خلال الأيام الماضية، اشتعلت منصات وسائل التواصل الاجتماعي بتعليقات لسوريين، رفضوا استخدام بطاقاتهم الذكية للوصول إلى المستشفيات، بعد أن فرضت دمشق في وقت سابق دخول الخبز والمحروقات من بنزين ومازوت والغاز, وحتى المواد الغذائية ضمن مشروع البطاقة الذكية في سوريا، إذ وجد المواطن السوري نفسه أمام أزمة جديدة، تتمثل هذه المرة بدخول المستشفى، والذي لطالما كان مصدر مجاني لمن يعاني من حصار اقتصادي.

بطاقة ذكية لمرضى الجلدية

لا شك أن موضوع “البطاقات الذكية” أصبح أمراً بالغ الأهمية بالنسبة للسوريين للحصول على بعض مستلزمات الحياة الضرورية، حيث كان إطلاق هذه البطاقة بمثابة “نقلة نوعية” في حياة المواطن السوري، إلا أن تلك البطاقات فرضت واقع جديد من الازدحام والفساد الإداري.

في تحول جديد، صرح مدير عام مشفى الأمراض الجلدية في دمشق، الدكتور علي عمار، لصحيفة “البعث” المحلية، الثلاثاء الفائت، أنه تم تجديد مكتب القبول في المستشفى، عبر تركيب قارئ بطاقات هوية إلكتروني، بالإضافة إلى تقديم البطاقات الرقمية الخاصة لكل مريض في المستشفى، معللا ذلك للإسراع بعملية إعداد ملف المريض.

وأوضح عمار، أنه تم إنشاء مكتبة مركزية فيها عدد من النقاط على شبكة الإنترنت ليتمكن الباحثون من الدخول إلى المواقع الطبية العالمية للاطلاع على أحدث الاكتشافات العلمية في مجال طب الأمراض الجلدية، وسيسمح ذلك للباحثين بمواكبة كل ما هو جديد تماما ومتطور في العلوم الطبية.

وذكر عمار، أن مستشفى الأمراض الجلدية، المرفق الوحيد في سوريا الذي يمتلك جهاز أشعة خاص لعلاج بعض حالات الجلد المزمنة وسرطان الجلد، يعاني بسبب انتهاء عمره الافتراضي منذ سنوات، دون وجود جهود فعلية لتجديده أو إصلاحه.

وحول الخطة المستقبلية التي وضعت للنهوض بالمستشفى، قال عمار، إنه تم العمل على إعادة جميع العيادات الخارجية في المستشفى، وفتح مركز لمرضى اللاشمانيا، بالإضافة إلى زيادة عدد العيادات الخارجية لاستيعاب جميع زوار المستشفى، والعمل على ترميم المختبرات من حيث البناء والتجهيزات بما يتلاءم مع متطلبات واحتياجات المستشفى.

حكومة إلكترونية أم بطاقة ذكية

الخبراء الاقتصاديون يؤكدون أن هناك مفاهيم خاطئة حول البطاقة الذكية، لأنها أثبتت فشلها بشكل كبير، خصوصا في ما يتعلق بأتمتة الحكومة السورية، كما يعتقدون أن هناك تصورات خاطئة حول إضافة زيارة مستشفى إلى البطاقة الذكية، إذ إن البطاقة بحد ذاتها مثيرة للمشاكل والشارع السوري أبدى اعتراضه عليها.

الخبير الاقتصادي، ماجد الحمصي، قال في حديث لـ”الحل نت”، إن الحكومة الحالية اختصرت مشروع “الحكومة الإلكترونية” بما يسمى البطاقة الذكية، وهو أمر غير مقبول وغير منطقي، ولا يمكن أن يكتب له النجاح أبدا بهذه الطريقة، فمن أجل إقامة حكومة إلكترونية، فإنها تحتاج إلى مليارات الدولارات في البنية التحتية والمؤسساتية، فضلا عن الخبرات العالية, لتفعيل ما يسمى بالحكومة الإلكترونية.

وأوضح الحمصي، أنه تم تحميل البطاقة الذكية أكثر من اللازم، وذلك بسبب مقاومة الإدارة الحالية للتوجه نحو الحكومة الإلكترونية، وتفضيلها البقاء في الإجراءات البيروقراطية، ولذا حاولت الحكومة استخدام هذه البطاقة لصرف الانتباه عن قضاياها والهروب من مشاكلها.

وتابع الحمصي، “المواد في سوريا تختفي شيئا فشيئا تحت ذريعة البطاقة الذكية”، مشيرا إلى أن قرارات البطاقة الذكية اتخذت بنوايا غير سليمة، وخلقت العديد من المشاكل للمواطنين، من ازدحام وارتفاع للأسعار في السوق نتيجة تحول البضائع إلى المؤسسات التابعة للدولة.

من البطاقة الورقية للإلكترونية

يبدو أن حديث الاقتصاديين في جامعة دمشق، عن آلية الدعم الحكومي، بأنها لا تستند إلى أسس راسخة، ولم تعد مجدية, و باتت واضحا للعيان، لا سيما بعد إقرار وزارة التجارة الداخلية أنها تدرس مشروع استبدال الدعم من خلال البطاقة الذكية بمبلغ محدد، وسط ارتفاع الأسعار العالمية واختلاف سعر صرف الدولار في سوريا.

في ظاهرة جديدة، ومع تأخر مدة وصول رسالة الوقود الخاصة بالبطاقة المدعومة حكوميا إلى 14 يوما، وصل سعر إيجار البطاقة المدعومة إلى 100 ألف ليرة باستثناء سعر البنزين، فيما يجري حاليا تأجير البطاقة غير المدعومة بمبلغ 30 ألف ليرة.

وكما نقل تقرير لصحيفة “تشرين” المحلية، الإثنين الفائت، فإن الطلب على البطاقة المدعومة ينتشر عبر مجموعات مستحدثة على موقع “فيسبوك”.

وتأكيدا لفشل مشروع البطاقة الذكية، ظهرت خلال الأيام السابقة، أنباء عن قيام عدد كبير من المواطنين المقتدرين ماديا والحاصلين على البطاقات التموينية (البطاقة الذكية) في سوريا، بإعطاء بطاقاتهم للبوابين في مبانيهم أو لسائقيهم، ويقول بعضهم إن هذه “صدقة”.

كشف مصدر مسؤول في وزارة التجارة الداخلية و حماية المستهلك السورية، إن دوريات الوزارة لاحظت أن “عددا كبيرا من المقتدرين الحاصلين على البطاقات التموينيّة “البطاقة الذكية” يعطون بطاقاتهم إلى البوابين في أبنيتهم أو لسائقيهم، وبعضهم يقول أن ذلك من باب الصدقة”.

وأردفت الوزارة في بيان نشرتها عبر صفحتها الرسمية على منصة “فيسبوك“، “الحقيقة أن أولئك البوابين يجمعون تلك البطاقات ويتاجرون بالخبز”، وفق تعبيرها.

الجدير ذكره، أنه خلال الفترة الأخيرة، باتت قضية عجز الحكومة معروفة للجميع، من حيث مواجهة الأزمات الاقتصادية العالمية أو حتى المحلية، وعجزها في ضبط الأسواق ولو جزئيا، ومهزلة التدخل الإيجابي التي تغنت بها الحكومة بعقد عشرات الاجتماعات وإصدار قرارات لم تخرج من إطار “بيع الشعارات والأوهام” للمواطنين، حتى الأسعار تتزايد يوما بعد يوم.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.