التحركات الخليجية نحو الملف السوري، شهدت خلال السنوات الثلاث الماضية تحولات مختلفة، ففي الوقت الذي أعادت فيه بعض الدول علاقاتها الدبلوماسية مع دمشق، لا تزال تصر دول أخرى على عدم إعادة العلاقات إلا وفق شروط محددة، أبرزها التوصل لحل سياسي للأزمة السورية، وقطع العلاقات السورية مع إيران أو الحد منها.

خلال هذه السنوات لم ينتج عن العلاقات المحدودة التي عادت مع حكومة دمشق أي آثار إيجابية على هذه الدول أو على حكومة دمشق، وعلى الرغم من ذلك تصر بعض الدول على ترقية علاقاتها مع دمشق كما فعلت البحرين مؤخرا بتعيين سفير فوق العادة لها في دمشق، رغم الرفض الدولي لإعادة تعويم سياسي أو اقتصادي لحكومة دمشق، قبل الوصول لانتقال سياسي حقيقي وكامل في سوريا.

إيران أكثر أهمية للأسد من العرب؟

محاولات عديدة سعت إليها الدول العربية التي طورت علاقاتها السياسية مع دمشق، وفي مقدمتها الإمارات، والتقى مسؤولوها بالرئيس السوري بشار الأسد، من أجل إعادة دمشق للحضن العربي، وكف يد إيران في سوريا، لكنها لم تفلح حتى الآن.

وفي هذا السياق، يرى الكاتب السياسي، حسان الأسود، خلال حديثه لـ”الحل نت”، أن ما قامت به البحرين قبل أيام، هو جزء من الإجراءات أو الخطة التي تقوم على مقاربة خليجية ومصرية وأردنية، لاحتواء حكومة الأسد، ومحاولة إبعادها عن إيران.

وأوضح الأسود، أن هذه المحاولة ستبوء بالفشل، لأن ارتباط دمشق بطهران هو ارتباط بنيوي، “لا يوجد هناك أي مغريات تدفع الأسد للتخلي عن هذا الحلف الاستراتيجي، فالأسد يلعب على التناقضات بين روسيا وإيران، ومصالحهما بالدرجة الأولى، ويبتز الخليج ودول المنطقة بأكملها من خلال الوجود الإيراني في سوريا، فهو لديه ورقة ضغط قوية لا يمكنه التنازل عنها”.

في سياق متصل، كشف الأسد عن استمرار العلاقات مع دول عربية عديدة بعد العام 2011، من بينها دول سحبت بعثاتها الدبلوماسية من دمشق، مشيرا إلى أن بعض شركاتها تشارك الآن في “عملية إعادة الإعمار” وفق وصفه رغم العقوبات الدولية، وذلك في مقابلة أجرتها معه قناة “روسيا اليوم” الخميس الماضي، بحسب متابعة “الحل نت”.

وقال الأسد، إن “العلاقات مع الدول العربية لم تتغير كثيرا في المضمون، ومعظم الدول العربية بقيت على علاقة معنا، حتى تلك التي سحبت بعثاتها الدبلوماسية، حافظت على عواطفها الإيجابية”، بحسب وصفه.

أما حول علاقته مع إيران، شدد الأسد، على أن علاقته مع إيران “لا يمكن أن تحددها أي دولة”، مضيفا أن “الدول التي تطلب قطع علاقتنا مع إيران هي نفسها اليوم تحاور إيران”، في إشارة منه للسعودية.

إقرأ:بعد تعيين البحرين سفير في سوريا.. ماذا يعني “سفير فوق العادة”؟

ما آثار الدور الخليجي؟

الأسد ومن خلال إعادة بعض العلاقات العربية معه، يحاول ابتزاز دول الخليج العربي، من الناحية الاقتصادية، من خلال مشاريع إعادة الإعمار، أو حتى ابتزازهم بمبالغ مالية، في ظل انهيار الاقتصاد السوري، لكن ذلك حتى لو تم فلن ينعكس بأي أثر إيجابي على الشعب السوري.

حسان الأسود، يرى أن مساعي الدول العربية وجهودها لهذا التقارب لن يأتي بأي نفع على هذه الدول، ولا على القضية السورية والشعب السوري، بل سيزيد الأمور سوءا.

السفير البحريني “فوق العادة” في دمشق، وحيد مبارك السيّار، بين خلال لقائه وزير الخارجية فيصل المقداد، أن البحرين ترغب في تعزيز علاقاتها مع سوريا وخلق تعاون مشترك معها في كل المجالات، كما أنها تتطلع إلى بناء علاقات وتوسيعها لصالح الجانبين، مضيفا أنه سيسعى لتفعيل اتفاقيات التعاون الموقعة بهدف تفعيل التعاون وتطويره إلى أعلى المستويات، كما أنه يتطلع لعقد اجتماعات اللجنة الاقتصادية المشتركة بين البلدين في أقرب وقت ممكن.

وفي آذار/مارس الماضي، زار الأسد الإمارات، من أجل محاولة الحصول على دعم اقتصادي، فالوضع الاقتصادي في سوريا، في مناطق الحكومة السورية في أسوأ حالاته على الإطلاق، والسبب المباشر الأخير لهذا التدهور هو الغزو الروسي لأوكرانيا، والذي تزامن مع عوامل اقتصادية أخرى، لذلك يسعى الأسد من خلال زيارته تلك للإمارات للحصول على دعم إنساني واقتصادي، إضافة لنقاش ملفات سياسية مرتبطة بتطبيع العلاقات بين الطرفين، حسب حديث سابق للدكتور كرم الشعار، مدير الأبحاث في مركز السياسات وبحوث العمليات، لموقع “الحل نت”.

وأوضح الشعار، أنه من المستبعد أن تأخذ الإمارات مواقف تطبيعية مباشرة مع الرئيس السوري، بسبب الامتعاض الذي واجهته من الدول الغربية، وحتى من السعودية تجاه الزيارة الأخيرة التي قام بها وزير الخارجية الإماراتي، عبد الله بن زايد إلى دمشق، والتي التقى خلالها بالأسد، وبحسب متابعين، فإن البحرين ستواجه نفس الامتعاض خلال الأيام القادمة.

قد يهمك:الإمارات والأسد.. الاقتصاد ممنوع وإيران هي القاسم المشترك

بعد زيارة الأسد للإمارات في آذار/مارس الماضي، علق الناطق باسم الخارجية الأميركية، نيد برايس، على هذه الزيارة، أن الوزير أنتوني بلينكن قال إن “الولايات المتحدة لا تدعم جهود إعادة تأهيل الأسد، ولا تؤيد قيام الآخرين بتطبيع العلاقات معه، وكانت واضحة مع شركائها بهذا الشأن”، بحسب متابعة “الحل نت”.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.