يعاني قطاع النقل في سوريا من أزمات متلاحقة أدت إلى جعله من أكثر القطاعات الخدمية تضررا وضعفا خلال السنوات الماضية، ونتيجة لهذه الأزمات فقدانخفضت أعداد وسائط النقل المدعومة، كما تحولت إلى أحد بؤر الفوضى نتيجة عدم وجود رقابة حكومية من جهة، وللسماح ضمنا لبعض السائقين بالتحكم بالأسعار وأعداد الركاب من جهة أخرى.

باصات النقل الداخلي، والتي تعتبر أحد أبرز قطاعات الخدمة في سوريا على مدى عقود، تعاني في السنوات الأخيرة من العديد من المشكلات المتعلقة بقدم الباصات، وتعطل معظمها، وعدم وجود قطع غيار، ما جعل القادر منها على العمل لا يغطي المناطق المشمولة بخطوطها.

من البطاقة الورقية للإلكترونية

عرف السوريون البطاقات الورقية الصغيرة الخاصة بباصات النقل الداخلي، والتي كانت تعمل وفق آلية قص زواياها في كل رحلة يستقل بها حاملها إحدى هذه الباصات، ولكن حاليا يتدخل السائق بعملية إعادة باقي الأجرة لتزيد عما هو محدد بالبطاقة، لتتحول طريقة دفع الأجور في هذه الباصات إلى فوضى تتعلق بمزاجية السائق، ما زاد من أعباء المواطنين الكبيرة أصلا.

وفي هذا السياق، نقلت مواقع محلية، عن مدير النقل الداخلي في دمشق موريس حداد، عن مشروع، عملت السورية للشبكات مع النقل على إنجازه وهو بطاقة إلكترونية مسبقة الدفع، يمكن للركاب شحنها بمبلغ معين وتمريرها عبر جهاز ضمن الباص ليخصم عن طريقها أجرة النقل وبذلك يضمن المواطن استرجاع باقي المبلغ المالي الذي يدفعه.

وأوضح حداد، أن الاتجاه نحو البطاقة الإلكترونية هو الخيار الأمثل كونه سيفرض رقابة بعيدة عن تدخل العامل البشري، مضيفا أن تطبيق الرقابة على آلية الكروت المتبعة حاليا مستحيلة، ومبينا أن أعداد الركاب الزائدة فيه فائدة للمواطن والسائق معا، فهو يحصل على الأجور الفائضة عن عدد الكروت التي يشتريها مسبقا من الشركة.

وبالنسبة لأعداد الباصات العاملة، أشار حداد إلى أن هناك 110 باصات تابعة للشركة العامة للنقل الداخلي وتعمل في دمشق، و100 لشركات خاصة، واعدا بانفراج في أزمة النقل الداخلي، بعد إصلاح عدد من الباصات المدمرة، ومؤكدا أن أعداد الباصات ستزيد 40 باص، 20 منها لخط الجديدة برامكة.

قد يهمك:دمشق: تكديس الركاب في باصات النقل الداخلي بحسب “مزاجية الشوفير”

أزمة النقل الداخلي معقدة

تعاني الشركة العامة للنقل الداخلي بدمشق، من نقص كبير في وسائل النقل، إذ تعمل المحافظة بطاقة لا تتجاوز 320 باصا، 110 منهم يعملون ضمن إدارة الشركة العامة، حيث تترنح معظم باصات الشركة، تحت وطأة نقص التمويل وتراجع الموازنات التي تسبب المزيد من الأعطال وضعف الصيانة وقلة القطع البديلة، حيث تضج المحافظات من أزمة نقل داخلي ناجمة عن قلة المركبات المخصصة، إضافة إلى خروج عدد من تلك الحافلات من الخدمة بتأثير أزمة المحروقات وعدم توافر كميات كافية من المازوت أو البنزين، بحسب متابعة “الحل نت”.

ويعمل العديد من السائقين في الشركة العامة للكهرباء وفق نظام “نسبة بيع التذاكر”، حيث يتقاضون أجورهم كنسبة من البطاقات المباعة، وليس وفق أجر يومي أو شهري محدد، الأمر الذي يُحفز السائقين على تكديس الركاب فوق بعضهم لتحقيق قدر أعلى من الدخل، يساعد على ذلك قلة وسائل النقل أصلا.

من جهة ثانية، فإن سائقي النقل الداخلي لا يتقاضون أجورهم وفقا لنظام الرواتب والأجور المقطوعة، وإنما يحصلون على أجرة مقطوعة عن كل دفتر وتبلغ 1500 ليرة، وهذه إحدى أسباب المشاكل في هذا القطاع، حيث يعمل السائق منذ السابعة صباحا وحتى الحادية عشرة ليلا ويستهلك حوالي 12 دفترا وأن غلة الباص اليومية تتراوح بين 200 و250 ألفا وحصته اليومية تتراوح بين 15 و20 ألفا، فيما يعتبرها غير كافية، بحسب متابعة “الحل نت”.

لذلك يلجأ بعض السائقين إلى ضمان الباصات، من أجل الحصول على أجر يومي يكفي معيشة أسرته، حيث يتعهد السائق الباص مقابل مبلغ معين يدفعه آخر اليوم للشركة التي يعمل بها شرط التزامه بالخط، أما باقي الغلة فهي له وللمعاون الذي يساعده في منع محاولة تهرب البعض من دفع الأجرة.

إقرأ:“الزحمة مستمرة”.. باصات النقل الداخلي قليلة ولا حلول قريبة

يذكر أن أزمة المواصلات باتت ضمن المشاكل المزمنة التي يعاني منها الممواطن السوري، حيث لا حلول حقيقية، إنما وعود تطلقها المؤسسات الحكومية، بزيادة عدد الباصات مع تشديد الرقابة يوما، والحديث عن مترو مدينة دمشق لتخفيف الأزمة والذي لم يتجاوز الفكرة أصلا.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.