على الرغم من أن الدستور السوري الذي أقرّ في عام 2012، نص على أن الاستيلاء على الممتلكات الخاصة بالمدنيين أمرٌ مخالف، إذ تنص المادة 15 من الدستور، على أنه لا يجوز نزع الملكية الفردية، إلا أن المادة ذاتها بررت للحكومة فعل ذلك باشتراطها فعل، ذلك تحت بند “المنفعة العامة” والتي اتخذها المخطط التنفيذي في حي جوبر بالعاصمة دمشق مرجعا له.

مخطط تنظيمي لـ6 مناطق

بعد سنوات على الجدل الذي تسبب فيه، نشرت محافظة دمشق بيانا، اليوم الثلاثاء، أعلنت فيه عن إصدار الخطة التنظيمية التفصيلية لمنطقة جوبر في العاصمة دمشق.

وشمل المخطط التنظيمي التفصيلي رقم 106، لتعديل الصفة العمرانية للمناطق العقارية (جوبر – قابون – مسجد أقصاب – عربين – زملكا – عين ترما)، من منطقة (B) حماية، و(C) زراعية داخلية، و(j) توسع سكني إلى (i) مناطق قيد التنظيم، وفق الحدود المبينة على المصور ومنهج الوجائب ونظام البناء الملحَقين به لمنطقة جوبر.

وأوضحت المحافظة، أنه يمكن لأصحاب العلاقة الاطلاع على المخطط المعلن في بهو مبنى المحافظة، وتقديم الاعتراضات خلال مدة ثلاثين يوماً من تاريخ الإعلان.

وتعليقا على ذلك، قال مدير التنظيم والتخطيط العمراني في محافظة دمشق، حسن الطرابلسي، لإذاعة “شام أف أم” المحلية، إن الخطة وضعت بعد انتهاء محافظة دمشق من دراسة منطقة جوبر ومحيطها، التي قدرت مساحتها بـ 304 هكتارات بغالبية مدمرة، كجزء من خطة إعادة الإعمار.

لا تعويض لأصحاب العقارات

قبل عدة أعوام، أكدت محافظة دمشق عزمها دراسة مخططات لتنظيم مناطق المخالفات في العاصمة ومحيطها، بحيث تتم في كل عام دراسة منطقة عشوائية معينة، وأنه لن تبقى أي منطقة مخالفة دون تنظيم، لكن أصحاب العقارات والأراضي هم الحلقة الأضعف، إذ يمتلكون نافذة محدودة لإثبات ملكيتهم للعقارات، مما يهدد الكثيرين ممن يفتقرون إلى سندات الملكية أو يتشردون بمصادرة ممتلكاتهم وسبل عيشهم.

منطقة جوبر، التي أقر مخططها اليوم الثلاثاء، اعتبرتها المحافظة بلدة قديمة، وجزء منها زراعي وآخر يتضمن مخالفات، وبحسب الطرابلسي، الآن أصبحت منطقة تنظيمية سكنية تحتوي جميع أنواع الخدمات.

كما ذكر الطرابلسي، أن المناطق التي ستدخل في التنظيم موجودة ضمن المناطق العقارية لدمشق، وتم الاتفاق على اعتبار المتحلق الجنوبي الفاصل بين الحدود الإدارية لمحافظتي دمشق وريف دمشق.

وعن مصير قاطني المناطق التي ستخضع للتنظيم، أفاد الطرابلسي، بأنه لا يوجد سكن بديل لقاطني تلك المناطق فالمنطقة شبه خالية من السكان ويطبق عليها القانون رقم “23”، ولكن يحصل السكان على أسهم بدلا عن ملكياتهم، لافتا إلى أنه سيتم تشكيل لجان قضائية لتحديد قيمة الأملاك، وتحتاج لـ 6 أشهر تقريبا لصدور المرسوم التنظيمي لتلك المناطق.

جوبر تلحق حرستا

في 14 أيلول/سبتمبر 2021، أصدر الرئيس السوري، بشار الأسد، المرسوم رقم 237 الذي فرض قيودا جديدة على “تقسيم المناطق” في مناطق المدخل الشمالي لدمشق، بما في ذلك القابون وحرستا، ويستند المرسوم إلى مخطط التخطيط رقم 104 الذي صادق عليه مجلس محافظة دمشق، ودراسة الجدوى المعتمدة للخطة، والتي تقدر الإيرادات التي يحتمل أن تحصل عليها الحكومة من تنفيذ المخطط.

يغطي المخطط التخطيطي رقم 104 الصادر في حزيران/يونيو 2019، ما يقرب من 200 هكتار (2 مليون متر مربع) من القابون وحرستا، ووفقا للخطة، ستقوم الجهات الحكومية بتنفيذ أعمال الهدم ،وتقسيم المناطق في المنطقة المستهدفة، والتي يقع أكثر من 70 بالمئة منها في حي القابون وحده، وفي المنطقة المخصصة، من المرجح أن تنفذ الحكومة مشروعا، يتكون من عدة أبراج سكنية وتجارية وخدمية، بالإضافة إلى مرافق استثمارية ومستشفيات ومدارس وعدد من مراكز الخدمة للمدينة.

قدم فيصل سرور، عضو المكتب التنفيذي لمركز دبي للسياسات في دمشق، المشروع إلى وسائل الإعلام من خلال صحيفة “الوطن” المحلية، مدعيا أن التخطيط الجديد يسعى إلى إبراز هوية دمشق كمدينة للخدمات والتمويل والأموال، ليس كمدينة للمؤسسات الصناعية أو الزراعية، وضمن هذه الرؤية، من المرجح أن تتم إزالة جميع الورش والمصانع الصناعية، المتوسطة والصغيرة، من القابون وحرستا، متجاهلين حقيقة أن هذه المنشآت هي مصدر دخل الأشخاص الذين يشغلونها ويملكونها.

الأهم من ذلك، أن المرسوم رقم 237 ليس حالة فريدة من نوعها لإساءة استخدام الأطر القانونية من قبل المؤسسات السورية، ففي عام 2012، استغلت “دي بي سي” تفويضها بموجب المرسوم التشريعي رقم 66 لعام 2012، والقانون رقم 10 قبله، والذي تم تطبيقه على منطقة تقسيم مدينة “ماروتا سيتي”، بما في ذلك منطقتي الرازي وكفرسوسة.

وبموجب المرسوم رقم 66، صادرت المديرية العامة للإنشاءات، مساحات كبيرة من الأملاك، قرابة 50 قطعة أرض، من مالكيها دون تعويض، وتم تخصيص المناطق المصادرة مواقع توسعة لمقر رئاسة مجلس الوزراء، ومجلس الشعب، والدوائر التابعة له.

وفي أعقاب المرسوم، أصدر وزير الإسكان تعليمات الإسكان البديل كتعويض عن المباني التي سيتم هدمها أثناء عملية تقسيم المناطق، ومع ذلك، كانت التعليمات واضحة بشأن المستفيدين من البدائل الموعودة، والذين يجب أن يكونوا شاغلين يقيمون في المناطق المستهدفة، وهذا يعني أن النازحين من القابون، وحرستا الذين فروا من مناطقهم التي دمرتها الحرب، لن يحق لهم الحصول على سكن بديل، لأنهم ليسوا سكان المنطقة الحاليين.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.