تعرف بـ “أم النخيل”، ولكنها قد لا تعود كذلك، فعاصمة العراق الاقتصادية البصرة، فقدت في السنوات الأخيرة أكثر من 10 ملايين نخلة، والأمر يستمر نحو الأسوأ.

تقرير لموقع “المنصة“، قال مؤخرا، إنه منذ نحو أسبوعين نشبت أولى حرائق هذا العام في بساتين النخيل شمالي محافظة البصرة، في ظاهرة يعزو خبراء بيئيون تكرار وقوعها إلى تفاقم أزمة التغير المناخي.

الحرائق الثلاث نشبت على مساحة 60 دونما زراعيا وأسفرت عن تفحّم 1400 نخلة في 3 قرى تابعة لقضاء المدينة، هي “الوحيد” و”السعيد” و”الكصوان”.

بحسب التقرير، فإنه رغم تكرار الحرائق في كل صيف وتكبيدها المرزاعين الجنوبيين خسائر فادحة إلا أن الحكومة المحلية لم تعلن عن إجراءات وقائية أو خطط مستقبلية للتعامل معها.

يقدر عدد شجر النخيل في البصرة اليوم بحوالي مليونين و800 ألف نخلة فقط، بعد أن كانت المحافظة تمتلك سابقا نحو 13 مليون نخلة، ويعزو المسؤولون موت أشجار النخيل إلى الحرائق أو إلى العوامل المناخية.

تغيرات مناخية

مدير زراعة البصرة هادي حسين قال لـ “المنصة”، إن ازدياد عرض اللسان الملحي قلّص أعداد شجر النخيل في مناطق الفاو وأبو ادخصيب والسيبة والمناطق المحاذية لها، التي خرجت تقريبا من الخطة الزراعية.

بدوره بيّن مسؤول منظمة “طبيعة العراق”، جاسم الاسدي، وفق التقرير، أن ظاهرة الاحتباس الحراري أثرت كثيرا على كمية ونوعية المياه في البصرة.

وأشار، إلى أن “معدلات التبخر ترتفع باضطراد في المسطحات المائية ونسبة الملوحة تزداد كثيراً، والعواصف الترابية تتكرر (…) هذا كله يسبب الأذى لبساتين النخيل على ضفتي شط العرب في البصرة”.

الأسدي رأى، أن التغيرات المناخية تصيب البصرة أكثر من بقية مناطق الجنوب، والسبب برأيه أن المحافظة “تقع عند مصب نهري دجلة والفرات، وهي آخر ما نجده من أرض بعد حوضي النهرين الكبيرين”.

ولفت الأسدي حسب تقرير “المنصة”، إلى أن حصص البصرة المائية قد تتأثر أكثر من محافظات الوسط؛ لأن الجميع يتجاوز على حصة البصرة، محذرا من أن تؤدي التغييرات المناخية إلى نزاعات أهلية.

البصرة الأكثر تضررا

في 30 أيار/ مايو الماضي، قال قائمقام قضاء شط العرب في البصرة، حيدر طعمة خضير، إن جميع المؤشرات تؤكد أن الفترة المقبلة ستشهد نقصا كبيرا في المياه، وأن محافظة البصرة ستكون أكثر المدن تضررا، بحسبه.

وبيّن خضير في تصريح لوكالة الأنباء العراقية “واع”، أن “الضرر سيكون على مياه الموارد بصورة مباشرة، فضلا عن الحقول الزراعية وتربية الحيوانات؛ بسبب غزو اللسان الملحي وصعوده إلى أعالي شط العرب”.

قائمقام قضاء شط العرب، أشار إلى أن حدوث ذلك الضرر متوقع في الفترة المقبلة؛ نتيجة ارتفاع درجات الحرارة في فصل الصيف، على حد تعبيره.

خضير أعرب عن أمله، في “وضع حلول رقمية دقيقة من قبل وزارة الموارد المائية، لإطلاق الكميات الكفيلة بإيقاف زحف اللسان الملحي، على الأقل من رافد قناة كتيبان”.

ولفت، إلى “عدم وجود حلول سريعة لمشكلة اللسان الملحي وارتفاع نسبة الملوحة، باستثناء ربط مشاريع ماء الإسالة على القناة الإروائية، والتي تضمن تأخر ارتفاع نسبة الملوحة، لكنها ليست حلا للمشكلة”.

أزمة ملوحة وعجز مائي

تحذير خضير جاء، بالتزامن مع أزمة ملوحة يشهدها نهر الفرات، وأعلنت وزارة الموارد المائية، نهاية الشهر المنصرم، إقرار تخصيصات مالية خاصة بمعالجة الملوحة في نهر الفرات.

وانخفضت معدلات إيرادات نهري دجلة والفرات، بحوالي 50 بالمئة عن معدلاتها الطبيعية خلال الأعوام الماضية، لتتسبب بانخفاض مليار لتر مكعب من المياه، وخروج 260 ألف دونم من الأراضي الزراعية المنتجة عن الخدمة، حسب إحصاءات شبه رسمية.

يشار إلى، أن التغير المناخي سيدفع بالعراق نحو عجز مائي تصل نسبته إلى 10.8 مليار متر مكعب بحلول عام 2035، على حد قول رئيس الجمهورية برهم صالح في تصريح صحفي بوقت سابق.

العجز المائي الذي تحدّث عنه صالح، هو بسبب تراجع مناسيب مياه دجلة والفرات والتبخر بمياه السدود وعدم تحديث طرق الري، وقطع تركيا وإيران لحصة العراق المائية، وفق وزارة الموارد المائية العراقية.

يجدر بالذكر، أن العراق يصنّف الأول عالميا بالتغيرات المناخية مما ينذر بجفاف كبير، ويعد من أكثر البلدان تضررا من ناحية شح المياه والأمن الغذائي.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.