تصاعد مسلسل الاغتيالات في درعا وصل إلى مراحل غير مسبوقة، مع استمرار التوتر الأمني، الذي تشهده المحافظة منذ سنوات، إذ طالت الاغتيالات النساء، في سابقة خطيرة.

ومن آخر فصول الاغتيالات في درعا قيام مجهولين بإطلاق النار على سيدة في بلدة طفس غربي المحافظة. وهي واحدة من عشر عمليات اغتيال، طالت النساء في الفترة الماضية. وتُسجّل معظم هذه العمليات ضد مجهول، وسط انعدام المحاسبة والملاحقة الأمنية. ما يفتح الباب للتساؤل عن الجهات التي تقوم بمثل هكذا عمليات، يمكن أن تؤدي إلى توترات شديدة في النسيج الاجتماعي للمحافظة الجنوبية، ومصلحتها في إبقاء الوضع الأمني في المنطقة غير مستقر.

الخلافات العشائرية من أهم أسباب تصاعد الاغتيالات في درعا

الناشط أحمد مسالمة رجّح، في حديثه لموقع “الحل نت”، أن “يكون سبب استمرار الاغتيالات في درعا، وخاصة عمليات الاغتيال الأخيرة، التي طالت النساء، هو الخلافات العشائرية، وليس الصراعات السياسية بين الحكومة السورية والمعارضة”.

وأكد الناشط أن “الأجهزة الأمنية استهدفت سابقا، في منطقة نصيب، سيدة عُرفت بمواقفها المعارضة. فيما تم اغتيال زوجة أحد المتعاونين مع حكومة دمشق في مدينة الصنمين، وادعى منفذو الاغتيال أن مقتل الزوجة لم يكن مقصودا”.

ويتابع المسالمة بالقول: “الاغتيالات في درعا نتيجة لحالة الانفلات الأمني، التي سمحت بتصاعد الخلافات وعمليات الانتقام العشائرية. وهي حالة تتعمد السلطات السورية افتعالها، لإبعاد الأنظار عن إمكانية عودة الحراك الثوري إلى المحافظة”، على حد تعبيره.

تغير خطير في القيم الاجتماعية

مصدر محلي كشف لموقع “الحل نت”، أن “إحدى الاغتيالات في درعا، التي طالت النساء، استهدفت والدة أحد الشباب الذين تم ترحيلهم نحو الشمال السوري بعد المصالحات. وهو شاب متورط بحادثة قتل، فقام بعض المسلحين، الذين ينتمون لعشيرة المقتول، بالتوجه إلى منزل الشاب للأخذ بثأرهم، وعندما لم يجدوه في المنزل أطلقوا النار على والدته. وهي حادثة غريبة ومستهجنة حتى في عرف الانتقام بين العشائر، فالثأر لا يؤخذ من النساء”.

وأضاف المصدر، الذي رفض نشر اسمه لأسباب أمنية واجتماعية، أن “الاغتيالات في درعا حاليا تؤشّر إلى تغير في الأخلاقيات والقيم الاجتماعية السائدة، فاستهداف النساء بات طريقة للانتقام. وكثيرا ما يقوم الموتورون من شخص ما باستهداف أمه أو أخته، رغم أن هذا كان يعتبر عارا عليهم فيما مضى”.

مقالات قد تهمك: ماذا وراء تصاعد عمليات الاغتيالات في درعا؟

الأبرياء ضحايا دائمون للاغتيالات في درعا

الناشطة ريما العلي قالت لموقع “الحل نت” إنه “بتاريخ التاسع من أيار/مايو من العام الجاري أصيبت سيدة وطفلتها إصابات بليغة، نتيجة إطلاق نار من قبل مسلحين مجهولين على سائق تاكسي كانت تستقله”.

مؤكدة أن “الاغتيالات في درعا توقع ضحايا في صفوف نساء لا علاقة لهن بالصراعات والخلافات في المحافظة، باستثناء امرأتين، هما سهى نجم السقر وصباح البردان، اللتين تم استهدافهما بشكل مباشر لمواقفهما السياسية”.

وأشارت العلي إلى أن “الفيلق الخامس، الموالي لروسيا، ألقى القبض قبل فترة على خلية اغتيالات في المحافظة، وقال إن عناصرها اعترفوا بأنهم تابعون للمخابرات الجوية”.

مختتمة حديثها بالقول: “أي شخص يعارض حكومة دمشق في درعا معرض للاغتيال، سواء كان رجلا أو امرأة. وكثير من ضحايا الاغتيالات أبرياء لا علاقة لهم بكل ما يحدث، يموتون بسبب الرصاص الطائش، الذي يطلقه المسلحون مع كل عملية اغتيال”.

وكانت مصادر محلية في درعا اشارت إلى أن فضل جاد الله مصلح، رئيس بلدية إيب، اغتيل مع ابنه الطالب الجامعي معتز، وابنته الطفلة غفران، البالغة من العمر ثماني سنوات.

وشهد شهر نيسان/إبريل الماضي ارتفاعا ملحوظا في عمليات ومحاولات الاغتيال في محافظة درعا، رغم مرور ستة أشهر على اتفاقية التسوية الثانية في المحافظة. إذ أحصى قسم الجنايات والجرائم، في مكتب “توثيق الشهداء في درعا”، تسعين عملية ومحاولة اغتيال، أدت إلى مقتل واحد وخمسين شخصا، بينهم واحد وثلاثون قتيلا من المدنيين ومقاتلي فصائل المعارضة سابقا، الذين دخلوا في اتفاقية التسوية؛ وعشرين قتيلا من المقاتلين الموالين للحكومة السورية.

كما تحدث المكتب عن إصابة خمسة وثلاثين شخصا آخر. بينما نجا أربعة أشخاص من محاولات اغتيالهم، علما أن هذه الإحصائية لا تتضمن الهجمات، التي تعرضت لها حواجز وأرتال القوات النظامية.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.