تكهنات كثيرة خلال الفترة الماضية، دارت حول إمكانية أن تؤدي الهجمات الإسرائيلية، والمحاولات العربية، لتخلي بشار الأسد عن علاقته بإيران، أو على الأقل الحد منها، بحيث يتم إخراج الميليشيات الإيرانية من سوريا، وبشكل خاص الجنوب السوري الذي يؤرق كل من إسرائيل، والدول العربية المجاورة.في المقابل فإنه ووفق تقديرات متابعين فإن العلاقة بين الطرفين قد يكون من الصعب كسرها أو تخفيفها، وخاصة مع التمدد الإيراني مؤخرا جنوب سوريا، عقب الانسحابات الروسية، والذي أثار حفيظة الأردن وإسرائيل على حد سواء.

لا تحول في العلاقة السورية الإيرانية

مركز تفكير إسرائيلي، استبعد في دراسة يوم أمس الأربعاء، أن تسهم الهجمات التي ينفذها الجيش الإسرائيلي، في العمق السوري، والتي كان آخرها استهداف مدرجين بمطار دمشق الدولي وبعض منشآته، ما أدى إلى خروجه عن الخدمة، في إحداث تحول على طابع العلاقة بين حكومة دمشق وإيران.

“المركز اليروشلمي للشؤون العامة والدولة” توقع  ألا يخضع بشار الأسد للضغوط التي تمارسها عليه إسرائيل من خلال تكثيف الهجمات، وأن يعمل على منع إيران من مواصلة تهريب السلاح والوسائل القتالية من خلال مطار دمشق وبواسطة الطيران المدني.

وبحسب الدراسة، فإن الأسد يدرك أنه مدين ببقائه في الحكم إلى الجهود التي بذلتها إيران، مما يقلص من فرص استجابته للضغوط الإسرائيلية.

الخبير العسكري، إبراهيم الجباوي، أكد خلال حديثه لـ”الحل نت”، أن العلاقة بين الأسد وإيران علاقة قديمة ومتجددة واستراتيجية، بدأت بشكل فعلي منذ دخول القوات السورية إلى لبنان في السبعينات وإنشاء “حزب الله” لاحقا، لتتطور هذه العلاقة بشكل لا يمكن فصلها فيما بعد.

وأشار الجباوي، إلى أن الأسد لا يمكنه التخلي عن إيران، لأسباب عديدة، منها إغراقه بالديون، بالإضافة إلى أن إيران هي من دعمت بقاءه في السلطة خلال السنوات الماضية مع روسيا، وقد بلغت السيطرة الإيرانية على سوريا والأسد لدرجة أن الأخير لا يملك الجرأة لاتخاذ هذا القرار.

وقد أشار الأسد نفسه، خلال مقابلته قبل أيام مع تلفزيون “روسيا اليوم” إلى متانة علاقته بإيران، حيث شدد على أن هذه العلاقة “لا يمكن أن تحددها أي دولة”، مضيفا أن “الدول التي تطلب قطع علاقتنا مع إيران هي نفسها اليوم تحاور إيران”.

قد يهمك:دور خليجي خجول في سوريا.. ما أهدافه؟

لاخيار للأسد في الذهاب نحو العرب

العديد من الدول العربية، عملت خلال العامين الأخيرين على التطبيع منخفض المستوى بالتدريج مع حكومة دمشق، وجرت عدة زيارات من مسؤولين عرب إلى دمشق، من بينها زيارة وزير الخارجية الإماراتي عبدالله بن زايد، نهاية العام الماضي، وزيارة الأسد للإمارات في آذار/مارس الماضي وإعادة بعض البعثات الدبلوماسية، ومؤخرا قيام البحرين بتعيين سفير فوق العادة في دمشق، إلا أن ذلك كله لم يعط أي نتائج مرجوة على الأقل بالحد من العلاقات السورية الإيرانية.

إبراهيم الجباوي، أوضح بأنه قد جرى الحديث خلال زيارة الأسد للإمارات حول عودة سوريا للجامعة العربية، ولكن تم وضع عدة شروط أبرزها الابتعاد عن المحور الإيراني، كما تم الحديث حول فكرة التطبيع مع إسرائيل.

