خلال العام الجاري، انتشرت عمليات الخطف والنهب والسرقة في سوريا بأشكال وأساليب مختلفة، على مرأى ومسمع من المؤسسات التابعة لدمشق، فأصبح كل شيء مباحا للسرقة، من الهواتف المحمولة إلى نهب المنازل والمحلات والسيارات وبحوادث غريبة حتى بين العائلة نفسها، فيما يتم التخلص من المسروقات والاستفادة منها عبر شبكات مختلفة تصل إلى الدول المجاورة.

أكثر من نصف كيلو ذهب!

في حادثة غريبة، قدّم أحد الأشخاص المقيمين في اللاذقية، شكوى إلى مركز الشرطة، بأن مجهولين أخذوا مجوهرات من الذهب تزن نحو 700 غرام من منزله في ريف جبلة.

بدورها وبعد التحقيقات وجمع المعلومات، قالت وزارة الداخلية، أمس الجمعة، إنه تم التعرف على المشتبه فيه، وهي جدة تبلغ من العمر 73 عاما من مواليد عام 1949، إذ بعد توقيفها وتفتيش حقيبتها، وجد معها مبلغ مليون وثمانمئة ألف ليرة سورية، بالإضافة لألف وخمسين دولارا أميركي، وعشرين ألف ليرة لبنانية.

وعند مواجهتها بالأدلة، اعترفت بأنها سرقت المصوغات الذهبية عن طريق الصدفة أثناء زيارتها لمنزل صاحب الشكوى، وأنها سلمت المجوهرات الذهبية المسروقة لحفيدها المولود عام 2000، وأعطت أيضا بعض منها لحفيدتها المولودة عام 1995 بقصد بيعها.

حادثة السرقة التي تمت عن طريق الخداع والمغافلة، حسب ما نقلته صحيفة “تشرين” المحلية، لم تكن الجريمة الوحيدة التي ارتكبتها، بل بعد إخفائها لقسم من المجوهرات المسروقة، قامت بإيهام أحد الأشخاص بقدرتها على ترتيب عقد عمل لابنه خارج البلاد، وتقاضت منه الملايين، كما أظهرت التحقيقات، أن الجدة عليها ديون بمبلغ كبير لأحد متاجر السمانة في المنطقة. 

وبعد إلقاء القبض على الأشخاص الثلاثة واعترافهم بالجريمة، تم العثور على المصوغات الذهبية المسروقة، وإعادتها إلى مالكها الشرعي، أما المحتجزون بحسب الصحيفة، “فسوف يقدمون إلى الجهات القضائية المختصة”.

المسروقات السورية إلى لبنان

سرقة الأفراد هي الأكثر انتشارا داخل سوريا، وغالبا ما يتم سرقة الهواتف المحمولة، وعادة يتم تهريب الهواتف الذكية إلى لبنان، بسبب صعوبة كسر رمز الجهاز، إذ يمكن بعد ذلك بيعها هناك كقطع غيار بنصف السعر، وفي الوقت نفسه، فإن الأجهزة التي يسهل فك رموزها تباع في أسواق معروفة داخل المدن وليس في المتاجر العادية.

حتى السيارات، وفق ما أكده المواطن معتز الروابدة، لـ”الحل نت”، لا تسلم من النهب والسرقة، فيتم سرقتها في وضح النهار وكذلك في الليل، وعلى الرغم من نقاط التفتيش الأمنية العديدة داخل المدن وسهولة تعقب أي سيارة مسروقة، هناك العديد من القصص حول السرقات التي حدثت، ومن أبرزها تلك التي نفذتها مجموعات من الناس نصبوا كمائن على طرق جانبية وأبرزوا بطاقات هوية لكتائب “الدفاع الوطني” و”البعث” من أجل تفتيش السيارات. 

وتبعا لحديث معتز، فإنه إذا لم يتمكن هؤلاء من سرقة السيارة، فإنهم يأخذون الأموال التي بحوزة الشخص، ويهددونه بالقبض عليهم دون سبب، وهذا النوع من الحوادث وقع بانتظام في مناطق ركن الدين والقادسية وبرزة.

وبشأن مصير السيارات المسروقة، كشفت تحقيقات لوزارة الداخلية السورية، أن معظم السيارات المسروقة تقوم العصابات بإزالة وتغيير لوحات السيارات ولونها أو تفكيك السيارات وبيعها كقطع غيار داخل سوريا، وبالتالي تحقق أرباح ضخمة، خاصة بعد حظر تصدير السيارات وقطع الغيار.

كما تنتشر العصابات طبقا لحديث الروابدة، قرب مكاتب التحويلات المالية، خاصة وأن ملايين الدولارات ترسل من السوريين في الخارج إلى عائلاتهم كل يوم، لكن السرقة ليست من المكاتب نفسها، بل من أولئك الذين يتلقون التحويلات المالية، حيث يتم متابعة الأفراد الذين يستقبلون الأموال من هذه المكاتب، ثم يتم سرقة الأموال من جيوبهم أو من سياراتهم.

تزايد السرقات في دمشق

في ظل غياب الإحصاءات الدقيقة من حكومة دمشق، والتي إن صدرت لا تشمل سوى المناطق الخاضعة لها بسبب صعوبة مسح مناطق أخرى تفتقر إلى إحصاءات دقيقة، تحولت عمليات سرقة الهواتف والمحافظ النقدية إلى جرائم اعتيادية، حيث بلغت نسبة الشكاوى المقدمة عن سرقة هواتف جوالة خلال النصف الأول من العام الجاري 14800، بمعدل يصل إلى 82 عملية في اليوم الواحد.

شهدت العاصمة السورية دمشق، ارتفاعا في السرقات، وهو ما عزوه السكان إلى الأزمات المعيشية والظروف الاقتصادية التي تمر بها البلاد في ظل عجز حكومي، حيث امتلأت صفحات التواصل الاجتماعي بالتدوينات حول ضحايا السرقة وسط عجز الحكومة عن الحد من هذه الحوادث.    

وحمل الأهالي في دمشق، الأجهزة الأمنية الحكومية مسؤولية هذه الحوادث، إضافة إلى مسؤوليتها عن الأزمات المعيشية والأوضاع الاقتصادية التي تعاني منها مناطقهم.

وزارة الداخلية السورية، نشرت عبر حسابها على “فيسبوك” في نهاية أيار/مايو الفائت، أن الأمن الجنائي في حي الصالحية بدمشق سجل نحو 5000 حالة سرقة خلال النصف الأول من العام، وكل هذه السرقات كانت لهواتف نقالة وحقائب يد، ووقعت في أكثر الأماكن ازدحاما في البرامكة وجسر الرئيس.   

وفي وقت سابق، أعلن وليد العبدلي، رئيس دائرة الأمن الجنائي، في تصريحات لصحيفة “الوطن” المحلية، أن تداعيات الأزمة الاقتصادية زادت من عدد “جرائم السرقة والاحتيال، والجرائم الأكثر شيوعا في دمشق هي تلك المتعلقة بالأوضاع الاقتصادية والمعيشية الناجمة عن انهيار الليرة السورية وانعدام فرص العمل”.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.