون أن تقوم القوات السورية المتواجدة على بعد 1 كم من منطقة التوغل بالرد.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.