ولكن وحسب الجباوي، فإنه وفي زيارة الأسد لطهران والتي تم استدعاؤه فيها من قبل المرشد الإيراني، وفق تعبيره، رفضت إيران فكرة التطبيع بشكل نهائي مع إسرائيل، كما حذرت الأسد من أن أي عودة للجامعة العربية يجب ألا تكون مشروطة أبدا.

وفي وقت سابق، قال الكاتب السياسي حسان الأسود في حديث لـ”الحل نت”، إن “، أن ما قامت به البحرين قبل مؤخرا، ودول أخرى، هو جزء من الإجراءات أو الخطة التي تقوم على مقاربة خليجية ومصرية وأردنية، لاحتواء حكومة الأسد، ومحاولة إبعادها عن إيران.

وأضاف الأسود، أن هذه المحاولات ستبوء بالفشل، لأن ارتباط  دمشق بطهران ارتباط بنيوي، ولا يوجد هناك أي مغريات تدفع الأسد للتخلي عن هذا الحلف الاستراتيجي، فالأسد يلعب على التناقضات بين روسيا وإيران، ومصالحهما بالدرجة الأولى، ويبتز الخليج ودول المنطقة بأكملها من خلال الوجود الإيراني في سوريا، فهو لديه ورقة ضغط قوية لا يمكنه التنازل عنها.

إقرأ:قصف إسرائيلي على دمشق بخسائر عسكرية معلنة

قناعة إسرائيلية بعدم جدوى المحاولة

بحسب دراسة مركز التفكير، فإن إسرائيل تعي أنه ليس بوسعها إحداث قطيعة بين الأسد وإيران بسبب اعتماد بقاء نظامه على العلاقة معها، لكنها في المقابل معنية بالحفاظ على قواعد اللعبة التي كانت سائدة حتى الآن، وضمنها عدم توظيف الطيران المدني في عمليات تهريب السلاح.

ونقل المركز عن أوساط سياسية إسرائيلية بارزة قولها إن الهدف من الهجمات الأخيرة الإيضاح للأسد أن سوريا ستدفع “ثمنا باهظا بسبب مواصلة إيران تمركزها العسكري”، مشيرا إلى أن إسرائيل لا تهدف إلى إسقاط حكومة دمشق  “لكن النظام ورموزه السيادية سيدفعان الثمن المطلوب”.

وفي هذا السياق، يرى الجباوي، أن إسرائيل أدركت الحزئية المتعلقة بعلاقة الأسد بإيران ومتانتها، وهي جزئية مهمة لولاها لسقط الأسد منذ سنوات، لذلك بدأت مؤخرا بتصعيد هجماتها وجعلها أكثر دقة وتدميرا كما في قصف مطار دمشق الدولي مؤخرا، كما صرحت بأن قصور الأسد باتت إحدى الأهداف الإسرائيلية القادمة.

وأضاف الجباوي، أنه حتى بالنسبة للجانب العربي، فقد أكدت المعطيات الأخيرة على أن الأسد يتماهى مع إيران ضد العرب، وقد أدركت الدول العربية مدى سيطرة إيران على الأسد وقراره، خاصة بعد زيارته الأخيرة لطهران.

كما بدأت إسرائيل والدول العربية، باستشعار حقيقي لخطر الميليشيات الإيرانية جنوب سوريا، ما دعا الأردن إلى إعادة النظر بمبادرة اللاورقة في التطبيع مع دمشق، وهذا مؤشر على تغيير في الموقف العربي، لذلك لا بد من وقوف الدول العربية وإسرائيل على حد سواء لمواجهة الخطر الإيراني الذي بات أقرب من أي وقت على المنطقة، بحسب الجباوي.

قد يهمك:بين قصف مطار دمشق وقصر الأسد.. ماذا تريد إسرائيل في سوريا؟

وكان حسان الأسود، قد أضاف في وقت سابق، أن مساعي الدول العربية وجهودها لهذا التقارب لن يأتي بأي نفع على هذه الدول، ولا على القضية السورية والشعب السوري، بل سيزيد الأمور سوءا.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.