القطاع التعليمي في سوريا، كما بقية القطاعات يعاني من تداعيات الحرب، والأوضاع الاقتصادية السيئة، بالإضافة لانهيار كبير في البنية التحتية، نتيجة لاستهداف المدارس خلال العمليات العسكرية في السنوات الماضية، وعدم وجود قدرة على صيانتها، لذلك كان قطاع التعليم الخاص بديلا لشريحة من السوريين، لأسباب إضافية أبرزها ضعف التعليم في القطاع الحكومي نتيجة الإهمال وهجرة وسفر قسم كبير من المعلمين، ولكن ليس لدى جميع السوريين القدرة على دفع أقساط هذه المدارس، خاصة أنها باتت مرتفعة للغاية.

التربية تحدد الأقساط

تقرير لصحيفة “الوطن” المحلية، يوم أمس، قال إن وزارة التربية، نشرت تعميما إلى مديريات التربية حددت بموجبه الحد الأعلى والأدنى لقيمة الأقساط التي يحق للمدارس الخاصة قبضها من الطلاب وفق كل مرحلة دراسية ووفق درجة تصنيف كل مؤسسة تعليمية، وكذلك حددت قيمة بدل الخدمات والمبالغ الإضافية حسب عدد النقاط، وهنا يكمن الغموض الذي كان يفترض أن توضحه الوزارة قبل نشر الأسعار.

وتساءل التقرير، عن المقصود بالنقطة وما هي النقاط الممنوحة لكل فئة مصنفة، والأهم من ذلك ما هي الوسيلة الملزمة للمدارس لتطبيق هذه الأسعار؟ لأن الواقع الحالي يؤكد أن ما تقبضه المؤسسات التعليمية الخاصة يشكل عدة أضعاف ما أعلنته الوزارة.

وأشار التقرير، إلى أن التعميم، الذي حصل “الحل نت” على نسخة منه، نشر على موقع الوزارة بعد قص الترويسة ورقم وتاريخ التعميم وكذلك التواقيع في نهايته، وهذه الطريقة تثير الكثير من الاستغراب في عملية التعاطي مع قضايا الرأي العام.

وبحسب التعميم، فقد قسمت المدارس إلى أربع فئات، وقسمت الفئات إلى أربع مراحل دراسية، تبدأ من رياض الأطفال، وصولا للمرحلة الثانوية، ومرورا بالمرحلتين الابتدائية والإعدادية.

التعميم، وضع حدين أعلى وأدنى للأقساط، بحسب كل مرحلة، وحسب كل فئة، حيث تعد الفئة الرابعة هي الأقل من ناحية الأقساط، والأولى هي الأعلى، كما حدد التعميم أجور النقل لكل فئة من المدارس، ونص على عدم جواز تعديلها خلال العام الدراسي، إلا في حالة ارتفاع أسعار المحروقات.

إقرأ:توقعات بفرض رسوم دراسية “باهظة” في المدارس السورية

التربية منفصلة عن الواقع!

في ردود كثيرة من السوريين على تعميم وزارة التربية، اعتبر الكثير منهم أن الوزارة منفصلة عن الواقع، حيث أن الأقساط التي قامت بتحديدها غير مقبولة في أي مدرسة على الإطلاق، بحسب متابعة “الحل نت”.

فبحسب التعميم الحد الأعلى لأقساط رياض الأطفال يتراوح سنويا ما بين 150 ألف ليرة، و350 ألف ليرة حسب فئة المدرسة، بينما يقول الأهالي أن بعض رياض الأطفال تصل أقساطها السنوية إلى نحو 3 مليون ليرة.

كما اعتبر آخرون، أن هذا التعميم ليس سوى تعميم شكلي، أما في الواقع فإن كل مدرسة تحدد أقساطها لوحدها بمعزل عن أي تحديد من وزارة التربية، مشيرين أن بعض المدارس حددت القسط (الأول) للعام الدراسي القادم 2022- 2023 بمبلغ مليون ليرة.

