في وتيرة متسارعة، وبعد اجتماعات ونقاشات وُصفت بالمستعجلة، اتفق وزراء الطاقة في الواحد والعشرين من الشهر الجاري، في كل من مصر وسوريا ولبنان والأردن، على إعادة تفعيل “خط الغاز العربي”، من أجل إمداد لبنان بالغاز عبر سوريا، وسط تساؤلات طُرحت حول أهمية وتوقيت إعادة تشغيل الخط عبر سوريا، في ظل “قانون قيصر” الذي يفرض عقوبات على التعاملات الاقتصادية على دمشق، وفيما إذا كان سيتم تفعيل هذا الخط فعلا في ظل رفض أميركي وغربي، فضلا عن التساؤل حول المكاسب المحتملة التي قد تحققها دمشق من إعادة تفعيل هذا المشروع إذا تم تشغيله.

المشروع والموافقة الأميركية

بحسب وزير الطاقة اللبناني، وليد فياض، فإن الاتفاقية الموقعة تنتظر الموافقة الخطية الأميركية، مشيرا إلى أن الجانب الأميركي وعد الحكومة اللبنانية، بتأمين ضمانات مكتوبة، بإعفاء الجانب المصري من “قانون قيصر”، الذي يفرض عقوبات على أية جهة تتعاون مع دمشق.

وعقب توقيع الاتفاق، قالت الخارجية الأميركية، “نتطلع إلى مراجعة العقود النهائية وشروط التمويل من الأطراف، للتأكد من أن هذه الاتفاقية تتماشى مع سياسة الولايات المتحدة، وتعالج أية مخاوف محتملة تتعلق بالعقوبات”.

الخبير الاقتصادي، حسن سليمان، يرى خلال حديثه لـ”الحل نت”، أنه وحتى الآن لا تزال اتفاقية الغاز المزمع تنفيذها حبرا على ورق، وتنفيذها في المدى المنظور بدون الموافقة الأميركية هو مخاطرة جسيمة من كافة الأطراف.

وأضاف سليمان، أن الموافقة الأميركية تعني بالضرورة وجود ضمانات بأن حكومة دمشق لن تستفيد بأي شكل من هذه الاتفاقية بشكل مباشر، على الرغم من وجود هامش يتيح لهذه الاتفاقية تخفيف الأزمة الحادة في الغاز التي تعاني منها سوريا.

فمن المعروف أن الغاز الطبيعي لا يستخدم للأعمال القتالية وذلك ما يعطي فرصة الحصول على موافقة أميركية، ربما تهدف إلى سحب البساط من تحت طهران، التي تهيمن على معظم قطاع الغاز والوقود في كل من سوريا ولبنان، واستبدالها بالغاز العربي، وهنا يمكن تحقيق مكسب سياسي واقتصادي من وجهة النظر الأميركية، والتي يمكن من خلالها منح الولايات المتحدة نفوذا على حكومة لبنان في مفاوضات غاز المتوسط مع إسرائيل، بحسب سليمان.

إقرأ:توقيع اتفاقية لنقل الغاز من مصر إلى لبنان عبر سوريا.. هل تُنفّذ؟

فائدة محددة معلقة!

بحسب وزارة النفط السورية، فإن حصة سوريا من هذه الاتفاقية ستكون 8 بالمئة، من كمية الغاز التي سيتم نقلها يوميا إلى لبنان عبر الأراضي السورية، أي بمعدل 130 ألف متر مكعب يوميا.

وبالتالي فإن قبول “البنك الدولي” تمويل هذا المشروع، يعني أنه سيمول المشتريات التي تستفيد منها دمشق، أي من الممكن أن يتم رفع “الشركة السورية للغاز” من قوائم العقوبات الغربية.

ولكن الخارجية الأميركية، في تصريحها عقب توقيع الاتفاقية قالت، “لم ولن نرفع أو نتنازل عن العقوبات المفروضة على الأسد ونظامه حتى يتم إحراز تقدم حقيقي ودائم نحو حل سياسي، كما أننا نعارض إعادة الإعمار في سوريا في ظل الظروف الحالية، لقد كنا واضحين بهذا الشأن مع شركائنا”.

وبحسب حسن سليمان، فإن دمشق بكل الأحوال لن تستفيد سوى حصة متفق عليها سلفا من كمية الغاز الطبيعي، وهو ملزم في حال نفذت الاتفاقية إلى مرحلة التطبيق، بتقديم إثباتات بأن هذه الحصة ستباع أو تستهلك وفق شروط محددة بشكل مسبق، ولن يكون هناك خوف من هيمنة دمشق وإمكانية تحكمها بالخط وتزويد لبنان بالغاز، لأن ذلك سيكون ضمن تعهدات ملزمة لكافة الأطراف.

وعلى جانب آخر، أشار سليمان، إلى أنه لغاية الآن لا يوجد أي أعمال إنشائية على أرض الواقع، ولذلك لا أحد يجزم بإمكانية تنفيذها في المدى المنظور، وكما يصرح الغرب بأن إعادة الإعمار في سوريا بكل أشكالها متوقفة على المضي قدما بعملية الانتقال السياسي، وهذا ما تعرقله وترفضه دمشق حتى الآن.

وختم سليمان، بأنه حسب وعود بعض المسؤولين الأميركيين، ومنهم المبعوثة الأميركية للشرق الأدنى، فإن أي دعم لدمشق لن يمر طالما يعرقل الأسد عملية الانتقال السياسي، لذا فإن المساعي من السفراء الأميركيين في القاهرة وبيروت، وبعض الأطراف لتنفيذ الاتفاقية مشروطة بوجود قيود مشددة تمنع الأسد من استغلالها.

قد يهمك:قرار سياسي يقضي على مشروع نقل الكهرباء إلى لبنان عبر سوريا؟

يذكر أن “خط الغاز العربي”، يعود إنشاؤه إلى العام 2003، بدءا من مدينة العريش المصرية، مرورا بمدينة العقبة في الأردن، ويصل إلى بلدة دير علي في ريف دمشق، ومنها إلى محطة الريان قرب حمص، حيث يمر في سوريا بطول 324 كيلومتر، وبتكلفة بلغت نحو 520 مليون دولار، وبعد اكتمال إنشائه في العام 2008، توقفت إمدادات الغاز عبره إلى سوريا نهاية العام 2011، ليستمر بتزويد الأردن بالغاز المصري حتى الآن.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.