في تقرير حقوقي جديد، صدر اليوم الأربعاء عن منظمة “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة“، أفاد بوجود موافقة من قبل السلطات التركية، لعدد من فصائل “الجيش الوطني” المعارض والمدعوم من قبل أنقرة، لبناء واحدة من أكبر التجمعات السكنية في المنطقة والتي خُصصت في معظمها لإسكان مقاتلي “الجيش الوطني” المعارض وعائلاتهم في منطقة عفرين (تقع تحت سيطرة تركيا وفصائل المعارضة السورية الموالية لها منذ 2018)، التي شكّل الكرد السوريون النسبة الأكبر من عدد سكانها تاريخيا.

ووفق التقرير الحقوقي، بُني هذا التجمع السكني على مساحة شاسعة في المنطقة المعروفة محليا باسم “جبل الأحلام”، والتي تشكّل جزءا من جبل الأكراد؛ وتتميز بموقع استراتيجي هام، كونه يطل على مركز مدينة عفرين، ويفصل بين مناطق السيطرة التركية الحالية من جهة و”قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) والقوات الحكومية السورية، وعدد من القواعد الروسية، من جهة أخرى.

وأشار التقرير إلى أن الموقع الذي بُني التجمع السكني فيه، هو “جبل الأكراد/جبل حلب” تمثل مساحته ما يساوي 2 بالمئة من عموم مساحة سوريا، وهو منطقة أحراش ويعتبر الغطاء النباتي الأكبر في محافظة حلب، وقد تم اقتلاع مساحات واسعة من الأشجار/الأحراش لبناء مباني اسمنتية عوضا عنها.

الإفادات الواردة في التقرير، أشارت إلى أن والي ولاية هاتاي التركية، رحمي دوغان، هو أحد المسؤولين المباشرين عن بناء ذلك التجمع السكني الذي سيؤوي النازحين السوريين من المحافظات السورية المهجرة سابقا، من خلال إعطاء الضوء الأخضر لعدد من المنظمات الإغاثية المحلية والدولية من جهة، والمجلس المحلي لمدينة عفرين من جهة أخرى، للبدء ببناء التجمع السكني على سفح الجبل وتخديمه، بعد أن عرضت مجموعة من الفصائل المعارضة السورية وعلى رأسهم “الجبهة الشامية” فكرة المشروع على السلطات التركية.

تجاوز دور بعض المنظمات تقديم الخدمات العامة لعائلات المقاتلين في فصائل المعارضة السورية، إلى بناء قرى بأكملها، وذلك لإضفاء “صبغة مدنية” على المشروع المخصص أساسا لإسكان المقاتلين وعوائلهم؛ منها قرية “كويت الرحمة” التي بُنيت بدعم من “جمعية الرحمة العالمية” ومتبرعين من دولة الكويت، وذلك بحسب “جمعية شام الخير الإنسانية” التي نفذت مشروع التجمع السكني.

وبحسب التقرير، فقد بدأ التخطيط لإنشاء التجمع “قرية كويت الرحمة والمساكن المحيطة به” على مساحات واسعة في “جبل الأحلام” مطلع عام 2021، حيث ما تزال عمليات البناء مستمرة حتى تاريخ الانتهاء من إعداد هذا التقرير في نهاية شهر أيار/مايو 2022، ومن المخطط أن تمتد لتشمل الجبل كاملا.

المعلومات الواردة في التقرير الحقوقي كشفت اليوم الأربعاء، أن تسعة فصائل تتبع لـ”الجيش الوطني” المعارض، متورطة بشكل أساسي في هذا المشروع وعلى رأسها “الجبهة الشامية” بقيادة مهند الخلف المعروف باسم “أحمد نور”. وقد لعب رجال الدين/الشرعيون في تلك الفصائل دورا كبيرا في ترغيب المقاتلين بتسجيل أسمائهم وفي عمليات تقسيم المنطقة، ولاحقا توزيع الأراضي على المقاتلين وعائلاتهم.

