بات الحصول على موعد في مستشفى حكومي، سواء عبر إجراء عملية ما أو غسيل كلى أو فحوصات طبية، أمرا صعبا، إذ هذا الأمر أما يحتاج إلى واسطة من قبل الجهات المعنية أو عبر الانتظار لأيام طويلة إلى حين الحصول على موعد ما، لكن ليس كل المرضى الذين بحاجة إلى موعد طبي يمكن أن ينتظر لأيام طويلة، وبالتالي نسبة كبيرة منهم مضطرون للذهاب إلى مشفى خاص، مما يترتب عليهم تكاليف مادية كبيرة.

كما لا تتوفر جميع الأدوية في المستشفيات الحكومية كما يزعمون، فالأدوية الغالية الثمن هي حكرعلى بعض الصيدليات والمستودعات فقط، وهذا ما شهدته العاصمة دمشق والعديد من المحافظات السورية مؤخرا، حين تداولت عدة مواقع إعلامية محلية تقارير عن نقص الأدوية وارتفاع أسعارها في عموم سوريا.

محسوبيات وتكاليف كبيرة

المعاون الطبي بالهيئة العامة لمشفى الكلية الجراحي غسان محمد بيّن لصحيفة “البعث” يوم أمس الثلاثاء، أن “عمليات زرع الكلى من العمليات الكبيرة والمعقدة التي تكلف مبالغ طائلة في الخارج تقدر بـ 20 أو 30 مليون ليرة سورية، في حين تقدم بالمشفى شبه مجانية.

وأردف في حديثه “التكلفة في المشافي الحكومية لا تتجاوز الـ 300 ألف ليرة، أما بالنسبة لجلسة غسيل الكلية فهناك قسمان للمرضى، قسم لمرضى العام تقدم لهم الجلسات مجانا بشكل كامل، وقسم القاعات المأجورة التي يتكلف المريض بها مبلغا لا يتجاوز الـ 1000 ليرة، علما أن جلسة غسيل الكلى في الخاص تتجاوز الـ 200 ألف ليرة سورية.

لكن بحسب مصادر محلية خاصة لـ “الحل نت”، فإن حجز موعد في مستشفى حكومي لإجراء جلسة غسيل كلوي يحتاج إلى وساطة أو توصية من إحدى الجهات المعنية، أو الانتظار لفترة طويلة وبالتأكيد المريض. لا يستطيع الانتظار وبالتالي يتعين عليه إما دفع بعض الرشاوى للجهات القائمة على هذا الأمر أو الذهاب إلى مستشفى خاص.

كما قالت صحيفة “تشرين” المحلية في تقرير لها منتصف الشهر الفائت. عن تلقيها معلومات تفيد بأنه في بعض الأحيان بمستشفى “المواساة” الجامعي بدمشق، في قسم الإسعاف يتم نقل المريض إلى مستشفى خاص. بالاتفاق بين بعض المسعفين وأحد المستشفيات الخاصة مقابل نسبة مالية معينة لكل مريض يتم تحويله إلى المستشفى الخاص.

ويتم الأمر بعدة حجج من قبل المسعفين إما لعدم وجود أماكن، أو بمحاولة إقناع المريض بأنه لن يلقى العلاج بشكل كبير إلّا في مستشفى خاص. بحسب الصحيفة المحلية.

تحاليل غير دقيقة

وضمن سياق متصل، في حين تعتمد المستشفيات والمخابر السورية، في الوقت الحالي على الأجهزة الطبية المستعملة المستوردة من الخارج بوسائل غير نظامية، قال مدير المختبرات في وزارة الصحة السورية، مهند خليل، يوم أمس الثلاثاء، إن المخابر السورية تمر بصعوبات مما أدى إلى ظهور نتائج خاطئة في بعض الاختبارات المخبرية، مشيرا إلى أن عدم وجود ضوابط “كونترولات”، يعني أن نتائج التحليلات ليست مضمونة بنسبة 100 بالمئة.

وأشار خليل، في تصريح لموقع “هاشتاغ” المحلي، إلى أن غياب “الكونترولات” يستلزم المتابعة المباشرة للفحوصات الطبية من قبل طبيب المختبر، كونه الضمانة الوحيدة لصحة النتيجة، التي تعجز معظم المختبرات في سوريا عن توفيرها.

