بعد أن قررت البحرين إعادة العلاقات الدبلوماسية بشكل كامل مع الحكومة السورية من خلال تعيين سفير جديد في سفارتها في دمشق في 30 كانون الأول/ديسمبر 2021، رأى خبراء أنه ليس من المفاجئ أن تصبح المنامة الدولة العربية التالية التي تصلح العلاقات مع دمشق بعد الإمارات.

مثل هذه الخطوة مهمة بالتأكيد، في حين أن القرار يمثل استمرارا للجهد التدريجي، وإن كان متسارعا، من قبل العالم العربي والمجتمع الدولي لتجاوز الصراع، إلا أنه يمكن أن يقدم أيضا نظرة ثاقبة مهمة لحالة السياسة الخليجية، لا سيما بعد تعيين “سفير فوق العادة مفوض” للبحرين في دمشق.

إصلاح سياسي أم تجاري؟

بعد أن كانت البحرين ثاني دولة خليجية تتخذ قرار سحب بعثتها الدبلوماسية بعد المملكة العربية السعودية من سوريا، إلا أنها تعتبر الأولى عربيا وخليجيا تتخذ قرار بتسمية سفيرا لها “فوق العادة” في دمشق.

وزير الخارجية السوري، فيصل المقداد، تسلم الخميس الفائت، أوراق اعتماد سفير البحرين في دمشق وحيد مبارك السيّار “سفيرا فوق العادة مفوضا” للبحرين لدى سوريا.

وخلال اللقاء الذي نقلته وكالة الأنباء السورية “سانا”، دعا المقداد إلى “ضرورة العمل على تنقية البيئة العربية وتحسين الوضع العربي لمعالجة القضايا المشتركة”، مؤكدا التزام دمشق “بأفضل العلاقات مع البحرين”.

من جانبه، قال سفير البحرين في دمشق، إن “البحرين ترغب في تعزيز علاقاتها مع سوريا وخلق تعاون مشترك معها في كل المجالات”، كما أنها “تتطلع إلى بناء علاقات وتوسيعها لصالح الجانبين”.

وتابع السيار حديثه، “سأسعى لتفعيل اتفاقيات التعاون الموقعة بهدف تفعيل التعاون وتطويره إلى أعلى المستويات”، مضيفا أنه “يتطلع لعقد اجتماعات اللجنة الاقتصادية المشتركة بين البلدين في أقرب وقت ممكن”.

تعيين سفيرا مفوضا فوق العادة للبحرين، جاء بالتزامن مع مقابلة الرئيس السوري، بشار الأسد، مع قناة “روسيا اليوم”، والذي تحدث فيها عن العلاقات مع الدول العربية، حيث ذكر الأسد، أن “العلاقات السورية العربية خلال الحرب لم تتبدل كثيرا بالمضمون، معظم الدول العربية حافظت على علاقتها مع سوريا، معظم الدول العربية كانت تقف مع سورية معنويا”.

وتابع الأسد، “حتى التي سحبت بعثاتها الدبلوماسية حافظت على العلاقة، وحافظت على العواطف الإيجابية تجاه سوريا من دون أن تكون قادرة على القيام بأيّ شيء”.

من هو السيّار؟

في سياق عودة العلاقات مع دمشق، تنظر البحرين إلى أي جهد لمواجهة النفوذ الإيراني في ضوء إيجابي بالنظر إلى تاريخه في التحالف مع المملكة العربية السعودية، ومن المحتمل أن يكون هذا أمرا حاسما في حسابات المنامة، لأنها تلتزم عادة بجيرانها فيما يتعلق بالسياسة الخارجية – وتحديدا سياسة الرياض.

شغل سفير البحرين، وحيد مبارك السيّار، منذ دخوله السلك الدبلوماسي، عدة مناصب، إذ التحق بسفارة المملكة لدى تونس كنائب للمندوب الدائم للبحرين لدى جامعة الدول العربية، خلال الفترة الممتدة بين عامي 1980 – 1986.

ووفقا لموقع الخارجية البحرينية، فإنه بين عامي 1988 – 1996، عمل مستشارا في سفارة البحرين لدى مصر، ونائبا للمندوب الدائم للبحرين لدى الجامعة العربية، لينتقل بعدها إلى العمل في سفارة البحرين لدى المملكة المتحدة.

وفي عام 2001، عيّن السيّار سفيرا للبحرين في دمشق، وبقي في منصبه حتى عام 2008، ليعود في عام 2011 ويعين سفيرا للبحرين لدى دول قطر، وفي الفترة الممتدة ما بين عامي 2015 – 2021، تسلم السيّار منصب وكيل وزارة الخارجية للشؤون الإقليمية ومجلس التعاون الخليجي، ومنها أخيرا إلى سفارة البحرين لدى دمشق بمنصب سفير فوق العادة.

ماذا يعني مصطلح سفير فوق العادة؟

السفير فوق العادة، هي المكانة الدبلوماسية الأعلى بين مناصب السفراء؛ فكثيرا ما تعطى لشخص يعهد إليه بمهام خاصة لبلده في دول أخرى أو منظمات دولية، وتمكنه غالبا من إمكانيات استثنائية لأداء مهمته.

تاريخيا استخدم مصطلح “سفير فوق العادة” لوصف الأشخاص الذين يمثلون بلدانهم في الخارج، وأنشأ مؤتمر فيينا في عام 1815 نظاما للرتب الدبلوماسية بموجب القانون الدولي، تضمن التمييز بين السفير و”السفير فوق العادة والمفوض”.

والفرق الأساسي بين “السفير فوق العادة” و”السفير العادي”، هو أن لهذا الأخير وظيفة محددة، في حين يتمتع الأول “بصلاحيات موسعة”، وهي عبارة قانونية تشير إلى القدرة على إبرام اتفاقات باسم الدولة أو الكيان الذي يمثله.

وتعين بعض الدول السفير المفوض فوق العادة لبعض موظفيها، لتكليفهم بمسؤوليات خارجية متخصصة لا تحتاج إلى إقامة مطولة في الخارج، ويعملون كمستشارين لحكوماتهم، إذ يجب أن يتمتع “السفير فوق العادة” بمستوى عال من الثقافة والخبرة السياسية والحكمة في التعامل، بالإضافة إلى إتقانه لغات أجنبية.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.