تتسع خيوط النفوذ الإيراني لتشمل مختلف التنظيمات الدينية في العراق، بما في ذلك التيارات السلفية العراقية، رغم اختلافها في المذهب والتوجهات العقائدية مع النظام الإيراني.

وتنقسم التيارات السلفية العراقية إلى مجموعات عديدة، انبثق منه شيوخ وشخصيات مؤثرة بالمناطق السنية، تدافع عن المصالح الإيرانية، بأسلوب مشابه لقادة الميليشيات الشيعية الولائية. ما يطرح كثيرا من الأسئلة عن الكيفية التي وصل بها النفوذ الإيراني إلى تلك المجموعات.

أنواع السلفية العراقية

الباحث بشأن المكون السني حيدر الكرخي يصنّف السلفية العراقية إلى تيارات متعددة، تختلف فيما بينها بالعقائد الدينية والعمل السياسي.

ويقول الكرخي، في حديثه لـ “الحل نت”، إن “أتباع التيارات السلفية في العراق كانوا يتمذهبون بالمذهب الحنفي، أما اليوم فنجدهم من مختلف مذاهب أهل السنة والجماعة، مثل الحنفية والشافعية والحنبلية”. مستدركا: “كثير منهم لا يتمذهب بمذهب معين، بقدر اتباعه الفكر السلفي العام”.


واوضح أن “السلفية تنقسم لثلاث تيارات دينية: السلفية التعليمية أو الدعوية، كما تطلق على نفسها، وهي تقتصر على الالتزام بمنهج السلف الصالح، ولا تكفّر الآخرين. وكثيرين من أتباع هذا التيار شاركوا في العمل السياسي، وشغلوا مناصب عليا، مثل محمود المشهداني، النائب الحالي في البرلمان العراقي، ورئيس البرلمان الأسبق”.

ويتابع بالقول: “التيار الثاني يسمى السلفية الجامية، وسميت بذلك لاتباعها مذهب الشيخ محمد بن أمان الجامي، وأكبر شيوخها محمد خضير أبو منار العلمي، الذي لديه مقلدون وأتباع في محافظة صلاح الدين وعموم العراق، بما في ذلك إقليم كردستان”.

موضحا أن “هذا التيار اجتماعي أكثر مما هو سياسي، لأن أتباعه يؤمنون بمقولة إطاعة ولي الأمر، وإن كان كافرا، مما جعلهم يبتعدون عن السياسة، ويتوجهون لطلب العلم”.

لافتا إلى أن “أشهر موقف لأبي منار العملي كان عام 2013، إذ أصدر فتوى، تناقلها أتباعه السلفيون على مواقعهم، بحرمة المظاهرات ضد رئيس الوزراء نوري المالكي، بوصفه وليا للأمر في العراق”.

ويبيّن الكرخي أنه قد “تم تنصيب العلمي أميرا للعراق من قبل زعيم السلفية الجامية في العالم، الشيخ السعودي ربيع المدخلي، في أيام الحكم الأميركي للعراق”.

وأشار الباحث إلى أن “التيار الثالث في السلفية العراقية هو الجهادية التكفيرية، التي تشظّت لأصناف وتيارات مختلفة بعد عام 2007″، عازيا ذلك إلى “الحرب الأهلية، التي اندلعت في العراق، والتي شارك فيها ذلك التيار بنشاط، عبر عدد من الأعمال الإرهابية، ما أدى لاعتقال كثير من قياداته من قبل القوات الأميركية”.

مبينا أن “أبرز التنظيمات، التي خرجت من رحم هذا التيار، القاعدة وداعش. أيضا توجد شخصيات بالفكر نفسه، لكن بتوجه مختلف، إذ أنها تدعم الحكومة الحالية والعملية السياسية”.

تيارات السلفية العراقية ولائية لطهران

السياسي العراقي ناجح الميزان تحدث لموقع “الحل نت” عن النفوذ الإيراني داخل التيارات السلفية العراقية، مؤكدا أن “موالاة السلفيين المتطرفين لطهران لا تختلف عن ولاء الفصائل المسلحة الشيعية لها”.

وأوضح السياسي العراقي أن “عددا من أهم شخصيات التيار السلفي، مثل النائب محمود المشهداني والمفتي مهدي الصميدعي، يعلنون بصراحة موالاتهم لإيران”. لافتا إلى أن “المشهداني كان من معارضي نظام صدام حسين، وعاد إلى العراق بعد سقوط النظام بدعم من طهران. أما الصميدعي، وهو مفتي أهل السنة والجماعة بالعراق، فمعروف بقربة من إيران، وفي شهر رمضان من كل عام يقيم مأدبة إفطار للسفير الإيراني بالعراق، وكان يتمتع بعلاقة جيدة مع الجنرال قاسم سليماني، قائد فيلق القدس بالحرس الثوري الإيراني”.

متابعا حديثه بالقول: “أما على مستوى السلفية الجهادية، فلو فككنا خطابات التنظيمات الإرهابية، مثل القاعدة وداعش، سنجدها تستعمل مفردات قريبة لخطاب ولاية الفقيه، مثل نصرة المستضعفين، والاستكبار العالمي، وغيرها”، مشددا على أن “هذه التنظيمات لا تستهدف إيران حتى على الصعيد الإعلامي”.

وأشار الميزان إلى أن “جميع الأعمال الإرهابية، التي تقوم بها التنظيمات السلفية الجهادية، لم تستهدف يوما المصالح الإيرانية في العراق، مثل البعثات الدبلوماسية أو الشركات، على عكس ما فعل ناشطو انتفاضة تشرين مثلا في مدن الوسط والجنوب، الذين أحرقوا القنصليات الإيرانية أثناء مظاهراتهم”.

ويسرد السياسي العراقي واقعة حدثت عام 2005، عندما “خطفت بعض الفصائل المعارضة للقوات الأميركية القنصل الإيراني في العراق، وسلمته لأبي مصعب الزرقاوي، زعيم تنظيم القاعدة بالعراق حينها. وتفاجأت فيما بعد بأن الزرقاوي أعاد القنصل إلى إيران”.

السلفية في إقليم كردستان العراق

فيما لفت مصدر كردي، الى أن تيارات السلفية بإقليم كردستان العراق هي امتداد لما يوجد في المحافظات العراقية الأخرى، وأنشطها السلفية الجامية، الداعمة لنظام الحكم بالإقليم.

ويقول المصدر، في حديثه لـ”الحل نت”، إن “السلفيين الدعويين بالإقليم أغلبهم من الأحزاب الدينية، المشاركة بالعمل السياسي بكردستان والعراق”.

مؤكدا أن “إيران تؤثر على تيارات السلفية العراقية كلها، وهنالك زيارات متبادلة بين قادة من التيار السلفي في كردستان ومسؤولين إيرانيين”.

مضيفا “بعض السلفيين في محافظة السليمانية بالتحديد لديهم علاقات ممتازة بطهران، وذلك بسبب تحالفهم مع حزب الاتحاد الوطني الكردستاني، المعروف بصلاته الجيدة مع إيران”.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.