التجديد لمصطفى الكاظمي، رئيسا لوزراء العراق في ولاية ثانية، بات أمرا مطروحا، على خلفية الصراع السياسي في البلاد، بعد الانتخابات البرلمانية، التي جرت في تشرين الأول/أكتوبر من العام الماضي، ومع فشل القوى السياسية المختلفة بالتوصل لاتفاق، بشأن عملية تشكيل الحكومة الجديدة في البلاد.

وزاد الانقسام والخلاف عَقِب إعلان نواب الكتلة الصدرية، بزعامة مقتدى الصدر، تقديم استقالتهم من البرلمان العراقي، وهي الاستقالة التي وافق عليها محمد الحلبوسي، رئيس البرلمان العراقي، على الفور.

ويبدو أن، المشهد السياسي العراقي الحالي بات معقدا لدرجة بات يصعب فيها الاتفاق على تشكيل الحكومة الجديدة، وتسمية الرئاسات الجديدة، وعلى رأسها رئاسة الحكومة المقبلة.

وبعد انسحاب جعفر محمد باقر، السفير العراقي الحالي في لندن، ومرشح التحالف الثلاثي، من السباق على رئاسة الحكومة، بات المشهد أكثر ضبابية وتعقيدا. ولكل هذا يرى مراقبون أن الأحداث الأخيرة زادت من حظوظ التجديد لمصطفى الكاظمي.

ويحظى الكاظمي بتأييد من النواب المستقلين، فضلا عن الدعم الكبير الذي يحظى به من قبل رئيس الجمهورية الحالي برهم صالح.

فرص التجديد لمصطفى الكاظمي زادت كثيرا

الكاتب والمحلل السياسي خالد المشهداني يقول إن “فرص التجديد لمصطفى الكاظمي زادت كثيرا، فهو يحظى بمقبولية من أكثر من ستين نائبا من المستقلين والقوى الصغيرة، وهذه القوى ستشكل ثقلا في البرلمان، لأن الإطار التنسيقي سيحتاج رضاها وودها ليتمكن من تشكيل الحكومة”.

وأضاف، في إفادته لـ”الحل نت”، أنه “لا توجد معارضة من القوى الكردية أو السنية على التجديد لمصطفى الكاظمي، لأن هذه القوى تراه أفضل من يشغل المنصب. خاصة في ظل الحديث عن وجود نية لترشيح زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي لرئاسة الحكومة”.

وأوضح أن “الإطار التنسيقي، الذي يُعد حاليا الكتلة البرلمانية الأكبر، بعد انسحاب الصدر ونوابه من البرلمان، يرى أن من مصلحته بقاء الكاظمي في منصبه، ليكسب ود القوى السنية والكردية، وحتى النواب المستقلين والقوى المدنية”.

وبعد انسحاب نواب الصدر من البرلمان أجمع عدد من المحللين على أن التحالف الثلاثي، بين التيار الصدري والحزب الديمقراطي الكردستاني وتحالف عزم، لم يعد مستمرا. خاصة بعد خطاب الصدر للكرد والسنة، الذي أعطاهم فيه حرية الذهاب مع أي جهة يريدون التحالف معها.

ويمتلك الصدر أربعة وسبعين نائبا في البرلمان العراقي، وبعد استقالته فإن الإطار التنسيقي المقرب من إيران، والقوى المتحالفة معه، أصبح بإمكانه تشكيل الحكومة الجديدة، في ظل الحديث عن استبدال نواب الكتلة الصدرية بنواب من كتل أخرى، وفقا لقانون الانتخابات.

وينص قانون الانتخابات العراقي على أن “يتم صعود المرشح الخاسر الأعلى أصواتا، في حال تم تقديم استقالة أحد النواب في دائرة انتخابية معينة”.

دور الاتحاد الوطني الكردستاني في التجديد للكاظمي

وحظي الكاظمي في الدورة الحالية بثقة رئيس الجمهورية العراقية برهم صالح، المنتمي لحزب الاتحاد الوطني الكردستاني، وذلك نتيجة العلاقات الوطيدة التي تربطهما منذ سنوات، أي منذ أن كان الكاظمي يعيش في السليمانية، معقل الاتحاد الوطني، في السنوات الأولى التي تلت سقوط نظام صدام حسين.

