بالرغم من أن معظم فواكه الصيف في سوريا من الإنتاج المحلي، خاصة في محافظة القنيطرة التي تعتبر منتجة لأفضل أنواع الكرز، ويوجد في سوريا حوالي 300 ألف شجرة كرز ولكن منذ بداية فصل الصيف وطرح هذه الفواكه في الأسواق، شهدت أسعارها ارتفاعا غير مسبوق وسط عوامل كثيرة لا تزال تؤثر على ارتفاع أسعار الفاكهة في عموم البلاد، الأمر الذي جعل هذه الفواكه خارج موائد أغلب السوريين.

الكرز “شم ولا تدوق”

نتيجة للأسعار المرتفعة جدا، يفتقد نسبة كبيرة من السوريين الفواكه الصيفية من الجانرك والدراق والمشمش والكرز، والأمر اللافت والمثير للدهشة أن القنيطرة من المحافظات المنتجة لأجود أنواع الكرز وسنويا تنتج نحو 2750 طنا، لكن أهالي القنيطرة يقولون إن فاكهة الكرز تتجه إلى مدينة دمشق لبيعها هناك بأسعار أعلى.

من جانبها، تؤكد إحدى السيدات لصحيفة “الوطن” المحلية، مؤخرا، أن موسم الكرز هذا العام كان جيدا والمزارعون باعوا الإنتاج بأسعار أكثر من جيدة، حيث بيع كامل الإنتاج وبسعر كيلو الكرز الواحد بـ18 ألف ليرة.

وبحسب الصحيفة المحلية، أكد أبناء القنيطرة أن فاكهة الكرز أصبحت عند عوائل كثيرة في المحافظة من الكماليات ولا يمكن شراؤها، واشتكى أحدهم من تكرار سؤال ابنته الصغيرة عن موسم الكرز والمشمش والدراق وهو يماطل بأن موسمها لم يحن بعد، علما أن سعر الكرز تراوح بين 20-12 ألف ليرة سورية حسب النوع والحجم والمشمش للنوع الثالث والرابع لم ينخفض عن 4500 ليرة والدراق 15 ألف ليرة.

من جانبه، مدير الزراعة بالقنيطرة أحمد ديب أشار إلى أن جميع المزارعين يقطفون الكرز ويرسلونه إلى الأسواق المحلية ولا يمكن تخزينه أو حفظه في البرادات وطرحه في غير موسمه كثمار التفاح، كون أن فترة قطاف محصول الكرز لا تتجاوز 35 يوما وغالبا ما يكون القطاف على فترات صباحية ومسائية وذلك للحصول على نتائج إيجابية وللمحافظة على جودة الثمرة.

على الرغم من الإنتاج الكبير في محافظة القنيطرة وغيرها من المحافظات المنتجة لهذه الفواكه، إلا أنه يتم تصديره إلى الأسواق المحلية في المحافظات الأخرى مثل دمشق وحلب، مما يجعل سعره مرتفعا وبالتالي عزوف معظم السوريين عن شرائه.

قد يهمك: تسويق 200 ألف طن.. هل تعاني سوريا من أزمة قمح هذا العام؟

إنتاج كبير وأسعار مرتفعة

في سياق ارتفاع الأسعار وتصدير فواكه الصيف مثل الكرز إلى العاصمة دمشق، نوّه ديب للصحيفة المحلية، إلى أن إنتاج المحافظة من ثمار الكرز هذا الموسم بلغ 2750 طنا منها 2056 طنا من الكرز البعل و695 طنا من المروي، والمساحة المزروعة بعلا 9000 دونم وعدد الأشجار نحو 270 ألفا، بينما المساحة المروية 1051 دونما وعدد أشجار الكرز المروي نحو 30 ألفا، ومن الأنواع المزروعة الفرنسي والطلياني، وتتركز زراعتهما في القطاع الشمالي من المحافظة في قرى (حضر – مزارع الأمل – طرنجة – جباثا الخشب – الكوم).

