في ضوء ندرة الطاقات التقليدية وكطريقة للخروج من المشاكل العميقة الجذور التي تعاني منها سوريا، أصبح استخدام الطاقات المتجددة ضرورة هامة خصوصا للمواطن، ولكن وبالرغم من انتشار وترويج أهميتها وفوائدها الطويلة الأجل، إلا إن التكاليف المرتفعة للتنفيذ كانت ولا تزال تشكل حجر عثرة أمام من يرغبون في اعتمادها، فهل ستنجح الأنظمة والقرارات الجديدة التي تحدد آلية عمل الصندوق الوطني للطاقات المتجددة بخلق فرصة للمواطنين والمستثمرين على اقتنائها.

دعم بأعلى نسبة

بموجب القانون رقم 32 لعام 2021، أنشئ صندوق لتحفيز استخدام الطاقة المتجددة، وزيادة كفاءة الطاقة، ومساعدة الصناعات المستهدفة عن طريق إصدار قروض بدون فائدة أو دعم فوائد القروض المقدمة من مصرف عام.

ويستهدف الصندوق جميع مستهلكي الطاقة في القطاع الخاص الذين يرغبون في إقامة مشروع للاستفادة من الطاقات المتجددة مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والطاقة الحرارية الأرضية والكتلة الحيوية وطاقة الأمواج، من أجل تشجيع المواطنين على استخدام الطاقة المتجددة والحد من استهلاك الوقود والطاقة الكهربائية في جميع القطاعات الاقتصادية، مع خلق فرص عمل والمساهمة في تسوية ونقل التكنولوجيا المتجددة.

وفي هذا الصدد، وضع الصندوق مؤخرا مجموعة من القواعد والقوانين التي تنظم عملياته، وتضمنت جميع المشاريع المستهدفة للصندوق، وطريقة إصدار القروض، والمدد الزمنية اللازمة لها، بحسب ما قاله المدير العام للصندوق، زهير مخلوف، في تصريح لصحيفة “البعث” المحلية، أمس الأربعاء.

وأوضح مخلوف، أن القرار تضمن “دعم بنسبة 100 بالمئة” لشبكة الكهرباء أو توربينات الرياح من تكلفتها؛ بشرط أن تكون قدرتها 35 كيلو واط، وقرض بحد أقصى 15 سنة، على أن يبدأ خصم الأقساط الشهرية بعد ثلاثة أشهر من الانتهاء من التثبيت، وأن تكون طريقة الدفع أو قيمة القسط وفقا للاتفاق الإطاري مع المصارف ووفقا للقيمة الفعلية للقرض.

وحدد مخلوف خلال حديثه، الحد الأقصى لسعر الفائدة المدعوم على القروض المقدمة بموجب الاتفاق، فضلا عن أن الدعم شمل السخان الشمسي المنزلي بقدرة 300 لتر لمدة خمس سنوات، والعزل الحراري بنسبة 100 بالمئة من كلفة العزل على مساحة 100 متر مربع من الجدران والأسقف لمدة عشر سنوات.

 وإما المنظومة الكهربائية أو توربينات رياح يدعمها المشروع بتكلفة 100 بالمئة وبطاقة 20 كيلوواط لمدة عشر سنوات، والهاضم الحيوي بنسبة 100 بالمئة من كلفته لمدة عشر سنوات، على أن يكون حجم الإنتاج 14 مترا مكعبا، كما شمل الدعم الكامل المنظومة الكهربائية أو العنفات الكهروريحية التي تبلغ طاقتها القصوى 20 كيلو واط لمدة خمس سنوات.

بالإضافة إلى تنفيذ قرض لتوفير حوامل الطاقة الناجمة عن دراسات تدقيق طاقي بنسبة 100 بالمئة من قيمة الوفر السنوي من مختلف حوامل الطاقة والكهرباء المستهلكة في المنشأة بما يعادل 50 ألف كيلو واط ساعي أو 12 طن من (الفيول أويل) كحد أقصى لمدة ثلاثة سنوات، ويدعم إنتاج الوقود للنشاط الخاص بالمنشآت الصناعية بذات النسبة والمدة.

ما المقابل؟

التمويل الذي أعلن عنه مدير صندوق دعم الطاقة المتجددة، ليس مجاني 100 بالمئة، إذ قال في معرض حديثه، أن الصندوق سيدعم من اعتمادات الموازنة العامة للدولة، ومن مصادر تمويل دائمة، وهي وفق قوله، ستكون من رسوم تحسب لصالح الصندوق، طبقا لأحكام القانون رقم (23) للعام الجاري، وهي 1 بالمئة من قيمة الكهرباء التي يستهلكها جميع المكتتبين، فضلا عن 5 بالمئة من التعريفة الجمركية لبيع المشتقات النفطية والغاز المسال، و5 بالألف من قيمة التجهيزات والآليات السياحية المستهلكة لحوامل الطاقة التقليدية المستوردة من الخارج.