ويرى مراقبون ومختصون أن العلاقة التي تجمع الطرفين قد تكون السبب الرئيسي في ازدياد إمكانية التجديد لمصطفى الكاظمي.

مصادر مطلعة أكدت أن “الإطار التنسيقي اتفق مع القوى الكردية على تولي برهم صالح رئاسة الجمهورية لولاية ثانية”.

المصادر نفسها قالت لموقع “الحل نت” إنه “نتيجة للعلاقة بين الاتحاد الوطني الكردستاني والإطار التنسيقي، فإن الأخير لن يمانع صعود صالح لمنصب رئاسة الجمهورية العراقية”.

موضحة أنه “في حال تولي صالح رئاسة الجمهورية فإن هذا الأمر سيعزز إمكانية التجديد لمصطفى الكاظمي، لأن الدستور العراقي ينص على أن يكلف رئيس الجمهورية مرشح الكتلة الأكبر، لتولي منصب رئاسة الحكومة”.

مشيرة إلى أن “الإطار التنسيقي بات يدرك أن التجديد لمصطفى الكاظمي أفضل الحلول السياسية في الوقت الحالي، كون هذا الأمر لن يغضب أنصار التيار الصدري، وكذلك لن يلقى معارضة سنية أو كردية، وحتى دولية، سواء من الولايات المتحدة أو إيران والدول الأخرى”.

تعليق من الاتحاد الوطني

حسن آلي، النائب عن الاتحاد الوطني الكردستاني، يرى أن “منصب رئاسة الحكومة في العراق هو من استحقاق المكون الشيعي حصرا”.

ويضيف، في حديثه لموقع “الحل نت”، أن “القوى الشيعية مطالبة باختيار من تراه مناسبا لهذا المنصب، وفي حال أجمعت على التجديد لمصطفى الكاظمي، فلا توجد مشكلة بهذا الأمر إطلاقا”.

وبيّن أن “الكاظمي لديه علاقات واسعة، واستطاع معالجة كثير من المشاكل والملفات العالقة داخليا وخارجيا. والمرحلة الحالية تحتاج للاستقرار السياسي والإداري. ومن جانبنا نعتقد بأنه نجح في الكثير من القضايا، وقد يكون التجديد لمصطفى الكاظمي حلّا للخروج من الأزمة الحالية”.

وبعد تصويت البرلمان العراقي على قانون الأمن الغذائي فإن الحكومة الحالية، برئاسة مصطفى الكاظمي، أصبح بإمكانها صرف الأموال، لاستيراد المواد الغذائية، وتوظيف العاطلين عن العمل، ودفع مستحقات الشركات الإيرانية، التي تزود العراق بالغاز الطبيعي.

والكاظمي شخصية سياسية لا تنتمي لأي جهة حزبية، ولم يترشح للانتخابات التي جرت في العام الماضي، ووصل إلى رئاسة الحكومة، بعد فشل مجموعة شخصيات، تم ترشيحها من القوى السياسية، بنيل ثقة البرلمان.

الفصائل المسلحة تعارض التجديد لمصطفى الكاظمي

وتتهم الفصائل المسلحة، والقوى السياسية الموالية لإيران، رئيس الحكومة الحالية مصطفى الكاظمي بأنه مقرب من الولايات المتحدة الأميركية، وينفذ أجندتها في العراق.

فيما شهدت فترة الكاظمي نوعا من الحرب الباردة بينه وبين الفصائل المسلحة، وصلت أحيانا لتهديده بالقتل.

وعقد الإطار التنسيقي مؤخرا اجتماعا مع الكاظمي، في منزل رئيس تحالف الفتح هادي العامري، للتباحث حول الأزمة السياسية العراقية، وإمكانية دعمه لشغل منصب رئاسة الحكومة.

لكن وسائل إعلام محلية أكدت وجود اعتراضات داخل قوى الإطار، تحديدا من “عصائب أهل الحق” بقيادة قيس الخزعلي، وقوى أخرى لديها فصائل مسلحة، تحتج على التجديد لمصطفى الكاظمي.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.