عدة زيارات ولقاءات جرت، وبعضها لا يزال قيد التحضير في عدد من الدول العربية، أبرزها الزيارة المرتقبة للرئيس الأميركي جو بايدن المرتقبة خلال الشهر المقبل، والتي سبقها مؤخرا زيارات ولي العهد السعودي محمد بن سلمان إلى كل من مصر والأردن، والتي تم خلالها طرح فكرة مشروع “ناتو الشرق الأوسط”.

هذا التحالف إن تم سيضم عددا من الدول في المنطقة، ويهدف إلى تعزيز التعاون السياسي والعسكري والأمني ​​والاقتصادي بين هذه الدول، والذي لقي استجابة واسعة ودعما أوليا من عدة أطراف، أبرزها الأردن، على غرار “حلف شمال الأطلسي” (الناتو).

هذه الزيارات واللقاءات غير المعلنة سابقا، جاءت يبدو نتيجة التطورات السياسية الدولية والإقليمية، ومحاولات إيران التي سرعان ما بدأت في استغلال الثغرات الأمنية في المنطقة، خاصة في سوريا، نتيجة الغزو الروسي لأوكرانيا، والانسحاب الجزئي للروس منها. لكن ثمة تساؤلات عديدة ترافق فكرة هذا المشروع، ألا وهي مدى احتمالية تشكيل “ناتو شرق أوسطي” لمواجهة النفوذ الإيراني في المنطقة، وفيما إذا سينجح تشكيله لتتم مواجهة النفوذ الإيراني.

محاولة استراتيجية لردع إيران

العاهل الأردني، الملك عبد الله الثاني من جانبه، عزز فكرة مشروع “ناتو الشرق الأوسط”، وبيّن يوم الجمعة الماضي، أن هذا المشروع يمكن أن يتم مع الدول التي تشاطره الرأي، ونوّه إلى أن الغزو الروسي لأوكرانيا ساعد بالفعل في توحيد دول الشرق الأوسط.

ولم يعلن الملك الأردني بتفاصيل أكثر، حول “ناتو الشرق الأوسط”، فيما يتعلق بزاوية هوية الدول التي ستشارك فيه، أو الأهداف المحددة له، لاسيما مع المعطيات التي تشير إلى أنه سيكون ندّا لمواجهة الوجود الإيراني في المنطقة العربية، وبمشاركة رئيسية من جانب إسرائيل.

وضمن هذا السياق، يرى الكاتب الصحفي والباحث السياسي المصري، كريم شفيق، أن “فكرة الناتو هذه تمثل محاولة استراتيجية من قبل الولايات المتحدة بالدرجة الأولى، والتي تقوم بالانسحاب أو إعادة تموضع قواتها في المنطقة بهدف دمج عدة قوات في الخليج وإسرائيل لمواجهة طهران وتفلت نشاطها الميداني، بما يشكل تهديدات جمة على أمن واستقرار الإقليم لا سيما في ظل تعثر مفاوضات فيينا من جهة ورفض النظام الإيراني ربط المفاوضات وإحياء الاتفاق بتعديل سلوكها الإقليمي، الأمر الذي يضطر دول الإقليم بتشكيل قوة ردع أمام احتمالات التصعيد المحتملة”.

وتعود فكرة تشكيل الناتو المطروح، وفق شفيق، إلى “جيمس ماتيس لعام 2018 وقد أطلق عليها وزير الدفاع الأميركي السابق مسمى تحالف الشرق الأوسط الاستراتيجي، وتتماثل أهدافها مع المطروح راهنا وهو مواجهة المشروع الإيراني في المنطقة ودورها السياسي والميداني العسكري عبر وكلائها في سوريا واليمن والعراق وتهديداتها المستمرة، تحديدا بعد التصعيد العنيف مع إسرائيل والمتبادل بينهما”.

وأردف شفيق لموقع “الحل نت”، أن “ناتو شرق الأوسط” يهدف إلى تدشين تعاون عسكري، يتصل بالدفاع الصاروخي، والتدريب العسكري، فضلا عن تأسيس درع من أنظمة الدفاع الجوي، الأمر الذي سيوفر حماية من الصواريخ البالستية الإيرانية.

وفي تقدير الباحث السياسي، أن “الموقف من تشكيل الناتو سيتوقف على مجموعة اعتبارات أهمها النتائج والمآلات الخاصة بمفاوضات فيينا، فضلا عن مواقف الدول العربية للانخراط في ذلك الموقف، خاصة أن الحديث عن الناتو منذ عام 2018 ولم يشهد أي تطور”.

وبالتالي، وفق الباحث السياسي، فإن هذه المحددات هي التي سيتوقف عليها إنجاح عملية تأسيس “ناتو شرق الأوسط” من عدمه لكن قد تنجح عبر اصطفاف عدد من دول الخليج مع إسرائيل، لاسيما مع التحالفات الاستراتيجية الأخيرة مع تل أبيب وقطار التطبيع والتفاهمات الذي يجري.