ومن جهة ثانية، طالب العديد من الأهالي بإلغاء المدارس الخاصة والعودة للتعليم المجاني فقط، متخوفين في الوقت نفسه من أن تؤدي سياسة الوزارة لإلغاء مجانية التعليم الحالية على الرغم من وضعها التعليمي المتدني.

قد يهمك:القنيطرة: سرقات متكررة من لصوص المدارس والمدراء في دائرة الاتهام

هل يلغى التعليم المجاني؟

بحسب تقرير سابق لـ”الحل نت”، تداول مجلس الوزراء في شباط/فبراير الماضي موضوع ما أسماه الدعم الحكومي لقطاع التربية، حيث تم بحث دعم الحكومة لقطاع التعليم والمليارات التي تتكبدها عليه، حيث أن أكثر من 3.6 ملايين تلميذ وطالب يتلقون التعليم المجاني في مدارس ومعاهد وزارة التربية بمختلف المحافظات، موزعين على 13660 روضة ومدرسة ومعهدا.

كما تم نقاش تكاليف طباعة الكتب التي يتجاوز عددها 40 مليون كتاب سنويا، بالإضافة للخدمات الصحية والإدارية والتعليمية المجانية المقدمة للطلاب.

بيان مجلس الوزراء في ذلك الوقت، جاء بعد يوم واحد على قرار رفع الدعم، ما أثار العديد من المخاوف من رفع الدعم عن قطاع التعليم الحكومي، وفي هذا السياق، توقع خبراء وحقوقيون، أن يكون بيان مجلس الوزراء، هو أحد احتمالين، إما التمهيد لرفع الدعم عن هذا القطاع بطريقة ما، كأن يصبح ثمن الكتاب المدرسي والجامعي فلكيا، أو التمهيد لفرض رسوم دراسية باهظة على أبناء الفئات التي رُفع عنها الدعم الحكومي.

إقرأ:التعليم في محافظة حمص: ماذا تبقى بعد عشر سنوات من الحرب؟

التعليم في سوريا يواجه عوائق

مركز “حقوق الطفل العالمي”، أكد في نهاية عام 2021، أن النزاع أثر سلبا على جميع جوانب حياة الأطفال السوريين. بما في ذلك تعليمهم. حيث أصيب التعليم في سوريا بالشلل بسبب تضرر المدارس أو تدميرها. وقتل أو جرح أطفال ومعلمون أجبر بعض منهم على الفرار، فضلا عن تغيير المناهج الدراسية لملايين الأطفال، بحسب تقرير لـ”الحل نت”.

كما تعاني التدخلات الإنسانية التي تستجيب لأزمة التعليم من نقص التمويل، ولا تقترب بدرجة كافية من التخفيف من وطأة الصراع على حق الأطفال السوريين في التعليم في جميع أنحاء البلاد.

وبحسب منظمات دولية، فإن هناك نحو 2.5 مليون طفل تتراوح أعمارهم بين 5 و 17 عاما – ثلث السكان في سن الدراسة – خارج المدرسة. وهم غير قادرين على ممارسة حقهم الأساسي في التعليم على النحو المنصوص عليه في اتفاقية حقوق الطفل (1989).

قد يهمك:التعليم العالي بإدلب وحلب: لماذا تطرد الجامعات “الحرة” طلابها الفقراء؟

وهناك 1.6 مليون طفل آخر في سن الدراسة معرضون لخطر الحرمان من هذا الحق. إذ تشير هذه الأرقام إلى أن جيلا ينشأ محروما من المدرسة في سوريا. وهؤلاء الأطفال هم أيضا أكثر عرضة للمعاناة من مزيد من الانتهاكات. بما في ذلك الوقوع ضحية للعنف، وزواج الأطفال، والانخراط في أسوأ أشكال عمالة الأطفال.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.