ها هو زعيم “التيار الصدري” مقتدى الصدر، يخبط المشهد السياسي العراقي، ويقوده إلى الحافة الأخيرة من اللعب، ويبدو أنه يريد أن يشرب القهوة صافية لوحده دون البقية، وإلا فأهلا بمرحلة اللعب بالنار للنظام السياسي الحالي.

الصدر، نفّذ في خطوة مفاجئة لكل خصومه قوله في خطابه المتلفز منذ أيام، بأنه قد ينسحب من العملية السياسية باستقالة كتلته من البرلمان العراقي، وهو ما حصل، هذا الأحد بالفعل، عندما وجه نواب “الكتلة الصدرية” بتقديم استقالاتهم.

بعد التوجيه بدقائق، أظهر مقطع فيديو تقديم رئيس “الكتلة الصذرية”، حسن العذاري، استقالات “التيار الصدري” لرئيس البرلمان محمد الحلبوسي، والأخير وقع عليها بشكل رسمي.

الموقف القانوني للاستقالة، لا يشوبه أي شائبة، والاستقالات باتت رسمية منذ لحظة تقديمها، بحسب 3 خبراء بمجال القانون تواصل معهم “الحل نت”، وهم محمد جمعة وجمال الأسدي وعلي التميمي.

“عرس دون الصدر عزاء”

بعد استقالة أعضاء كتلته الفائزة أولا في الانتخابات المبكرة الأخيرة، وجه مقتدى الصدر، بغلق جميع المكاتب السياسية لـ “التيار الصدري”، وأغلق باب العملية السياسية لكتلته حاليا.

“الإطار التنسيقي” وهو خصم الصدر، قام بعقد اجتماع طارئ بعد خطوة الصدر؛ لأنه أصاب العملية السياسية العراقية بمقتل، ووضعها في “عنق الزجاجة”، والخروج من عنقها يتطلب الكثير والكثير.

عن تداعيات المشهد السياسي جراء استقالة كتلة الصدر من البرلمان، والبالغ عدد نوابها 73 عضوا في البرلمان، يقول المحلل السياسي نجم القصاب، إن القادم معارضة شاملة للمنظومة السياسية الحالية من الصدر.

القصاب يضيف لـ “الحل نت”، أن المتوقع هي تظاهرات سياسية سيقوم بها الصدر عبر جمهوره العقائدي الأكثر انتشارا في البلاد، وهدفها الضغط على خصومه للخروج من الانسداد السياسي الذي افتعلوه.

ويردف، أن الخصوم في مأزق صعب جدا؛ لأنهم لا يستطيعون مطلقا تشكيل أي حكومة لا يشارك فيها “التيار”، فالعرس من دون الصدر مصيره العزاء، ولذا فإن الوفود ستتحرك بشكل يومي إلى الحنّانة في النجف لبيت الصدر.

وفق القصاب، فإن الوفود من “الإطار” وغيره ستحاول إقناع الصدر بالعدول عن قرار الاستقالة، خاصة وأن البرلمان دخل في عطلة الفصل التشريعي الأول، وذلك يعني أنه لن ينعقد إلا بعد شهر من الآن.

انتخابات بمقاسات الصدر؟

المحلل السياسي يقول، إن البلاد مقبلة على شهر لاهب سياسيا، وعلى الأغلب لن يتراجع الصدر عن قراره، وإن تراجع فسيكون وفق شروطه هو وحده لا غيره، وأبرزها تشكيل حكومة أغلبية من دون “الإطار التنسيقي”.

بما أن “الإطار” يرفض حكومة الأغلبية، فإنه من المستبعد أن بتنازل للصدر بها، وبالتالي أمامه فرصة تشكيل الحكومة التي يريدها وهي التوافقية؛ لأن بدلاء الذين استقالوا من “التيار الصدري” سيكونون معظمهم من “الإطار”، حسب القصاب.

ويوضح المحلل السياسي، أن “الإطار” قد يخفق في تشكيل الحكومة؛ لأن هناك الكثير من الأحزاب ترفض الانضمام إليه، وبالتالي سيجد نفسه في ورطة لا يحسد عليها، فهو لم يستطع تشكيل الحكومة ورفض منحها للصدر.

في النهاية، إن لم يتنازل “الإطار” للصدر، فالأخير سيقود تياره الشعبي لتظاهرات عارمة تحرق الكل، والنتيجة انتخابات مبكرة جديدة، ولكن وفق مقاسات الصدر، فلا أحد يستطيع شرب القهوة صافية غيره، يقول القصاب مختتما.

وكان “التيار الصدري” بزعامة الصدر، فاز أولا في الانتخابات المبكرة الأخيرة، التي جرت في 10 تشرين الأول/ أكتوبر المنصرم، بحصوله على 73 مقعدا.

وشكّل الصدر بعد الفوز في الانتخابات المبكرة، تحالفا ثلاثيا مع “الحزب الديمقراطي” الكردستاني بزعامة رئيس إقليم كردستان سابقا، مسعود بارزاني، و”السيادة” بقيادة رئيس البرلمان محمد الحلبوسي.

فشل الأغلبية

“التحالف الثلاثي” سُمّي بتحالف “إنقاذ وطن”، وبلغ عدد أعضائه قرابة 180 نائبا، وكان يسعى الصدر لتشكيل حكومة أغلبية، لكنه لم ينجح في ذلك بسبب “الإطار التنسيقي”.

إذ لم تتقبل قوى “الإطار التنسيقي” الموالية لإيران والخاسرة في الانتخابات، فكرة تشكيل حكومة أغلبية، وأصرّت على تشكيل حكومة توافقية يشترك “الإطار” فيها.

وعاش العراق في انسداد سياسي، نتيجة عدم امتلاك الصدر الأغلبية المطلقة التي تؤهله لتشكيل الحكومة، وعدم قبول “الإطار” بالذهاب إلى المعارضة.

يذكر أن البرلمان العراقي فشل في عقد جلسة انتخاب رئيس الجمهورية التي تمهد لتشكيل الحكومة المقبلة 3 مرات متتالية، بسبب عدم حضور الأغلبية المطلقة من النواب لجلسة انتخاب الرئيس العراقي، التي يفرضها الدستور لعقد الجلسة.

إذ فشل تحالف “إنقاذ وطن” الذي يمتلك الأغلبية البرلمانية بـ 180 مقعدا من تحقيق الأغلبية المطلقة وهي حضور 220 نائبا من مجموع 329 نائبا.

ذلك الفشل، سببه سياسة الترغيب التي مارسها “الإطار” الذي يمتلك 83 مقعدا فقط، مع النواب المستقلين وغيرهم من أجل الوصول لنحو 110 نواب وبالتالي تشكيل الثلث المعطل، الذي لا يسمح بحصول الأغلبية المطلقة، وهو ما حدث بالفعل.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.