كما أعرب مخلوف عن قلقه، من أن يتم تحديد شروط وأحكام منح القروض ودعم أسعار الفائدة على القروض وفقا لاتفاق إطاري مبرم مع المصارف العامة، وأن يتم تجديد قيمة القرض للمشاريع المذكورة استنادا إلى قيمة المعدات التي يقترحها المركز الوطني لبحوث الطاقة كل ثلاثة أشهر أو كلما دعت الحاجة بعد موافقة مجلس الإدارة.

من جهة أخرى، أكد القرار على توافر عدة شروط لدى الجهة المنفذة للمشاريع المدعومة، أهمها أن تكون من بين الشركات التي حصلت على شهادة اعتماد صادرة عن المركز الوطني لبحوث الطاقة، ومعتمدة من مجلس إدارة الصندوق، حيث يتم اختيارها لتنفيذ مشروع لصالح المنتفع مع مراعاة معايير الاعتماد التي وضعها المركز الوطني لبحوث الطاقة.

كما يجب تقديم الضمانات في شكل “ضمان أو كفالة أوما شابه ذلك” حسب حاجة الصندوق لضمان جودة التنفيذ والمعدات. وجاء في القرار أيضا أن المواد والمعدات المستخدمة في المشاريع يجب تسعيرها وفقا للتكاليف الإرشادية للمركز الوطني لبحوث الطاقة، فضلا عن المعايير التقنية للمركز.

وبيّن مخلوف، أنه عندما يرغب أحد المواطنين في الحصول على قرض للطاقات المتجددة بأي شكل كان، فإن الطلب يقدم إلى أحد المصرف التجاري للحصول على القرض، ويتم خصم قيمة القرض من حساب الصندوق التجاري ومن ثم يحال إلى سلطة تنفيذ المشروع كقيمة للمعدات والأجور.

كما أن هناك اتفاق إطاري مبرم مع البنوك العامة والخاصة بإشراف البنك المركزي السوري، من أجل استكمال عمليات منح القروض أو الإبقاء على أسعار الفائدة على القروض قيد الإصدار في حال الرغبة في الحصول على قرض من طرف ثالث، كالبنوك الخاصة.

ونتيجة لهذا فإن الطلب يرسل إلى إدارة الأموال، المسؤولة عن دفع قيمة الفائدة على القرض، في حين يدفع المقترض رأس المال فقط، وعن معدلات الفائدة التي ستدفع للمصارف الخاصة، قال مخلوف أنها ستحدد في الحد الأدنى لسعر الفائدة الخاص بالبنك المركزي.

جدوى الطاقة المتجددة في سوريا

الطاقة المتجددة، وخصخصة الطاقة، مفاهيم لا تزال تتردد بين فترة وأخرى على لسان مسؤولين سوريين، في ظل الانهيار الذي تعاني منه شبكة الطاقة الكهربائية في سوريا، سيما وأن الحكومة السورية عاجزة عن إجراء الصيانة اللازمة لها، ما يجعلها محل انتقاد كبير ومستمر من قبل المواطنين.

وزير الكهرباء السوري غسان الزامل، قال في بداية أيار/مايو الفائت، إن الوزارة هيأت بيئة تشريعية جديدة للاستثمار في مجال الطاقة المتجددة، مضيفا أن سوريا تمتلك مقومات تشجع على تطبيق الطاقات البديلة، إذ تصل الأيام المشمسة إلى 300 يوم في العام، يمكن الاستفادة منها في توليد الطاقة الكهروضوئية، بحسب موقع “هاشتاغ” المحلي.

الكاتب المتخصص في الشؤون الاقتصادية، سمير طويل، قال خلال حديث سابق لـ “الحل نت” إن خطة تحرير أسعار الكهرباء لدى الحكومة السورية، هو أمر طبيعي ويندرج ضمن المخطط الأشمل المتعلق برفع الدعم عن الحاجات الأساسية للمواطنين الذي تنتهجه دمشق خلال الآونة الأخيرة.

وأوضح أن دمشق تسعى للقول أن كلفة استجرار الطاقة الكهربائية وتوزيعها هي كلفة مرتفعة نتيجة ارتفاع أسعار الوقود، وبالتالي لابد من اختلاف تسعيرة الكهرباء ويتم تحرير الأسعار في هذا القطاع. وبالتالي يتم التملص من دعم المواطنين ضمن هذا القطاع.

الجدير ذكره، بأن قيام وزارة الكهرباء السورية بتوفير الاستثمارات لبناء محطات توليد كهربائية بتمويل من الحكومة عن طريق القروض الميسرة أو تسهيلات دفع مالية لا يعتبر الحل الأنجع لتلبية الطلب على الكهرباء والتخفيف من الطلب على “الفيول أويل” والغاز الطبيعي اللازمين لتوليد الكهرباء، وذلك بسبب الدعم المباشر المقدم لسلعة الكهرباء.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.