تهديدات تركية متكررة بشن عملية عسكرية جديدة على الشمال السوري، بحجة إنشاء “منطقة آمنة” بعمق 30 كيلومترا. وقد حدد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في الأيام القليلة الماضية، بوضوح المناطق التي سيستهدفها في شمال سوريا، أمام البرلمان، وهي مناطق تقع غربي نهر الفرات، حيث تقع تل رفعت في الريف الشمالي بحلب، ومدينة منبج في شمال شرق حلب. وربما ووفق المعلومات المتناقلة ستشمل مدن وبلدات، عين دقنة، الشيخ عيسى، ماير، دير جمال، منغ، ماير.

من جانب آخر، بدأت فصائل “الجيش الوطني” المعارض المدعوم من أنقرة بإجراء مناورات في منطقة العمليات العسكرية التركية “درع الفرات”، استعدادا للعملية العسكرية التركية في الشمال السوري، بحسب تقارير صحفية.

كذلك، وذكرت تقارير صحفية أن الجيش التركي أرسل تعزيزات إلى محيط منطقة تل رفعت في ريف حلب الشمالي، وذلك بعد تصريح أردوغان الأخير، بأن بلاده تستعد لعملية عسكرية تستهدف بالدرجة الأولى كل من مدينتي تل رفعت ومنبج في ريفي حلب الشمالي والشرقي.

منبج

يفصل بين الحدود التركية ومدينة منبج ثلاثون كيلو مترا. يبلغ حاليا عدد سكانها نحو 117 ألفا وفق تقارير دولية، سكانها من عدة قوميات، غالبيتهم من العرب وربعهم من المكون الكردي، بالإضافة إلى أقلية تركمانية، ومنذ نحو ثلاثة سنوات تحوي هذه المدينة عددا جيدا من النازحين وخاصة من محافظة دير الزور التي دُمرت أكثر من نصفها بعد تواجد تنظيم “داعش” الإرهابي فيها خلال السنوات الماضية.

وتكّمن استراتيجية منبج كونها واقعة على طريق مهم في محافظة حلب ومحاذية لمواقع تسيطر عليها الفصائل المدعومة من تركيا، خصوصا مدينة الباب غربا ومدينة جرابلس شمالا، وقد كانت هدفا لمعظم الأطراف في الساحة السورية بسبب طرق الإمداد التي تمر عبرها.

إن موقعها الجغرافي الفريد يجعلها مركزا اقتصاديا يربط مدينة حلب بالمنطقة الواقعة غربي نهر الفرات والمعروفة باسم الشامية، وكذلك منطقة شرق النهر المعروفة بالجزيرة. ومنبج تقع أيضا بجوار الطريق السريع “إم فور”، وهو طريق تجاري رئيسي يربط مدينة اللاذقية الساحلية الغربية بحلب والرقة، ودير الزور الغنية بالنفط في الشرق.

لذا، تبقى منبج سوقا كبيرا للتجار من تل أبيض/كري سبي في ريف الرقة (تحت سيطرة تركيا وفصائل المعارضة المدعومة من قبلها) وعين العرب/كوباني وجرابلس. ربما لهذا السبب تريد تركيا السيطرة عليها، بحسب مراقبين.

وبحسب الباحثين، فإن لمدينة منبج أهمية رمزية خاصة أيضا، فهي المنطقة التي يمكن لأي قوة أن تعبر منها من شرق الفرات إلى غربه، وهو ما تريد تركيا إغلاقه ربما أمام “قسد”، بهدف إضعافها وحصارها اقتصاديا، ويرى بعض الخبراء الاقتصاديين أن لهذه المدينة استراتيجية اقتصادية كبيرة، وإذا سيطرت تركيا عليها فإن هذا الأمر سيضر بالأوضاع الاقتصادية لسكان شمال شرقي سوريا.

قد يهمك: رغم الرفض الدولي.. لماذا يجدد أردوغان تهديداته على الشمال السوري؟

تل رفعت

يبلغ عدد سكان تل رفعت قرابة 30 ألف نسمة، وبحسب مراكز الدراسات فإنهم يرون أهمية منبج وتل رفعت تأتي من قربهما من مناطق النفوذ التركي، ويؤشر تركيز الحديث التركي على تل رفعت، منذ العام 2016 عندما نفذت تركيا أول عملية عسكرية في الشمال السوري “درع الفرات”، وحتى الآن، إلى أهمية المدينة بالنسبة للحسابات التركية.

كما أن رغبة تركيا بالسيطرة سواء على هذه المدينة أو على مدن وبلدات أخرى في ريف حلب الشمالي تأتي من حقيقة أن أردوغان يريد التخلص من بعض الملفات الداخلية، وأبرزها قضية اللاجئين السوريين، وهو ما ينوي أردوغان ربما ببسط سيطرته على تل رفعت، وبالتالي زج المزيد من النازحين السوريين فيها.

وبحسب تقارير صحفية قبل أيام، فإن أهم قضية بالنسبة لتركيا في شن عملية عسكرية على مناطق ريف حلب الشمالي هو السيطرة على نقطة استراتيجية مهمة للغاية، وأهمها مطار “منغ” العسكري.

وفي حال تمت السيطرة العسكرية على هذا المطار، فإن ذلك سيؤمن الإشراف على جميع أنحاء المنطقة الشمالية الغربية من سوريا، وخاصة مدينة حلب، وهذا يؤكد الأهمية الكبيرة لمطار “منغ” العسكري بالنسبة لتركيا.

حاليا، مطار “منغ” العسكري تحت السيطرة الروسية، ويجدر التساؤل هنا، في حال إنطلاق عملية عسكرية تركية على مناطق في غرب الفرات، فهل ستنسحب القوات الروسية طواعية من المطار، أم ستبقى هناك وباتفاق ضمني مع تركيا، تحت مسمى “المصالح السياسية المشتركة”.

قد يهمك: ما دور دمشق في إيقاف العملية العسكرية التركية غربي الفرات؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.