واقعيا، يعيش الحلفاء الكرد والشيعة في أزمات متعددة، بدأت منذ استفتاء انفصال أربيل عن بغداد، وزادت حدتها بعد الانتخابات العراقية المبكرة الأخيرة.

الكرد والشيعة هم حلفاء منذ زمن نظام صدام حسين، نتيجة الويلات التي عاشوها من بطش وقهر وتعذيب على يد “حزب البعث”، وخرجوا في انتفاضة عارمة ضده مطلع التسعينيات، ناهيك عن معارضته سياسيا.

بعد 2003، تحالف الكرد والشيعة، وأسّسوا نظام ما بعد صدام حسين، وأعطوا للسنة مشاركة سياسية لكن وفق مقاس محدد، واستمرت حكاية الكرد والشيعة في تناغم، قبل أن يتعكر التفاهم ااكردي الشيعي في 2017.

في 2017، قرر رئيس إقليم كردستان العراق آنذاك مسعود بارزاني، إجراء استفتاء لانفصال إقليم كردستان عن العراق، وهو ما جوبه بردة فعل حادة من الحكومة الاتحادية، ومنذ ذلك لم تنته الأزمات.

من بين أهم الأزمات، هي المادة 140 من الدستور العراقي، والتي تخص المناطق المتنازع عليها بين بغداد وأربيل، حول عراقيتها أو كردستانيتها، وكان من المفترض حلها في 2007، ولكنها لم تحل إلى اليوم.

تختلف بغداد مع أربيل حول تحديد المناطق المتنازع عليها، وهي التي تنتشر في كركوك ونينوى وديالى وصلاح الدين، فالإقليم يقول إنها كردستانية، وبغداد تقول إنها عربية، وكان الحل عبر إجراء إحصاء سكاني، لكنه لم يطبق البتة.

أطر دستورية

من الأزمات الأخرى، تصدير أربيل لنفطها ونفط كركوك دون العودة إلى الحكومة الاتحادية في بغداد، وتصرفها بالإيرادات الناجمة عن تصدير النفط دون إرسال سنت واحد منها إلى المركز.

آخر الأزمات، هي بعد الانتخابات المبكرة، وتتمثل بقصف مسلح صاروخي وبطائرات مسيّرة بشكل شبه دوري يطال أربيل من قبل “الميليشيات الولائية”، نتيجة تحالف “الحزب الديمقراطي” مع “التيار الصدري”.

كان “الديمقراطي” تحالف مع “التيار الصدري” لتشكيل حكومة أغلبية وإقصاء القوى الشيعية المقربة من إيران منها، لكن تلك الخطوة لم تنجح، فانسحب “التيار” من العملية السياسية.

اليوم، تمارس القوى الشيعية الضغط على القوى الكردية وخاصة “الديمقراطي” عبر القصف المتكرر لأربيل، من أجل إجبار “الديمقراطي” للتفاوض معها لتشكيل الحكومة العراقية الجديدة عبر التوافق.

عن كل تلك الأزمات، يقول المحلل السياسي علي البيدر، إن حلها يتم عبر الأطر الدستورية، خصوصا وأن هناك أزمات سياسية وأخرى ذات طابع إنساني، تتعلق بالمناطق المتنازع عليها.

البيدر يضيف لـ “الحل نت”، أن عملية فرض الإرادات وإجبار الآخر من قبل “الإطار”، قد غادرها العراق منذ عام 2003، ومن المستبعد عودتها إلى الواجهة مجددا؛ لأن الحكم في البلاد ديمقراطي، لا ديكتاتوري.

إحراج من النجاح

المحلل السياسي العراقي يؤكد، أنه لا وجود لأي رابح في أي أزمة تحصل بين المركز والإقليم؛ لأن الجميع سيخسر حال وجود أزمة، وسيربح الجميع في حال معالجتها، والمعالجة تتم عبر تطبيق الدستور.

البيدر يلفت إلى أن سبب الأزمات بين بغداد وأربيل، هو أن هناك بعض من الأطراف السياسية، ترى أن نجاح إقليم كردستان بني على أساس فشلها، وهي محرجة أمام جمهورها الذي بدأ بمقارنة واقع حال ونجاحات الإقليم مع بقية مدن العراق، التي تشهد أزمات حادة.

ويردف، أن إقليم كردستان نجح في إقامة مشاريع ستراتيجية وتحقيق نمو واضح بموازنة لا تتجاوز 12 بالمئة من موازنة العراق المالية السنوية، فيما أخفقت الأطراف الأخرى بمعالجة أزمات مناطقها، ررغم حصولها على 90 بالمئة من نفس الموازنة.

البيدر يوضح، أن لغة الحوار والتفاهم أصبحت خارج حسابات بعض الأطراف التي لم تجد غير الاستهداف المسلح ضد مدن إقليم كردستان، بعد افتقارها إلى حجج الحوار، ورافق ذلك غياب فاعلية مؤسسات الدولة الأمنية لردع الاستهدافات المتكررة.

ويختتم بأن، إقليم كردستان يمثل آخر بقعة أمان في العراق وعلى الجميع المحافظة عليها، وإلا فإن تدويل قضية استهداف أربيل ستكون حتمية، إن استمر قصفها، دون ردع تلك العمليات.

أخيرا، حل الأزمات السياسية هو عبر الحوار، وأزمة المناطق المتنازع عليها عبر إجراء الإحصاء السكاني، لكن القوى الشيعية الموالية لإيران لا تعرف غير منطق السلاح المنفلت، وتلك الورقة لن تنفعها، بل سيخسر الجميع في حال استمرارها.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.