لا تزال أزمة تقنين المياه، والكهرباء الهاجس الأكبر الذي يرافق الحياة اليومية للسوريين؛ بل وأصبحت مصدر قلق لهم، ففي مشهد الحياة اليومية في سوريا، أصبح حلم لدى كل بيت تكملة “وجبة الغسيل” في ظل عودة البلاد إلى عصر ما قبل الكهرباء، وغياب المياه.

الغسيل على “اليدين”

جملتين متتاليتين بصوت أنثوي ممتعض هما “ما لحقت” و”هلأ حطيتها” كناية عن حلم المرأة السورية في تكملة “وجبة الغسيل” في ظل غياب للكهرباء، والمياه لساعات طويلة.

وبهذه الجملة، “طق قلبنا لجبنالهن تياب، وعفنوا بالغسالة” تختصر أم محمد (أم لطفلين – حمص) لتلفزيون “الخبر” المحلي، اليوم الثلاثاء، “توقعنا أنو جبنالهن تياب على العيد الصغير، ونفدنا من العيد الكبير، بس عبث التياب عم تنتزع بالغسالة، عم تضل يومين وتلاتة بالمي والصابون وما عم تكمل الدورة”.

من جانبها، تشرح سمر (عروس جديدة – اللاذقية) للموقع المحلي، عن خيبة أملها في هدية عرسها “تزوجت في أيار/مايو الفائت ووصلتنا هدية غسالة، فلم ننعم بغسل وجبة متصلة منذ تركيبها، حيث أغسل الثياب كالجدات على يدي”.

بينما تقول ليلى، الابنة الكُبرى في عائلة مكونة من وأم و3 بنات بريف دمشق لتلفزيون “الخبر”، “غياب الكهرباء، والماء حول الغسالة لتحفة فنية في المنزل لا فائدة منها سوى أنها تُخفي عيب الحائط خلفها، إلا أن الجمالية في الموضوع، أن الوضع الحالي أعاد الدفء إلى المنزل، وجمع سيدات الأسرة بشكل شبه يومي في ظل التفرقة التي خلقتها السوشيال ميديا”.

وتابعت في حديثه، “نجتمع نساء العائلة ،والجارات على السطح قُبيل المغرب، وأمام كل واحدة منا (طشت غسيل)، وتبدأ حفلة الغسل اليدوي، ونتبادل الأحاديث ونشرب المتّة ،والشاي، ونغني وفي نهاية اليوم، وبعد نشر الغسيل نحمدالله ونشكر وزارتي الكهرباء، والمياه على إعادة الدفء لعلاقاتنا الاجتماعية”.

قد يهمك: تقنين لعام كامل.. المياه تغيب عن مناطق في دمشق

تقنين حاد في سياق ندرة المياه والكهرباء

خلال فصل الصيف، قال مدير مؤسسة المياه والصرف الصحي في دمشق وريفها سامر الهاشمي لإذاعة “ميلودي إف إم” المحلية، مؤخرا، أن “معظم مناطق مدينة دمشق التي تزود بالإسالة لم تتعرض لمشاكل لكن انقطاع الكهرباء، كان له تداعيات على المناطق المرتفعة التي تزود بالضخ كمنطقة: المهاجرين والجادات وحي الورود والمزة 86”.

وأشار الهاشمي إلى أن “الهاطل المطري للسنة الماضية كان متباين؛ لكنه يعتبر وفير، وستكون المياه كافية، ولكن لا بد من وجود معاناة في فصل الصيف”.

ونوّه الهاشمي إلى أن “التقنين سيصبح أشد مع توغلنا في فصل الصيف، ولكن العبرة ليست بفترة التزويد، وإنما بالحاجة اللازمة للشرب، والتنظيف التي ستغطي حاجة المواطن”.

