يعاني المواطنون في سوريا من نقص وتهالك المعدات الطبية، إذ إن الكثير من المستشفيات الحكومية لا تؤمن الأدوات الطبية الحديثة المطلوبة، وفي ظل عدم قدرة معظم الناس على تحمل النفقات الباهظة للعيادات الخاصة، تبرر دمشق هذا العجز بالاستشهاد بالعقوبات الغربية، التي لا تمنع قوانينها استيراد الأجهزة والمعدات والأدوية الطبية.

تحاليل خاطئة

في ظل اعتماد المستشفيات والمخابر السورية، في الوقت الحالي على الأجهزة الطبية المستعملة المستوردة من الخارج بوسائل غير نظامية، قال مدير المختبرات في وزارة الصحة السورية، مهند خليل، اليوم الثلاثاء، إن المخابر السورية تمر بصعوبات مما أدى إلى ظهور نتائج خاطئة في بعض الاختبارات المخبرية، مشيرا إلى أن عدم وجود ضوابط “كونترولات”، يعني أن نتائج التحليلات ليست مضمونة بنسبة 100 بالمئة.

وأشار خليل، في تصريح لموقع “هاشتاغ” المحلي، إلى أن غياب “الكونترولات” يستلزم المتابعة المباشرة للفحوصات الطبية من قبل طبيب المختبر، كونه الضمانة الوحيدة لصحة النتيجة، التي تعجز معظم المختبرات في سوريا عن توفيرها.

وادعى خليل، أنه خلال السنوات السابقة انقطعت أجهزة الكونترول عن السوق السوري بسبب الحصار الاقتصادي، مما دفع بعض المختبرات إلى الحصول عليها “بطرق مشبوهة”، وبحسب خليل، فإن هذه الأجهزة التي تدخل سوريا بطرق مختلفة لا تخضع لرقابة وزارة الصحة، وبالتالي قد تكون غير دقيقة ونتائجها المخبرية خاطئة.

المواد عقبة جديدة

ولا يبدو أن غياب “الكنترولات” هو السبب الرئيسي في أزمة الثقة بنتائج الاختبارات التحليلية في معظم المختبرات، ففي الحالات التي ذكرها مدير المختبرات يشير إلى مسألة أخرى، وهي توافر أجهزة الاختبار التي لا تعمل إلا بنوع معين من المواد، التي لا يمكن الوصول إلى معظمها في السوق.

وادعى خليل، أن دول عديدة منعت مسؤوليها من شحن المواد اللازمة لإجراء اختبارات التحاليل المخبرية إلى سوريا، ونتيجة لذلك توقفت العديد من أجهزة التحليل عن العمل، وهنا يجب الإشارة أن العقوبات المفروضة على سوريا لا تتضمن منع استيراد الأجهزة أو المعدات الطبية.

وأشار خليل، إلى أن بعض المختبرات تحولت إلى شراء المواد الرخيصة، التي لم تخضع للتقييم من قبل وزارة الصحة، مبررة ذلك بارتفاع الأسعار وعدم القدرة على مواكبة المنتجات الأصلية عالية السعر.

ولفت مدير المختبرات في وزارة الصحة، أن بعض المخابر تحاول نقل العينات إلى خارج البلاد مما يشكل عبئا على المواطن، مبينا أنه “لا يمكن لسوريا تركيب مواد بديلة لهذه الأجهزة، ولا يمكننا الحصول على أجهزة جديدة بسبب كلفتها الباهظة”.

وحول تكاليف الفحوصات المخبرية التي يعتبرها الكثيرون باهظة، فأوضح خليل أنها لا تقارن بمعدلات التشغيل المطلوبة، منوها إلى أن  العمل المختبري يحتاج إلى ظروف فريدة من نوعها، مثل توفير الطاقة الكهربائية لمدة 24 ساعة والوقود، بالإضافة إلى عمليات الصيانة الدورية الضرورية، وعوامل أخرى متنوعة.

وبسبب ارتفاع التكاليف، عمدت بعض المختبرات في سوريا إلى تخفيض شروط إجراء التحاليل، مثل تخفيض نسبة “الكونترولات إن وجدت”، مما أدى إلى عدم دقة العديد من التحاليل المخبرية.

ارتفاع الأسعار

خلال الفترة السابقة، تسبب مسؤولو الدولة بفجوة بين مصنعي الأدوية، الذين لا يزالون يركزون على جني الأرباح من الأدوية التي يتم إنتاجها وضخها في السوق المحلية أو تصديرها إلى الخارج، والمستهلكين، إذ لم يتخذوا أي إجراء هادف لدعم أي من الأطراف في هذه المعضلة؛ ومع ذلك، يبدو أنهم الآن يميلون نحو مالكي المخابر الطبية.

عن ارتفاع أسعار الحالي للتحاليل في المختبرات، برر الدكتور غسان شنان، رئيس هيئة المختبرات الطبية، ذلك بوجود مشكلة في قطاع التحليل الطبي بسبب ضعف قدرات المختبرات في السنوات الأخيرة، وذلك لأسباب عدة منها ارتفاع أسعار المواد المخبرية خاصة المستوردة منها التي ارتفعت 100 ضعف، وكذلك ارتفاع سعر صرف الليرة السورية.

وتابع شنان القول، للتلفزيون السوري، في نهاية أيار/مايو الفائت، إن سعر الوحدة الطبية ارتفع من 50 ليرة إلى 1200 ليرة، أي بزيادة 25 ضعفا، وأرخص تحليل طبي هو لمرض السكر، الذي يحتوي على وحدتين، قيمته 2500 ليرة، فيما التحاليل من فئة عالية السعر هي، “فيتامين دي” بـ 40 ألف، و”بي 12″ ب 30 ألف ليرة.

وأوضح شنان أنه نتيجة لارتفاع أسعار المستلزمات المخبرية، تعمد بعض المختبرات إلى استخدام مواد رديئة ورخيصة تؤثر على نتائج الفحوصات، وبالتالي لا يستطيع المريض الكشف عن المشكلة كونه يتعامل مع مادة غير ملموسة.

الجدير ذكره، أن القطاع الطبي الحكومي يشهد، أوضاعا سيئة، تتمثل بـ“الإهمال في تقديم الرعاية اللازمة للمرضى“، كما أن الهجرة في القطاع الطبي، طالت مؤخرا الممرضين، إلى بلدان أخرى كالعراق ولبنان، وبعض المستشفيات فقدت ما يقارب 50 بالمئة من موظفيها خلال العشر سنوات الماضية.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.