كذلك، وبحسب التقرير، فقد كشف عن تورط عدد من المنظمات المحلية والدولية في عملية الترويج للمشروع ودعمه، وأنه يهدف لاستفادة المدنيين منه بشكل أساسي، في حين أفادت الشهادات الواردة في التقرير أن مقاتلي فصائل “الجيش الوطني” وعائلاتهم المنحدرة من مناطق ريف دمشق وحمص وحماة، كانوا المستفيدين الأساسيين من المشروع، حيث بلغت نسبة المستفيدين المدنيين نحو 25 بالمئة. وكان من أبرز هذه المنظمات هي منظمة هيئة الإغاثة الإنسانية التركية “IHH”، التي قدمت مواد بناء لكل مستفيد قدرت قيمتها بنحو ألف دولار أميركي.

الهدف من المشروع؟

استنادا إلى الشهادات التي وردت في التقرير، فقد بدأت فكرة بناء التجمع السكني في “جبل الأحلام” من قبل مهند الخلف، القائد العام لفصيل “الجبهة الشامية، حيث قام بطرح فكرة المشروع في عفرين، بهدف معلن وهو إسكان نازحين من مناطق سورية أخرى، منهم العسكريين وعائلاتهم بشكل أساسي، من فصائل “الجيش الوطني” المتمركزون في المنطقة، وقد لاقى المشروع استحسان معظم من استشارهم الخلف، من القادة العسكريين الآخرين.

وأشار أحد المصادر من الذين حضروا الاجتماع مع مهند الخلف (صاحب فكرة المشروع) الواردة في التقرير، إلى عدة عقبات تواجه هذا المشروع؛ وقد تمثلت بشكل رئيسي في الحصول على ترخيص البناء من المجلس المحلي لعفرين، لاسيما وأن هذه الرخصة لا يمكن الحصول عليها دون موافقة الوالي التركي، وهو شرط مسبق يجب على المجلس المحلي مراعاته.

أما فيما يخص العقبات الأخرى، فبحسب التقرير “كان يجب أيضا إضفاء (الصبغة المدنية) على المشروع، وذلك من أجل إقناع المنظمات المحلية والدولية بالمساهمة بالبناء دون تعرضها للمشاكل والضغوطات. أيضا ظهرت عقبات لها علاقة بالجانب التنظيمي والإداري وتقسيم المساحات والحصص على المشاركين في تلك الاجتماعات من ممثلي الفصائل وشرعيوها”.

كذلك، أشارت المصادر الأخرى الواردة في التقرير، إلى أن “المشروع يهدف بشكل أساسي إلى بناء منازل دائمة لمقاتلي الفصائل وعائلاتهم الذين تم تهجيرهم، وإخراجهم من المنازل التي استولوا عليها في منطقة عفرين في خطوة يراها شرعيو الفصائل إنها إيجابية، حيث أن إقامة منازل دائمة على أرض تعود ملكيتها للحكومة السورية هو الحل الأمثل لمشكلة السكن والاستيلاء على ممتلكات أهالي عفرين الأصليين”.

في حين لم يوثق أي عمليات إخلاء كاملة وجماعية لأيّ من المنازل التي كان قد تم الاستيلاء عليها من مقاتلين تابعين لفصائل “الجيش الوطني” المعارض. ولكن تم رصد عدة حالات من قبل منظمة “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة”، لمقاتلين قاموا بتأجير المنازل التي استولوا عليها في عفرين لأشخاص آخرين، بعد انتقالهم إلى التجمع السكني في منطقة “جبل الأحلام”، أي أن معظم تلك المنازل التي تم الاستيلاء عليها، لم تعد إلى أصحابها الأصليين بأي حال من الأحوال.

