تركيا تعتبر دائما المحرك الرئيسي لما يجري في الشمال السوري، سواء كانت المناطق الخاضعة لـ”هيئة تحرير الشام” (جبهة النصرة سابقا)، أو المناطق الخاضعة لـ”الجيش الوطني” المعارض المرتبط بأنقرة، وعلى الرغم من ذلك فإن فصائل “الجيش الوطني” كانت دائما رأس الحربة في أي عملية تركية في الشمال السوري، ولكن التصعيد الأخير بين فصائل المعارضة المدعومة من أنقرة و”هيئة تحرير الشام” المصنفة على قوائم الإرهاب، يثير التساؤل حول إمكانية تنفيذ العملية التركية التي كان من المحتمل شنها في مناطق من الشمال السوري وبالتحديد في غرب الفرات مثل مدن منبج وتل رفعت.

العملية التركية غير مرتبطة بالاقتتال؟

الصحفي السوري، منار عبد الرزاق، يرى خلال حديثه لـ”الحل نت”، أن العملية العسكرية التركية في الشمال السوري قد لن تكون مرهونة بما يجري الآن من اقتتال، فقرار هذه العملية من الناحية السياسية يرتبط بالتوازنات الدولية والإقليمية.

وأضاف عبدالرزاق، أنه بالنسبة لاقتتال الفصائل، فهو إن لم يكن بالأصل بإيعاز تركي، فهو بمباركة تركية حتما، فالأتراك يتحدثون عن عودة آمنة وطوعية للاجئين السوريين، وهذه العودة يجب أن تكون إلى منطقة إدارية محددة على الشريط الحدودي، ولذلك من وجهة نظر الأتراك لا بد أن يكون لهذه المنطقة إدارة موحدة، فتركيا تعمل على إيجاد هذه الإدارة لإقناع الداعمين الدوليين لصب دعمهم من أجل اللاجئين السوريين ودعم المشاريع التي تحاول تركيا تنفيذها في الشمال حاليا.

ويضيف بالقول “كما أن تركيا بحاجة لفصيل قادر على ضبط المنطقة من الناحية الأمنية والاقتصادية، ولا مشكلة لديها بالتعامل مع حكومة الإنقاذ (ذراع جبهة النصرة) التي يتواجد ممثليها أصلا في تركيا، فتركيا لا فرق لديها بين حاملي البنادق من السوريين، سواء كانوا من المعارضة أو من الهيئة”.

من جهته، يرى الصحفي السوري مالك خطاب، أن الأمر المتعلق بالعملية التركية أكبر من اقتتال الفصائل، وهذا الاقتتال لن يؤثر على هذه العملية، فمن الناحية الداخلية في الشمال السوري، تركيا تسعى لضرب “الفيلق الثالث” أو ما يعرف بـ”الجبهة الشامية”، غير الموالية لها، لذلك أقنعت حركة “أحرار الشام” بالانشقاق عنها في وقت سابق، ثم دخلت حركة “أحرار الشام” و”هيئة تحرير الشام” جنبا إلى جنب في قتال “الجبهة الشامية”، وكل ذلك بإيعاز من الأتراك، وحتى عندما بدأ الاقتتال بقيت فصائل المعارضة الموالية لتركيا محايدة ولم تتدخل إلى جانب أي طرف، بحسب خطاب.

إقرأ:نفوذ جديد لـ”تحرير الشام” في الشمال السوري

العملية التركية والرفض الدولي

تركيا ومنذ عدة أسابيع، وقبل أن يقع الاقتتال في الشمال السوري، أعلنت نيتها شن عملية عسكرية في الشمال تطال مدن تل رفعت ومنبج وغيرها، كما أفرزت التسريبات عن “الجيش الوطني” المعارض التابع لأنقرة، ولكن حتى الآن لم تبدأ تركيا هذه العملية، ما يفسر أن سبب ذلك يرتبط بقرارات وتفاهمات دولية.

منار عبدالرزاق، يرى أن الأتراك يحاولون دائما التلويح بعمل عسكري في الشمال، للحصول على أكبر قدر ممكن من المكاسب السياسية على الصعيدين الدولي والإقليمي، وخاصة من روسيا والولايات المتحدة، ويساعد تركيا في ذلك الوضع العالمي المتأزم نتيجة الغزو الروسي لأوكرانيا.

أما مالك خطاب، فيرى أن عدم وجود ضوء أخضر من روسيا والولايات المتحدة، هو ما يوقف العملية العسكرية التركية حتى الآن، وبشكل خاص هناك فيتو أميركي على هذه العملية.

لذلك وحسب خطاب، فإن الأتراك سيحاولون الضغط باستخدام ورقة “هيئة تحرير الشام” في محاولة منها لإقناع الولايات المتحدة والروس بضرورة عمليتها من أجل تحقيق أمنها القومي، مع العلم أن الأتراك يسيطرون على كل الفصائل بما فيها الهيئة، وعند بدء أي عملية فهي قادرة على اختيار فصائل للقتال معها وهذه الفصائل في الأصل لم تدخل في الاقتتال الحالي، ولكن العقبة الوحيدة أمام تركيا هو الرفض الأميركي، وفق رأي خطاب.

قد يهمك:اقتتال واسع بين فصائل الشمال السوري.. ما علاقة “تحرير الشام”؟

من الجدير بالذكر، أن هذا الاقتتال الداخلي ليس الأول من نوعه في الشمال السوري، سواء بين الفصائل المدعومة من أنقرة، أو “هيئة تحرير الشام” وحلفائها، ولكن النقطة الأهم فيه تكمن في كيفية استغلال تركيا لهذا الاقتتال لصالح عمليتها العسكرية في الشمال.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.