اقتتالات مستمرة وتهديدات أمنية تحيط بمناطق شمال غربي سوريا، سواء التي تسيطر عليها “هيئة تحرير الشام” (جبهة النصرة سابقا)، أو تلك التي تسيطر عليها فصائل “الجيش الوطني” المعارض المدعوم من قبل أنقرة.

حالة الفصائلية وصراع النفوذ لا تزال تسيطر على مناطق “الجيش الوطني” ولعل الاشتباكات التي قد تنطلق في أي لحظة خلال الساعات المقبلة بين حركة “أحرار الشام” و”الجبهة الشامية” هي أحدث حلقات مسلسل الصراع في تلك المناطق، دون وجود أي مستقبل يدعو لتفاؤل المدنيين هناك ويبعد عن مناطق إقامتهم المؤقتة شبح التصعيد العسكري والاقتتال الداخلي بين تلك الفصائل.

مصادر محلية من المنطقة أفادت لـ”الحل نت” عن قرب اندلاع اشتباك واسع المدى بين حركة “أحرار الشام” و”الجبهة الشامية” بعد انشقاق فصيل تابع لـ”الأحرار” عن “الفيلق الثالث” التابع لـ”الجيش الوطني” الذي تعمل تحت إطاره بشكل ظاهري “الجبهة الشامية”.

“أحرار الشام” أرسلت، يوم أمس، رتلا عسكريا من المناطق العاملة فيها في محافظة إدلب إلى ما يعرف بمنطقة “غصن الزيتون” ذات النفوذ التركي في منطقة عفرين بريف حلب الشمالي الغربي، وذلك تحسبا لأي هجوم جديد لـ”الجبهة الشامية” بسبب الخلافات المشتعلة بينهم مؤخرا.

“الجبهة الشامية” وفصائل أخرى منضوية ضمن “الفيلق الثالث” تنسق مع “الجبهة” تتجهز لحملة عسكرية ضد “الفرقة 32” المتمثلة بالقطاع الشرقي التابع لحركة “أحرار الشام”، عقب انشقاقه قبل أيام عن صفوف “الفيلق الثالث” في مدينة الباب، الواقعة ضمن المنطقة المسماة “درع الفرات”، شمال شرقي محافظة حلب.

وعلى ضوء ذلك تثار تساؤلات عدة حول احتمال أن يشهد شمال غرب سوريا اقتتالا جديدا واسع النطاق بين “جبهة الشام” و”أحرار الشام”، فضلا عن التساؤل حول الزمن الذي ستستمر خلاله حالة الفصائلية في هذه المنطقة، وفيما إذا كانت ستصل الأمور إلى حد تصفية النفوذ الكلي للفصائل هناك بين بعضهما البعض.

غياب حالة المأسسة

ضمن هذا الإطار، لم يستغرب المحلل السياسي محمد السكري، مشاهد الاقتتال الداخلي والفصائلية في تلك المناطق، فضلا عن التوترات الأمنية المستمرة هناك.

ويردف في حديثه لـ”الحل نت”، “بالعودة إلى الأسباب الحقيقية فهي واضحة ونحن نتحدث عنها دائما، وهي تتعلق بعدم مأسسة فصائل الجيش الوطني، وهذا الأمر يحتاج إلى عمل كبير جدا، وهو يحتاج إلى إرادة بطبيعة الحال، وكذلك إلى فئة نخبوية من العسكر، وهذا غير متوفر عمليا في مناطق المعارضة السورية، إلا قلة قليلة”.

وتابع بأن هناك بعض الفصائل يُرجح أنها تعمل في هذه المنطقة لأسباب تتعلق بالانتماء والولاء لبعض الدول الإقليمية، بالتالي، فإن واقع هذه المشاهد القتالية بين فصائل المعارضة يؤدي إلى القول بأن عملية المأسسة تتطلب قرارا من وزارة الدفاع للحكومة السورية المؤقتة، وفي الأصل فشلت جميع عمليات التوحيد التي قام بها الجيش الوطني لهذه الأسباب” وفق تعبيره لـ”الحل نت”.

حركة “أحرار الشام” كانت قد تعهدت، الأحد الماضي في بيان لها، بإعادة كافة الحقوق لـ”الفيلق الثالث”، وذلك بالتزامن مع عودة “الفرقة 32” (القطاع الشرقي في حركة أحرار الشام) إلى صفوف الحركة، داعين إلى “التخلي عن لغة التجييش والتهديد والوعيد وتوجيه الاتهامات”.

قد يهمك: تفجيرات جديدة تضرب مناطق “الجيش الوطني” المعارض.. من الأشخاص المستهدفين؟

احتمالات التصعيد

في سياق التصعيد الأخير بين فصائل المعارضة السورية، أصدر قادة القطاع الشرقي بيانا، يوم الأحد الفائت، قرارا ينص على عودتهم إلى صفوف الحركة بعد صدور قرار لجنة الفصل المشكلة بين الطرفين، والذي أقرّ تجريد القطاع الشرقي في الحركة من سلاحه وعتاده بالكامل، وتسليم جميع مقراته في مدينة الباب إلى فصائل “الفيلق الثالث”.

وبالعودة إلى المحلل السياسي محمد السكري فإنه يرى بأن “الأمور قد لن تؤدي إلى قتال عنيف بين هذه الفصائل، وأعتقد أنه سيكون هناك تسوية ما في الأيام المقبلة، لأن الاقتتال شبه ممنوع في المناطق الواقعة تحت النفوذ التركي، وأغلب الظن أنه إذا تفاقمت الأوضاع بين الفصائل، فقد تتدخل تركيا لحل هذه الخلافات، خاصة وأن العديد من هذه الفصائل تُحركها تركيا”.

قيادي في غرفة “عزم”، فضل عدم كشف هويته، اعتبر أن ما سماه “أسلوب الطاولة المستديرة” هو الطريقة الأفضل لإدارة المناطق الخارجة عن سيطرة الحكومة السورية.

ويتابع في إفادته لـ”الحل نت” خلال وقت سابق: “هذا هو الأسلوب الذي تم العمل به سابقا، من خلال المكتب الأمني لغرفة عزم، الذي انضوت فيه معظم الفصائل العسكرية، مما أدى لحالة من الاستقرار والأمن، وقلل من اقتتال فصائل المعارضة. إلا أن الاضطراب عاد من جديد، بعد الانشقاقات عن غرفة عزم، وتشكيل حركة ثائرون والفيلق الثالث وجبهة التحرير والبناء”.

قد يهمك: اقتتال فصائل المعارضة: ما الأسباب الحقيقية للنزاع داخل “الجيش الوطني”؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.