ما أهمية “جبل الأحلام”؟

يتميز “جبل الأحلام” بأهمية استراتيجية كبيرة، إذ أنه يقع ويطل بشكل مباشر على خطوط التماس ما بين مناطق النفوذ التركي و”الجيش الوطني” المعارض من جهة، وما بين مناطق كل من قوات الحكومة السورية (وخاصة تلك المتمركزة في بلدتي نبل والزهراء)، ومناطق “قسد” (وخاصة تلك المتمركزة في مناطق تل رفعت ودير جمال) من جهة أخرى.

وبعد أن سيطرت عليها فصائل “الجيش الوطني” المعارض والقوات التركية خلال عملية “غصن الزيتون” في عفرين عام 2018، وقع “جبل الأحلام” تحت نفوذ فصيل “الجبهة الشامية” الذي اعتبر أن هذه الأرض هي “غنيمة حرب”، وذلك وفق وصف أحد المصادر الواردة في التقرير الحقوقي.

في الوقت الراهن، وحتى شهر آذار/مارس 2022، تم الانتهاء من تقسيم وتخطيط ثلاث كتل لإنشاء المساكن الخاصة بإيواء العسكريين وعوائلهم فيها، اثنتان متجاورتان وثالثة منفردة تبعد نحو 2 كم عنهما، وتقع هذه الكتل في منطقة حرش الخالدية التي تشكّل جزءا من “جبل الأحلام” المطل على مدينة عفرين من جهة الشرق، وبحسب المعلومات الواردة فسوف يتم التوسع في بناء المساكن العسكرية لتشمل كامل الجبل حتى تغدو مدينة موازية لعفرين وتفصل ما بين مناطق السيطرة المختلفة.

ووفق التقرير، فقد تم بالفعل إنهاء بناء جزء من القرية/التجمع السكني المقرر بناؤه على مساحة نحو 12 هكتار في منطقة “جبل الأحلام”، وبحسب المخطط فإن المساحة الإجمالية للمشروع بلغت 122533 مترا مربعا، ويقع كله في المنطقة الحرجية التي تشكل جزءا واسعا من الغطاء النباتي في منطقة عفرين.

وفي أواخر عام 2020، قامت شركة “الفرات للتجارة والمقاولات” بوضع المخطط الهندسي وإجراء الدراسة الميدانية للمشروع بناء على توجيهات من المجلس المحلي لمدينة عفرين، الذي طلب ذلك بناء على أوامر من والي عفرين (والي ولاية هاتاي التركية، رحمي دوغان)، وتم تقسيم المشروع إلى ثلاث كتل سكنية ويضم مدرستين ومسجدين ونقطة طبية ومخفر شرطة وست حدائق وعدة آبار مياه وخزان مياه رئيسي.

وبحسب المخطط الهندسي، فقد تم تخصيص مساحة 400 متر مربع لكل وحدة سكنية تتألف من ثلاث غرف مع المرافق وخزان مياه خاص، وبحسب التقرير، فإن المشروع سيضم 5000 وحدة سكنية/منزل، تم بالفعل الانتهاء من بناء وتسكين 1000 منزل منه، حيث أن العمل قد بدء بالمشروع خلال عام 2020 ومازال مستمرا لحين إعداد هذا التقرير، وتبعد الكتلة الأولى عن الكتلتين الثانية والثالثة نحو 30 كم جنوبا.

من هم المستفيدون؟

المستفيدين من مشروع “جبل الأحلام” انقسموا إلى فئتين أساسيتين، الفئة الأولى وتشكّل أكثر من 70 بالمئة من مجموع المستفيدين، وهم المقاتلين في الفصائل المسلحة وعائلاتهم. أما الفئة الثانية، فهي تشكّل أقل من 30 بالمئة من المستفيدين، منهم أيضا مقاتلون سابقون (مع عائلاتهم) تركوا الفصائل بعد خروجهم/نزوحهم من المناطق التي كانوا يسيطرون عليها في مناطق سورية مختلفة، ونازحين مدنيين مختلفين من مناطق سورية عديدة.

