واقعيا، العراق يمر بأسوأ مراحله في ملف المياه، فالبلاد تعاني من شح كبير لمياه دجلة والفرات حتى وصل الجفاف فيهما لمستوى غير مسبوق، والسبب في ذلك، تركيا وإيران.

جارتا العراق، تقطعان المياه التي تدخل إلى بغداد من أراضيهما منذ عدة سنوات، لكن أنقرة وطهران زادتا من نسبة القطع، ما جعل الملوحة تملأ ما تبقى من مياه قليلة تدخل إلى العراق.

معدلات إيرادات نهري دجلة والفرات، انخفضت إلى 50 بالمئة عن معدلاتها الطبيعية خلال الأعوام الماضية، لتتسبب بانخفاض مليار لتر مكعب من المياه، وخروج 260 ألف دونم من الأراضي الزراعية المنتجة عن الخدمة، حسب إحصاءات شبه رسمية.

الزاملي يهدّد

الإجراءات التركية، دفعت البرلمان العراقي عبر حاكم الزاملي النائب الأول لرئيس البرلمان، إلى التهديد بتجريم التبادل التجاري مع أنقرة وطهران، إن استمرتا بقطع المياه عن بغداد.

الزامي أكد في مؤتمر صحفي، الخميس، أنه “في حال الوصول لطريق مسدود مع تركيا وإيران واستمرارها بعدم الجلوس على طاولة التفاوضات، فإن البرلمان سيضطر لسن قانون تجريم التعاون الاقتصادي والتجاري معهما”.

هل يمكن للعراق أن ينفذ تهديده حقا؟ أم أن حديث الزاملي مجرد “شو إعلامي” لا أكثر؟ وكيف ستكون آثار ذلك القانون إن تم تشريعه بشكل رسمي؟

بحسب خبير الاقتصاد السياسي عبد الرحمن المشهداني، فإنه من الناحية العملية بإمكان العراق تشريع القانون وتنفيذ تهديده لتركيا وإيران، وستكون الخسارة الاقتصادية كبيرة لأنقرة وطهران.

من الأكثر تضررا؟

المشهداني يضيف لـ “الحل نت”، أن تركيا تعتمد في اقتصادها بشكل واسع على العراق، فبحسب إحصاءات رسمية، صدّرت أنقرة لحوم بيضاء الى 93 دولة في 2021، نصف تلك الصادرات كانت إلى العراق.

ويردف المشهداني، أن 92 دولة بكفة والعراق بكفة أخرى، وتلك أقوى ورقة ضغط يملكها العراق في حال تشريعه لقانون تجريم التعاون التجاري مع أنقرة، وستكون خسارتها كبيرة جدا.

ذات الحال مع إيران؛ لأنها تعتمد في اقتصادها على تصدير جل منتجاتها الزراعية والصناعية إلى العراق، ومردودها الاقتصادي الأول، هو من خلال ما تصدره إلى بغداد، وإن قاطعتها بغداد، فستدخل طهران في أزمة خانقة جدا، وفق المشهداني.

لكن المشهداني يستدرك بقوله، صحيح أن العراق يمكنه عمليا تشريع القانون وسيكبد طهران وأنقرة خسائر اقتصادية فادحة، إلا أن بغداد ستكون الأكثر تضررا من ذلك القانون إن تم إقراره.

ويوضح، أن تجريم التعاون والتبادل التجاري مع أنقرة وطهران حل غير عملي؛ لعدم وجود بدائل محلية للبضائع المستوردة منهما، فالبلاد بلا زراعة وصناعة منذ 2003. وتجريم التبادل التجاري سيتسبب بارتفاع جنوني لأسعار معظم السلع والخدمات الشحيحة أصلا في السوق المحلية العراقية.

عجز مائي

المشهداني يختتم، بأن الحل الأنسب، هو مقاطعة تركيا وإيران بعدم استيراد أهم ما يوفر لهما العوائد المالية، ومنها اللحوم البيضاء والملابس والفواكه والسيارات، من دون قانون لتجريم التبادل، حينها ستضطر أنقرة وطهران للجلوس مع بغداد والتفاوض معها لحل أزمة المياه.

يجدر بالذكر، أن العراق يخسر آلاف المليارات المكعبة من المياه سنويا؛ بسبب ما يمكن تسميتها الحرب المائية التركية الإيرانية عليه.

وانعكس ذلك بشكل كبير على المحافظات التي تعتمد أنهارها على مياه نهري دجلة الفرات والتي منها محافظة الديوانية في جنوبي العراق، وغيرها من المحافظات الغربية والعاصمة بغداد.

وستعاني البلاد من عجز مائي تصل نسبته إلى 10.8 مليار متر مكعب بحلول عام 2035، على حد قول رئيس الجمهورية برهم صالح في تصريح صحفي بوقت سابق.

العجز المائي الذي تحدّث عنه صالح، هو بسبب تراجع مناسيب مياه دجلة والفرات والتبخر بمياه السدود، وقطع حصص بغداد المائية من نهري دجلة والفرات من قبل أنقرة وطهران.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.