تعكس فوضى الصراعات العسكرية المستمرة بين فصائل من “الجيش الوطني” المعارض في الشمال السوري الخاضع للنفوذ التركي، الخلل الأمني والعسكري الذي يسيطر على المنطقة المزدحمة بعشرات التشكيلات والتجمعات العسكرية المتباينة في الأهداف والرؤى، ما يثبت تجذر الفصائلية وسيادتها للمشهد. 

ولعل الاشتباكات الأخيرة التي حصلت بين “الجبهة الشامية” التابعة لـ”الفيلق الثالث”، وبين “حركة أحرار الشام”، في مدينة الباب ومحيطها بريف حلب الشمال، خير مثال على ذلك.

للوهلة الأولى كان الاشتباك مشابه لحالات الاقتتال السابقة بين أي طرف من الأطراف العسكرية في المنطقة، إلا أن التدخل المفاجئ وغير المتوقع لـ “هيئة تحرير الشام” (جبهة النصرة سابقا) من جهة منطقة عفرين، لصالح “أحرار الشام”، غير مسار الحدث كاملا، وخاصة أنها المرة الأولى لتدخل “الهيئة” في المناطق الخاضعة للإدارة التركية وسيطرتها على عدد من المواقع أيضا.

انسحاب جزئي

مصدر مقرب من “الجيش الوطني” أفاد لـ “الحل نت”، أن “الهيئة” انسحبت من عدة مواقع تقدمت إليها، في الساعات الفائتة، وذلك بأمر من القوات التركية، حيث انسحب كامل عناصرها من منتزه عين دارة وقرية قرزيحل جنوبي مدينة عفرين باتجاه قريتي الباسوطة ودير بلوط التي تحاذي مناطق سيطرتها في إدلب، في حين دخلت بعض الأرتال إلى مناطق سيطرتها عبر معبر “دير بلوط “الواصل مع بلدة أطمة بريف إدلب الشمالي.

وأضاف المصدر بأن الأرتال العائدة تتألف من آليات عسكرية محملة بالمدافع وسيارات مزودة برشاشات ثقيلة، وسيارات مصفحة ناقلة للجنود.

فيما لا يزال يتجمع قسم من عناصر “الهيئة”، في قرية الباسوطة المحاذية لمدينة دارة عزة، حيث تتواجد معهم آليات ثقيلة ودبابات، بحجة عدم إطلاق فصيل “الجبهة الشامية” سراح قيادي في فصيل “أحرار الشام” يُدعى “أبو دجانة الكردي”، كان قد أُسر خلال الاقتتال الدامي الذي جرى بين الفصيلين السبت الماضي.

تدخل تركي

قيادي عسكري في “الجيش الوطني”، فضل عدم ذكر اسمه، قال لـ “الحل نت” إن اجتماعين منفصلين أجراهما الجانب التركي مع قيادات من حركة “أحرار الشام”، وقادة من “الفيلق الثالث” بداخل الأراضي التركية، أمس، أفضى كلاهما على الإفراج عن جميع الأسرى لدى كلا الطرفين وعلى رأسهم “أبو دجانة الكردي” وذلك بإشراف تركي مباشر.

مضيفا أن الجانب التركي، تعهد بإخراج “الهيئة” من منطقة “غصن الزيتون” ومنع تقدمها إلى مدينة عفرين مرة أخرى، وإعادة الوضع إلى ما كان عليه سابقا.

لافتا إلى أن انسحاب “الهيئة” بالفعل من قرى ضمن غصن الزيتون بعد الاجتماعين اللذان نصا على خروجهم من المنطقة.

وأوضح المتحدث، أن اقتحام “الهيئة” لمنطقتي عفرين و”درع الفرات”، هو بمثابة إنذار خطير، لأن المنطقة ستكون عرضة لخطر قصف طيران “التحالف الدولي” وغيرة في حال استمرت في التوسع والسيطرة، كما أن الاقتحام أثبت فشل غرف العمليات التي تم الإعلان عنها مؤخرا، والدليل هو عدم وجود أي تكاتف بين الفصائل للوقوف أمام “الهيئة”.

فيما بررت “الهيئة”، مساء الأحد، عبر بيان لها نشر على مواقع التواصل الاجتماعي، تدخلها على أنه لحل الخلاف الواقع بين الفصائل، وإيقاف هجوم” الجبهة الشامية “و” جيش الإسلام “على مقرات” أحرار الشام” في منطقة الباب شمال شرق حلب.

الجدير ذكره، أن سبعة أشخاص قتلوا، بينهم ثلاثة مدنيين، جراء الاقتتال الذي دار بين فصيلي” الجبهة الشامية “و” أحرار الشام” في ريف مدينة الباب، خلال الأيام القليلة الماضية.

ويقطن في الشمال السوري الخاضع لسيطرة المعارضة، بقسميه ريف حلب وإدلب ملايين المدنيين، غالبيتهم من النازحين المهجرين من قرى وبلدات ومدن سوريا مختلفة.

إذ يعيشون أوضاع سيئة للغاية على كافة الأصعدة، بحسب تقارير دورية للأمم المتحدة، فيما قضى البعض منهم بالاشتباكات التي تتركز في غالبيتها ضمن الأحياء السكنية والمناطق المأهولة، وأحيانا في محيط المخيمات المنتشرة بكثرة على طول الحدود الشمالية للبلاد مع تركيا.

وأصدر” المجلس الإسلامي السوري “بيانا، حرم به دخول “هيئة تحرير الشام”، إلى مناطق سيطرة “الجيش الوطني المعارض” المدعوم من أنقرة، ودعا المجلس عبر بيانه فصائل “الوطني” بالوقوف أمام تمدد “هيئة تحرير الشام” في المنطقة.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.