وبموجب الاجتماعات التي عقدها محمد الخطيب، الشرعي في فصيل “الجبهة الشامية” مع شرعيي الفصائل والممثلين عن الأشخاص الراغبين بالاستفادة من المشروع، قام قائد “الجبهة الشامية” مهند خلف بتحديد مساحة 400 متر مربع لكل عائلة، وقام بتحديد مساحة من الأرض (تم تسميتها كتلة) خاصة بكل فصيل، وقام أيضا بتخصيص مساحة للأشخاص المدنيين الذين لم يرغبوا بالانضمام إلى كتل الفصائل، كما تم تخصيص كتل أخرى للمنظمات الإغاثية التي ترغب ببناء مساكن دائمة مثل “شام الخير الإنسانية”.

قد يهمك: “الجبهة الشامية” و”أحرار الشام”.. اقتتال جديد في الشمال السوري

ما دور الوالي التركي؟

بحسب التقرير الحقوقي، فقد اجتمع مهند الخلف، قائد “الجبهة الشامية” مع الوالي التركي (والي ولاية هاتاي) في أوائل عام 2020، وعرض عليه مشروع بناء المنازل في “جبل الأحلام”.

ومن ثم وحين أجريت اجتماعات جديدة ما بين فصائل المعارضة السورية المسلحة والسلطات التركية، وإنشاء “لجنة ردّ المظالم” وطرح مشكلة الاستيلاء على منازل سكان مدينة عفرين، عاود الخلف طرح فكرة المشروع لتكون حلا للمشكلة، وحصل وقتها على موافقة السلطات التركية والإذن بالمباشرة بالتنفيذ.

وأكد التقرير الحقوقي لمنظمة “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” أن جميع الأوامر التي أصدرها الوالي التركي بخصوص “جبل الأحلام” هي أوامر شفهية، ويبدو أنها كانت بمعرفة سلطات أعلى في الحكومة التركية.

أما على صعيد إجراءات الملكية والترخيص لدى المحلي في مدينة عفرين، فقد تولى كل فصيل وصاحب كتلة استخراج “أوراق تخصيص” من المجلس تؤكد بشكل ما أنه استلم قطعة أرض بمواصفات محددة وقام بإنشاء بناء سكني عليها، إلا أن المجلس المحلي يرفض مؤخرا إعطاء هذه الورقة دون موافقة من الوالي التركي بشكل مباشر.

وبحسب التقرير، فإن “ورقة التخصيص” هذه تخول مالكها بالقيام بعملية بيع وشراء والبناء فقط دون الأرض، فهي تثبت ملكيته للبناء أما مليكة الأرض فتبقى للمجلس المحلي كونها بالأصل أملاك للدولة السورية. إن هذا الوضع القانوني مماثل إلى حد كبير لوضع مساكن المزة 86 وعش الورور في أطراف العاصمة السورية دمشق.

وبلغ عدد التخصيصات التي منحها المجلس في “جبل الأحلام” نحو 1000 تخصيص بينها 400 فقط منحت لمدنيين وهي التي تم بناؤها عبر منظمة “شام الخيرية/الإنسانية”، أما باقي التخصيصات وهي 600 تم منحها للكتل المخصصة لعناصر فصيلي “الجبهة الشامية” و”فرقة الحمزة”.

وفي الوقت الراهن، يرفض المجلس المحلي لمدينة عفرين منح المدنيين تراخيص أو “ورقة تخصيص” في “جبل الأحلام”، ويطلب من المدنيين الحصول على استثناء مباشر من الوالي التركي، وهو ما وصفه بعض المدنيين “بالأمر المستحيل”.

قد يهمك: اقتتال فصائل المعارضة: ما الأسباب الحقيقية للنزاع داخل “الجيش الوطني”؟

وبحسب أحد الأشخاص الذين حصلوا على قطعة أرض في “جبل الأحلام”، أكد لمنظمة “سوريون من أجل الحقيقية والعدالة”، بأنه “رغم حصولنا على قطعة أرض، ورغم أن المجلس المحلي قد قام بتخديم المنطقة ومد شبكة مياه وقمنا بشراء خط المياه ووصل العداد من المجلس ذاته، إلا أن المجلس رفض منحنا ورقة التخصيص وطلب منا الحصول على استثناء من الوالي”.