يذكر أن فكرة مشروع “تحالف الشرق الأوسط الاستراتيجي”، هي التسمية التي أطلقها جيمس ماتيس، وزير الدفاع الأميركي السابق، عن التحالف العربي، في المقام الأول، إلى المشروع الإيراني، في المنطقة، ودورها السياسي والعسكري المتنامي، عبر وكلائها، فيما يعد، من ناحية أخرى، جزءا من الضغط الذي تفرضه واشنطن ضد طهران، منذ بدء الحصار الاقتصادي عليها، وسياستها الجديدة، بغية “تغيير سلوك” طهران، وتهديداتها المستمرة، كما أعلن وزير الدفاع الأميركي في عام 2018.

وكان قد التقى الملك الأردني عبد الله الثاني ولي عهد السعودية، محمد بن سلمان، قبل أيام، فيما يترقب الأخير زيارة الرياض التي سيجريها الرئيس الأميركي، تموز/يوليو المقبل.

ومنتصف الشهر الجاري، صرح وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس، أن على إسرائيل والدول العربية التي تشاركها المخاوف بشأن إيران أن تعزز قدراتها العسكرية تحت رعاية واشنطن.

ونوّه غانتس في خطاب إلى تقارب العلاقات الأمنية الإسرائيلية مع دول الخليج العربية في إطار حملة دبلوماسية برعاية الولايات المتحدة عام 2020، وكذلك مصر والأردن، قائلا إن هناك جهودا لتوسيع هذا التعاون، بحسب وكالة “رويترز”.

قد يهمك: أدوار سعودية وأردنية في الملف السوري.. ما الذي سيحصل؟

من ضمن هذا الناتو؟

حسب وسائل الإعلام الإسرائيلية، فإن هذا “الناتو” سيضم: إسرائيل، الولايات المتحدة، الأردن، مصر، السعودية، الإمارات، البحرين، والسودان.

في سياق متصل، ذكر المحلل الإسرائيلي المختص في شؤون الشرق الأوسط في صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية، زفي بارئيل، في مقال رأي نشره الأسبوع الماضي، أن التقارير عن إنشاء تحالف دفاعي إقليمي، والذي سيضم إسرائيل وعدد من دول الشرق الأوسط الأخرى، بعث حياة جديدة في الفكرة المألوفة لتأسيس “حلف شمال الأطلسي في الشرق الأوسط”.

وأضاف: “سيكون هذا نوعا من تحالف الدول العربية، الذي سيقيم مع إسرائيل درعا دفاعيا ضد التهديد المشترك المتمثل في إيران”.

وأشار إلى أن الإحاطات الإعلامية الأخيرة التي قدمها مساعدون ومستشارون للرئيس الأميركي بايدن، توحي بأنهم قلقون من مناقشة التحالف العسكري، وبدلا من ذلك يؤكدون على نقطة الحديث المتمثلة في “رفع مستوى اندماج إسرائيل في المنطقة كاستمرار لاتفاقات إبراهيم”.

وتأمل واشنطن أن يساعد المزيد من التعاون، وخاصة في مجال الأمن، على زيادة اندماج إسرائيل في المنطقة وعزل إيران، وفق تقرير لوكالة “رويترز”، مؤخرا.

وأشار موقع “بريكنغ ديفنس” الموقع المتخصص بالشؤون الدفاعية، ومقره نيويورك، في تقرير له، مؤخرا، إلى مسألة تشكيل “ناتو شرق الأوسط”، وأنه من المحتمل أن تظهر بشكل حاسم خلال زيارة الرئيس جو بايدن المرتقبة إلى المنطقة في الشهر المقبل.

وأضاف الموقع، أن تعليقات العاهل الأردني تعد الأقوى من زعيم إقليمي حول هذه القضية. بينما قال وزير الدفاع الإسرائيلي، إن مشروع “الناتو” المطروح سيشمل شبكة دفاع جوي إقليمية بقيادة الولايات المتحدة تضم بعض الدول العربية.

وعليه، وبحسب محللين، فإن كل هذه التحركات الأخيرة والقمة العربية الأميركية المرتقبة خلال الشهر المقبل، وسط استغلال إيران للظروف الدولية وخطر توسعها، أصبحت ضرورة ملحة من قبل دول المنطقة والتي تتشارك مخاوفها في مواجهة خطر التمدد الإيراني، من أجل التحرك وتشكيل قوة رادعة لمواجهة هذه التهديدات الإيرانية، وبالتالي إن حصل هذا الأمر بالتأكيد سيكون هناك تداعيات جمة على المنطقة لا سيما في سوريا.

قد يهمك: من جديد.. مشروع “ناتو عربي” فما علاقة الأردن والسعودية؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.