بسبب الحرب التي اندلعت في سوريا غرقت البلاد بحقل من الألغام الأرضية تسببت بمقتل المئات وإصابات الآلاف بعاهات مستديمة. قوى الصراع كان المتسبب الرئيس لهذه المأساة.

الألغام الأرضية هي نوع من الذخائر المتفجرة التي تم تعريفها على أنها أسلحة “ذاتية التشغيل”، مما يعني أنها لا تحتاج إلى تفجيرها يدويا من قبل أي طرف. ومع ذلك، هذا لا يعني أنه لا يمكن أن يتسبب بتفجيرها مدنيون يمرون بالقرب منها أو حيوانات ترعى بالقرب منهم. 

في الواقع، 10بالمئة من الضحايا المدنيين بسبب الألغام الأرضية هي حوادث تم تفجيرها من قبل الحيوانات. نتيجة لذلك، تشير التقديرات إلى وجود حوالي 100 مليون لغم نشط في العالم اليوم – ولكن تم تحديد ثلثها فقط ورسم خرائط لها. وهذا يترك الكثير من الأرض للمدنيين عرضة للخطر.

سوريا تتصدر قائمة 2021

يجب أن نكون على دراية بعدد الدول التي لا تزال تستخدم الألغام. وفقا لـ “مرصد الألغام الأرضية”، وهو منظمة تتعقب الألغام الأرضية على مستوى العالم، هناك ميانمار وسوريا وكوريا الشمالية وإيران.

أصدر التحالف الدولي للقضاء على الذخائر العنقودية والحملة الدولية لحظر الألغام الأرضية تقريره السنوي الثالث والعشرين لرصد استخدام الألغام الأرضية في العالم.

قدَّم التقرير تقييما لاستجابة المجتمع الدولي للوضع العالمي للألغام الأرضية، مع التركيز على عام 2020، وخلصَ إلى أنَّ سوريا سجلت الحصيلة الأعلى في عام 2020 من ضحايا الألغام. بـ 2729 ضحية (قتلى ومصابين)، من أصل 7073 قتلوا أو أصيبوا في العالم أجمع.

ولفت المرصد، إلى أن 80 بالمئة من ضحايا الألغام الأرضية التي سجلها في عام 2020 كانوا مدنيين، وكان 50 بالمئة منهم على الأقل من الأطفال. وأضافَ أن إجمالي عام 2020 يمثل زيادة بنسبة 20 بالمئة عن عام 2019.

وأوضحَ التقرير أنَّ حصيلة الضحايا التي سجلها في سوريا هي أعلى حصيلة ضحايا في عام واحد، منذ أن بدأ المرصد بمراقبة حصيلة ضحايا الألغام في عام 1999.

اقرأ أيضا: لعام 2020.. سوريا الأولى عالميا بعدد ضحايا الألغام

عملية التطهير لإزالة الألغام من مناطق الصراع

يقول الخبير العسكري، العقيد محمد صطوف، لـ “الحل نت”، إنّ أكثر أنواع الألغام الأرضية شيوعا هي أسلاك التعثر والألغام المضادة للأفراد والألغام المضادة للدبابات. يتم استخدام أسلاك التعثر بشكل شائع في شكل سلك معدني ملفوف لعمل ملف به خطاف في أحد طرفيه. يتم توصيل الطرف الآخر بشيء آخر يتم دفعه إلى الأرض. الألغام المضادة للأفراد مصممة لقتل الناس، والألغام المضادة للدبابات مصممة لتدمير الدبابات.

يمكننا أن نرى وفقا لحديث صطوف، أن هذه الأسلحة وصلت إلى سوريا عبر طرق مختلفة سلكها أشخاص مختلفون خلال فترات زمنية مختلفة.

لطالما تم تحديد سوريا كواحدة من أكثر الدول الملغومة في العالم ويقدر أنه قد يكون هناك الآلاف من الألغام الأرضية لا تزال داخل حدودها اليوم.