وأردف، “أنا وجيراني نحتاج هذه الورقة من أجل الحصول على مساعدات الإعمار التي تقدمها منظمة “IHH” لكي نبدأ بناء المنازل، ولكن المجلس لا يعطينا إياها رغم أنه أعطانا عداد مياه وحصلنا بالفعل على الأرض وقمنا ببناء السور، بالمقابل هناك بعض معارفي قاموا بالبناء على نفقتهم دون مساعدات من أي جهة ولم ينتظروا الحصول على هذه الورقة”.

ووفق أحد المصادر الواردة في التقرير، فإن المكتب القانوني التابع للمجلس المحلي لمدينة عفرين، رفض بشكل صريح أثناء لقاء معهم منح أي أوراق تفيد بملكية الأرض أو حتى تخصيصها، ونقل عن أحد موظفي المكتب القانوني قوله: “إن هذا الأمر ليس قانونيا أبدا والأرض هي مشاع ولم تخصص للسكن، نحن أعطينا الموافقات بسبب الضغط من الوالي”.

ما دور الفصائل المسلحة؟

أما على صعيد دور الفصائل المسلحة، فقد كشف التقرير الحقوقي، تورط تسعة فصائل بشكل أساسي في عملية بناء المساكن الدائمة للمقاتلين وعائلاتهم في “جبل الأحلام”، وتراوح عدد الحصص/الأراضي التي حصل عليها كل فصيل بين 60 و240 قطعة أرض مساحة كل واحدة منها 400 متر مربع. وكانت الفصائل التي حصلت على كتل للبناء في “جبل الأحلام” كالتالي: “جيش الإسلام”؛ بلغ عدد العائلات المستفيدة نحو 150 عائلة، من ضمنها عائلات تنحدر بشكل أساسي منطقة الضمير بريف دمشق وبلغ عددها 60 عائلة، والقسم الآخر ينحدر من دوما ومناطق أخرى في ريف دمشق.

أما بالنسبة لـ”فرقة السلطان مراد” و”فرقة الملك شاه”؛ لم يتمكن التقرير من تحديد عدد العائلات المستفيدة عبرها بشكل دقيق، ولكن العائلات تنحدر بشكل أساسي من ريف حمص.

في حين، لم يتمكن التقرير من تحديد عدد العائلات المستفيدة عبرها بشكل دقيق في فرقة “أحرار الشرقية” و”جيش الشرقية” ولكن العائلات تنحدر بشكل أساسي من دير الزور.

أما “فرقة الحمزة” و”الجبهة الشامية” فتنحدر العائلات بشكل أساسي من حلب وريفها. و “فرقة السلطان سليمان شاه/العمشات” و”الفرقة التاسعة”؛ فتنحدر العائلات بشكل أساسي من منطقة القلمون الغربي بريف دمشق وريف حماه.

علاوة على ذلك، تقدم هذه الفصائل باستثناء فصيل “سليمان شاه/العمشات” أنواعا عدة من الدعم للمقاتلين الحاصلين على قطعة أرض في “جبل الأحلام”. على سبيل المثال تم توجيه أشخاص مقربين من الفصائل لجمع تبرعات من شخصيات عربية خصوصا في دولة الكويت، لدعم المشروع وبناء مسجد أو مدرسة أو حفر آبار مياه وتمهيد الطرقات، أيضا قامت الفصائل بتوجيه أشخاص آخرين للتواصل مع المنظمات الإغاثية والخيرية لتسريع منح مساعدات الإعمار أو حتى المساعدات الغذائية الشهرية.