على طرف آخر، عزا رئيس دائرة الأسعار بمديرية التجارة الداخلية بالقنيطرة خميس الفواز، أن عدم وجود تسعيرة لمادة الكرز والمشمش والجانرك والدراق بالنشرة الصادرة من قبلهم يعود إلى وجود تعاميم من الوزارة بعدم تسعير كل مادة منتجة يزيد سعرها عن ثلاثة آلاف ليرة سورية، رغم أن الإنتاج محلي ولكن يخضع للعرض والطلب.

نظرا لضعف القدرة الشرائية تحولت هذه الأنواع من الفواكه إلى مواد للفرجة في أغلب الأحيان، أو الشراء بكميات قليلة جدا أي ما يساوي حبات معدودة، بينما يواصل التجار على عرض وترتيب بضاعتهم بشكل لافت جدا من حيث تنوع الأصناف والأحجام والألوان في واجهات محالهم التجارية أو على ما يقابلها من الأرصفة المجاورة كطريقة تقليدية متبعة لجذب الزبائن للشراء.

وفي إطار مدى الطلب على شراء فواكه الصيف من قبل المواطنين، أوضح أحمد الحصري صاحب محل تجاري لصحيفة “تشرين” المحلية في وقت سابق، إن الطلب بشكل عام قليل على الفواكه الصيفية بسبب أسعارها المرتفعة واتجاه أغلب الزبائن لشراء الحاجات الأساسية الضرورية.

وأردف في حديثه، “يختلف الطلب من منطقة لأخرى حسب القدرة الشرائية للسكان، حيث أن أسعار الفواكه الصيفية كالكرز والدراق والمشمش انخفضت قليلا بعد زيادة تدفق هذه المواد إلى الأسواق والدخول في وقت ذروة الموسم”.

وتعليقا على هذا الموضوع، قال رئيس لجنة الرصد والمتابعة في جمعية حماية المستهلك في دمشق وريفها أدهم شقير في وقت سابق للصحيفة المحلية، إن ارتفاع أسعار الفواكه خلال هذه الفترة يرجع لأسباب عديدة منها قلة الإنتاج نتيجة قلة عدد الأشجار التي كانت موجودة سابقا في الغوطة بدمشق، إضافة إلى صعوبة النقل من المحافظات الأخرى، ومن جبل الشيخ والقنيطرة نتيجة غلاء الأسعار وارتفاع أسعار حوامل الطاقة وأجور النقل والعمالة ومستلزمات الإنتاج بالمجمل، مع تأثير عوامل الطقس والمناخ على الإنتاج ما أدى لقلته، وهذه الأسباب وغيرها يمكن إسقاطها ليس فقط على أسعار الفواكه بل على كل أنواع الخضراوات والمنتجات، على حد وصفه.

وأضاف شقير، أن التضخم الحاصل، ووجود نوع من أنواع التصدير العشوائي غير المخطط ولا المبرمج ولا يخضع لأي رقابة، أسباب إضافية لارتفاع الأسعار، مشيرا إلى عدم وجود ضبط حقيقي للأسعار مع وجود خلل ببعض المفاصل عند تجار سوق الهال وعند الحلقات الوسطية التي ترفع الأسعار بشكل غير متحكم به، في إشارة إلى ضعف الدور الرقابي الحكومي وعدم اكتراثها بما يحدث في الأسواق من الغلاء والاستغلال والاحتكار.

وأكد شقير أن الغلاء الحاصل يفوق قدرة معظم المواطنين الشرائية نتيجة قلة الرواتب والمداخيل والفجوة الكبيرة بين الدخل ولوازم الحياة الأساسية والواقع المعيشي، على حد وصفه للصحيفة المحلية مؤخرا.

هذا وتشهد الأسواق السورية ارتفاعا كبيرا في أسعار فواكه الصيف رغم انخفاضها الطفيف قبل أيام مقارنة بالأسبوعين الفائتين. ولكن هذا الانخفاض الذي حصل لم يصل بعد إلى مستوياته المعهودة والتي يجب أن تتناسب مع مستوى رواتب المواطنين بطبيعة الحال، وسط فشل حكومة دمشق في تحقيق وعودها بضبط الأسعار وتخفيف الحمل على عاتق المواطنين.

قد يهمك: سوريا: المازوت الأسود يحرق أسعار الثوم والفواكه للأثرياء

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.