ويشير صطوف، إلى أن عملية إزالة الألغام من مناطق النزاع صعبة وتستغرق وقتا طويلا. هناك العديد من المخاطر المتعلقة بالسلامة أثناء عملية التطهير، بما في ذلك سلامة عمال إزالة الألغام أنفسهم، وسلامة المدنيين في الموقع، وسلامة المارة في المنطقة المجاورة للعملية، وما إلى ذلك.

ويرى الخبير العسكري، أنّه من المهم جدا التخطيط مسبقا حول كيفية تنفيذ هذه العملية. يتضمن ذلك تحديد نوع الألغام المتضمنة في المنطقة قبل بدء العمل على الإزالة. هناك العديد من أنواع الألغام المختلفة التي يمكن مواجهتها في منطقة النزاع وكلها تتطلب طرقا مختلفة لإزالتها بأمان.

اقرأ المزيد: للعراق الحصة الأكبر.. ماذا تعرف عن حرب واشنطن ضد “الألغام”؟

الألغام الأرضية منتشرة في كل البلاد. كيف تؤثر على المواطنين السوريين؟

وكان المركز “الأورومتوسطي لحقوق الإنسان” أعدّ، في مارس/آذار الماضي، تقريرا حذر فيه من ارتفاع ضحايا الألغام في سوريا، رغم هدوء نسبي يسود جبهات القتال في سوريا، حيث تنتشر الألغام بين المزارع وبين منازل المدنيين في بعض الأحيان.

تنتشر الألغام الأرضية في جميع أنحاء سوريا، مما يمنع المواطنين من التنقل بحرية. كما أنها تعرقل وصول المواطنين إلى الغذاء والماء والمأوى وغيرها من الضروريات الأساسية.

وتظهر الخريطة التالية توزع حصيلة ضحايا الألغام بحسب المحافظات على النحو التالي، حلب: 729، الرقة: 636، دير الزور: 449، درعا: 247، حماة: 246، إدلب: 156، الحسكة: 133، حمص: 105، ريف دمشق: 56، دمشق: 7، السويداء: 4، القنيطرة: 3، اللاذقية: 2.

ومعاهدة حظر الألغام الأرضية هي اتفاقية دولية وقعتها 154 دولة في أوتاوا، كندا في 1997. وهي تحظر إنتاج واستخدام وتخزين ونقل الألغام المضادة للأفراد. الاتفاق يهدف إلى إزالة الضرر الذي تسببه هذه الأسلحة للمدنيين والتأكد من عدم استخدام الألغام الأرضية بعد الآن. 

لكن أطراف النزاع السوري لم يلتزموا خلال العشر سنوات السابقة بهذه المعاهدة. واليوم هو مهم لأنه لا يزال هناك العديد من الألغام النشطة في سوريا تعرض حياة المدنيين للخطر.

للاطلاع يرجى قراءة: “الصليب الأحمر”: الألغام الأرضية ومخلفات الحرب تهدد 11 مليون سوري

هل توجد أي قصص نجاح في مكافحة الألغام الأرضية حول العالم؟

تشكل الألغام الأرضية في سوريا ودول أخرى تهديدا لتنمية البلاد وأمنها. فهي تسبب الإصابات والوفيات وتعوق الوصول إلى الموارد الطبيعية.

هناك قصص نجاح في مكافحة الألغام الأرضية حول العالم. في لبنان، على سبيل المثال، تم إزالة الألغام الأرضية من أكثر من نصف البلاد منذ عام 1986.

علاوة على ذلك، أبلغت أكثر من 50 بالمئة من جميع البلدان عن إحراز تقدم في إزالة الألغام، كما ذكر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس في عام 2018.

قد يهمك: صائدو الألغام في سوريا: مهامٌ مُرعبة لنزع 300 ألف قنبلة زرعها «داعش»

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.