وادعى خليل، أنه خلال السنوات السابقة انقطعت أجهزة الكونترول عن السوق السوري بسبب الحصار الاقتصادي، مما دفع بعض المختبرات إلى الحصول عليها “بطرق مشبوهة”، وبحسب خليل، فإن هذه الأجهزة التي تدخل سوريا بطرق مختلفة لا تخضع لرقابة وزارة الصحة، وبالتالي قد تكون غير دقيقة ونتائجها المخبرية خاطئة.

وحول تكاليف الفحوصات المخبرية التي يعتبرها الكثيرون باهظة، فأوضح خليل أنها لا تقارن بمعدلات التشغيل المطلوبة، منوها إلى أن العمل المختبري يحتاج إلى ظروف فريدة من نوعها، مثل توفير الطاقة الكهربائية لمدة 24 ساعة والوقود، بالإضافة إلى عمليات الصيانة الدورية الضرورية، وعوامل أخرى متنوعة.

وبسبب ارتفاع التكاليف، عمدت بعض المختبرات في سوريا إلى تخفيض شروط إجراء التحاليل، مثل تخفيض نسبة “الكونترولات إن وجدت”، مما أدى إلى عدم دقة العديد من التحاليل المخبرية.

قد يهمك: تصرفات صادمة في دمشق.. سمسرة بنقل المرضى من المشافي العامة إلى الخاصة

نقص المياه مشكلة للمشافي

المعاون الطبي بالهيئة العامة لمشفى الكلية الجراحي بيّن لصحيفة “البعث” المحلية، أن “الأدوية التي تعتبر من الأدوية المزمنة، يتم استجرارها مركزيا من خلال وزارة الصحة، وذلك من خلال رفع الطلبات السنوية للأدوية اللازمة للاستخدام والكميات المطلوبة لتقوم الوزارة بتأمينها، وكذلك المستلزمات الطبية، يتم تأمين قسم منها عبر الوزارة، والقسم الآخر يقوم المشفى بتأمينه، لاسيما أن الوزارة سمحت للهيئات العامة بالشراء المباشر لبعض مستلزماتها بنسبة 10 بالمئة، في حال تأخرت مناقصات الوزارة في تأمين الأدوية والمستلزمات.

وأضاف في حديثه أن أكثر فترة تعتبر عصيبة على المشفى، تلك التي شهدت فيها المنطقة انقطاعا للمياه، علما أن مرضى التحال الدموي يحتاجون إلى كميات كبيرة من المياه لإنجاز عملية الغسيل، فتم العمل على إجراء خلية أزمة، والتواصل مع الهلال الأحمر ومحافظة دمشق، حتى تم تأمين صهاريج مياه.

أما على صعيد زراعة الكلية فقد أوضح محمد أن المشفى تقوم بزراعة الكلية أسبوعيا لمريضين، وذلك بعد القيام بالتحضير من قبل طبيب داخلية، وإجراء كافة الفحوصات والتحاليل اللازمة للآخذ والمعطي للتأكد من تطابق الأنسجة، وبعدها يتم عرض الملف على لجنة الزرع التي تضم ثلاثة أطباء لدراسة إضبارة المتبرع والآخذ، والتأكد من أنها خاضعة للقوانين والشروط اللازمة وفي حال وجود أية مخالفة لا يتم الموافقة على عملية الزرع، أما في حال كانت الإجراءات نظامية فيتم وضع الإضبارة على الدور الذي لا يتجاوز “ثلاثة أشهر” ليتم إجراء العملية، على حد قوله.

وخلال الفترة السابقة، تسبب مسؤولو الدولة بفجوة بين مصنعي الأدوية، الذين لا يزالون يركزون على جني الأرباح من الأدوية التي يتم إنتاجها وضخها في السوق المحلية أو تصديرها إلى الخارج، والمستهلكين، إذ لم يتخذوا أي إجراء هادف لدعم أي من الأطراف في هذه المعضلة؛ ومع ذلك، يبدو أنهم الآن يميلون نحو مالكي المخابر الطبية.

يذكر أن القطاع الطبي الحكومي يشهد، أوضاعا سيئة، تتمثل بـ“الإهمال في تقديم الرعاية اللازمة للمرضى“، وليست كما تدعي الحكومة بأنها تقدم خدمات مجانية وجيدة للمواطنين، كما أن الهجرة في القطاع الطبي، طالت مؤخرا الممرضين، إلى بلدان أخرى كالعراق ولبنان، وبعض المستشفيات فقدت ما يقارب 50 بالمئة من موظفيها خلال العشر سنوات الماضية.

قد يهمك: نتائج التحاليل المخبرية في سوريا غير دقيقة.. ما الأسباب؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.