وتفيد المعلومات الواردة في التقرير، بأن منظمة “الإغاثة الإنسانية التركية” متورطة بشكل أساسي في عملية توطين المقاتلين وعائلاتهم في “جبل الأحلام” وعفرين عموما، وذلك عبر تقديمها مساعدات الإعمار لمقاتلي الفصائل وعائلاتهم ومساعدتهم على إكمال بناء منازلهم في “جبل الأحلام”، كما تفيد المعلومات أن منظمات أخرى مثل “جمعية شام الخير الإنسانية” و”الهيئة العالمية للإغاثة – إنصر” ومنظمات محلية سورية، قامت هي الأخرى بالمساهمة بطرق عدة في هذا المشروع السكني، حيث قدمت تلك المنظمات مساعدات غذائية شهرية لعائلات المقاتلين، وقامت بعضها ببناء مرافق عامة مثل مساجد ومدارس وتمهيد الطرق تساعد وتسهل على العائلات الانتقال إلى “جبل الأحلام” والعيش فيه. لقد جاء كل ذلك بأمر من الوالي التركي الذي كان يعقد اجتماعات مع هذه المنظمات ويعطي الأوامر للمجلس المحلي في مدينة عفرين لتسهيل عمل تلك المنظمات.

ختاما، فقد أشار التقرير إلى أنه “من المفيد هنا النظر إلى قضية فلسطين؛ حيث وجدت محكمة العدل الدولية في عام 2004، بأن الجدار الحدودي الذي تشيده إسرائيل يخاطر “بإحداث المزيد من التغييرات في التكوين الديموغرافي للأرض الفلسطينية المحتلة”.

وبالنظر إلى نمط الانتهاكات التي وثقتها منظمة “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” وغيرها من المنظمات في المناطق الخاضعة للسيطرة التركية شمال غربي سوريا، فإنه من المحتمل أن التجمعات السكنية يتم انشاؤها لتكون جزءا من هذه العملية الممنهجة لتغيير التركيبة الديموغرافية في عفرين، فهي تخضع لتغير واضح، نتيجة توطين السوريين النازحين من أجزاء أخرى من البلاد في أعقاب تهجير السكان الكرد بشكل أساسي، ووسط قمع واسع للثقافة الكردية، بحسب تقرير المنظمة.

كما أن استمرار القوات المدعومة من تركيا في السيطرة على منطقة عفرين والاستيلاء وتأجير ممتلكات المدنيين الذين نزحوا أو فروا من المنطقة خلال عملية “غصن الزيتون”، يجعل أي عودة محتملة للسكان أمرا أكثر صعوبة. علاوة على ذلك، فإنه على الرغم من الادعاءات أن هذه التجمعات يتم بناؤها على أراض تعود ملكيتها للدولة، لا بد من الإشارة هنا إلى أن القوانين الجزائية السورية وصفت التعدي على الأملاك العامة بالجرم وعاقبت عليه في القانون، إذ نصّت المادة 724 من قانون العقوبات العام رقم 148 لعام 1949 بأنه “يعاقب بالحبس حتى ستة أشهر من أقدم على غصب قسم من الأملاك العامة المرفقة وغير المرفقة”.

من جانبه، أشار “المركز السوري للعدالة والمساءلة” العام الماضي فيما يتعلق بالتجمعات السكنية في عفرين، إلى أنه يتعين على المانحين من القطاع الخاص ومنظمات الإغاثة، فضلا عن حكومات دولهم؛ ضمان توزيع المساعدات بشكل منصف وبطريقة لا تنتهك حقوق الملكية وعودة السكان المدنيين النازحين والفارين. ويبقى الأمر الأكثر أهمية هو أن الحكومة التركية، بصفتها القوة المسيطرة بطريقة غير شرعية على المناطق السورية والتي تمارس سيطرة فعالة في عفرين وأجزاء أخرى في شمال غربي سوريا، هي المسؤولة المباشرة عن الانتهاكات والقضايا التي تنطوي عليها التجمعات السكنية حتى الآن.

قد يهمك: تفجيرات جديدة تضرب مناطق “الجيش الوطني” المعارض.. من الأشخاص المستهدفين؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.