وفي تقرير لصحيفة “الوطن” المحلية، نشر اليوم الثلاثاء، ادّعى مجموعة من سكان منطقة جرمانا في ريف دمشق، أنهم مجبرون على شراء المياه من الصهاريج، بكلفة تصل إلى 30 ألف ليرة، وأضافوا أن صاحب الصهريج يبرر هذا السعر بشراء لتر مازوت بـ 7 آلاف ليرة سورية في السوق السوداء.

وبالنظر إلى أن إمدادات المياه في المدينة لا تتوفر، إلا ليوم واحد مقابل ثلاثة أيام انقطاع، ولكن انقطاع الكهرباء يمنع الأهالي من ملء الخزان تماما في يوم الوصول، فيجب عليهم شراء الماء من هذه الصهاريج، إلى جانب تشغيل المولدات لنقل المياه إلى الخزانات، والتي تتطلب لإنجاز المهمة شراء ليتر من البنزين بتكلفة لا تقل عن 6 آلاف ليرة.

أما في إطار زيادة ساعات تقنين الكهرباء، صرح مدير كهرباء اللاذقية جابر عاصي في حديث لبرنامج “حديث النهار” على إذاعة “شام إف إم“، قبل فترة ليست ببعيدة، “بسبب الضغوط على الشبكة, وارتفاع درجات الحرارة خلال فصل الصيف نضطر لأن يكون التقنين قاس، وذلك حسب الكميات الواردة للمحافظة، وارتفاع الحرارة ما يدفع لتخفيض أداء مجموعات التوليد”.

وبيّن عاصي، “ظهور نقاط ضعف أخرى بسبب تخصيص قسم من الوارد الكهربائي، لصالح تأمين المياه بنسبة 90 بالمئة من الطلبات للأحياء السكنية التي تعاني من تأزم مائي، حيث يتم تزويدها ضمن فترات النهار، و برنامج التقنين المتّبع حاليا، هو في الفترة الصباحية، وحتى الساعة الرابعة عصرا، نصف ساعة وصل، مقابل خمس ساعات ونصف قطع، أما بعد السابعة يعود إلى ساعة وصل مقابل خمس ساعات قطع”.

الكهرباء هي السبب؟

مؤخرا، كشف مدير الصيانة، والاستثمار في المؤسسة العامة لمياه دمشق وريفها، عن تأثير الانقطاع العام للكهرباء على مخزون المياه، ووصولها إلى المنازل في العاصمة وريفها.

وبيّن مدير الصيانة والاستثمار جمال حموده، إن “التعتيم العام” للكهرباء قبل أيام أدى إلى تأخير وصول المياه إلى المنازل لمدة 10 ساعات، وفق ما نقلت عنه صحيفة “الوطن” المحلية آنذاك.

ونوّه المدير، إلى عدم وجود أي تعديل في برنامج تقنين المياه، وأن ما حصل، هو تأخير في أدوار ضخ المياه إلى المنازل، لافتا إلى أن الأمور بدأت بالتّحسن تدريجيا. ويتناقض ذلك مع تصريحات مدير مؤسسة المياه والصرف الصحي في دمشق وريفها، الذي قال إن ساعات تقنين المياه ستزداد مع التوغل أكثر في فصل الصيف.

وتعاني البلاد من أزمات متتالية ،وخانقة في قطاعات الخدمات، ولا سيما الكهرباء، والمياه حيث أصبح من الأحلام وصول المياه إلى خزانات المنازل، وخصوصا الطوابق العليا نتيجة ضعف الضخ الناتج عن غياب الكهرباء.

كما وشهدت البلاد تقنينا كهربائيا شديدا خلال الأسبوعين الأخيرين جرّاء النقص الحاصل في المحروقات حيث وصلت ساعات التقنين إلى 5 قطع وساعة وصل في العاصمة، ولم تتجاوز النصف ساعة وصل خارجها.

قد يهمك: سوريا.. صهريج المياه بـ400 ألف ليرة شهرياً

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.