يبدو أن الانسداد السياسي في العراق الذي لم يترك مقتدى الصدر أي تجربة لإنهائه دون أن يفلح، قد يدفع بزعيم “التيار الصدري” إلى استخدام ورقته الأخيرة، وهي الأقوى من كل الورقات السابقة.

سعى مقتدى الصدر الذي فاز في الانتخابات المبكرة الأخيرة، إلى تشكيل حكومة أغلبية لكنه لم ينجح لعدم امتلاكه الأغلبية المطلقة، ثم منح فرصة تشكيلها لخصمه “الإطار” وفشل في ذلك.

الورقة الثالثة تمثلت بمنحه فرصة التحاق النواب المستقلين به وتشكيلهم للحكومة المقبلة بالكامل مع منحهم كل حصصه الوزارية، لكنهم فشلوا في ذلك.

آخر الورقات التي لجأ إليها الصدر، هو توجهه إلى المعارضة لمدة أقصاها 30 يوما، تنتهي في منتصف حزيران/ يونيو المقبل، على أن تشكل القوى السياسية الأخرى الحكومة من دونه.

“تشربن” ثانية

مع عدم وجود أي نتائج تشير إلى إمكانية تشكيل الحكومة من قبل كل الأطراف السياسية، واستمرار حالة الانسداد السياسي، قد يتجه الصدر إلى استخدام ورقته المفضلة، وهي الشارع.

إذ بحسب تقرير لصحيفة “المدى” البغدادية، الأربعاء، فإن “الأيام المقبلة ستشهد تظاهرات كبيرة في عموم البلاد”، وذلك نقلا عن قيادي في “التيار الصدري”، رفض الكشف عن اسمه.

وأشار القيادي “الصدري”، إلى أن التظاهرات ستكون “ثورة جديدة” أشبه بـ “انتفاضة تشرين” التي خرجت في تشرين الأول/ أكتوبر 2019، “لكنها ستكون مدوية على جميع القوى السياسية”.

ولفت إلى، أن “هذه التظاهرات ستنطلق قبل أن يتوجه الصدر للنزول إلى الشارع ونصب خيمته في العاصمة بغداد (…) لوجود نقمة شعبية كبيرة؛ جراء تعطل تشكيل الحكومة العراقية الجديدة”.

سبق وأن نصب زعيم “التيار الصدري”، مقتدى الصدر خيمته في بغداد في عام 2016، وسط المنطقة الخضراء، التي تعد معقل الحكومة والبرلمان والبعثات الدبلوماسية الدولية.

اقتحام البرلمان وهروب النواب

شهد عام 2016، تظاهرات واسعة من قبل “التيار الصدري”، احتجاجا على الفساد السياسي والبطالة ونقص الخدمات، ونجح “الصدريون” في اقتحام مبنى البرلمان العراقي، وفر عشرات النواب خارج بغداد وقتئذ، فيما تعرض بعضهم للاعتداء من قبل المتظاهرين.

ويمتلك الصدر أكبر جمهور يتبعه ويناصره في العراق، وعادة ما يتجاوز عدد أنصاره الذين يخرجون بدعوة منه إلى التظاهر، المليون ونصف المليون شخص في عموم العراق، وخاصة في محافظات الوسط والجنوب.

وينقسم المشهد السياسي الحالي في العراق، إلى صراع ثنائي بين تحالف “إنقاذ وطن” بقيادة زعيم “التيار الصدري” مقتدى الصدر، و”الإطار التنسيقي” بقيادة زعيم “ائتلاف دولة القانون”، نوري المالكي.

ويضم تحالف “إنقاذ وطن”، كتلة “التيار الصدري” مع “الحزب الديمقراطي الكردستاني” بزعامة مسعود بارزاني وتحالف “السيادة” بزعامة رئيس البرلمان محمد الحلبوسي.

بينما يضم “الإطار التنسيقي”، جميع القوى الشيعية الموالية إلى إيران والخاسرة في الانتخابات المبكرة الأخيرة التي جرت في 10 تشرين الأول/ أكتوبر المنصرم.

رغبة الصدر

يسعى مقتدى الصدر الفائز أولا في الانتخابات المبكرة، إلى تشكيل حكومة أغلبية سياسية بعيدا عن إشراك “الإطار التنسيقي” فيها، بينما يطمح “الإطار” إلى حكومة توافقية يتم إشراكهم بها.

ويعيش العراق في انسداد سياسي، نتيجة عدم امتلاك الصدر الأغلبية المطلقة التي تؤهله لتشكيل الحكومة، وعدم قبول “الإطار” بالذهاب إلى المعارضة.

وكان مقتدى الصدر، أكد في وقت سابق عبر حسابه بموقع “تويتر”: “لن أتحالف معكم (…) وأن الانسداد السياسي أهون من التوافق مع التبعية”، في إشارة منه إلى تبعية “الإطار” لإيران.

يذكر أن البرلمان العراقي فشل في عقد جلسة انتخاب رئيس الجمهورية التي تمهد لتشكيل الحكومة المقبلة 3 مرات متتالية، بسبب عدم حضور الأغلبية المطلقة من النواب لجلسة انتخاب الرئيس العراقي، التي يفرضها الدستور لعقد الجلسة.

إذ فشل تحالف “إنقاذ وطن” الذي يمتلك الأغلبية البرلمانية بـ 180 مقعدا من تحقيق الأغلبية المطلقة وهي حضور 220 نائبا من مجموع 329 نائبا؛ بسبب سياسة الترغيب التي مارسها “الإطار التنسيقي” الذي يمتلك 83 مقعدا فقط، مع عدد من النواب المستقلين وغيرهم من أجل الوصول لنحو 110 نواب وبالتالي تشكيل الثلث المعطل الذي لا يسمح بحصول الأغلبية المطلقة، وهو ما حدث بالفعل.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.