أزمة الكهرباء تفاقمت بشكل كبير في سوريا، مؤخرا، لتصل ساعات التقنين إلى أكثر من 20 ساعة في اليوم، ما دفع الكثير من السوريين إلى استخدام مصادر طاقة بديلة. في الآونة الأخيرة، وضعت حكومة دمشق شروطا لتمويل مشاريع الطاقة البديلة، من خلال صندوق استثماري، والتي ستشمل الطاقة الشمسية بشكل أساسي. إلا أن مبادرة وزارة الكهرباء بهذا الصدد لم تنفّذ، والسبب الرئيسي، هو عدم توافر الاعتمادات المالية لمثل هذه المشاريع خلال المرحلة الحالية، أي عجز حكومة دمشق في هذا الأمر، بحسب تصريحات حكومية، اليوم الأربعاء.

قلة “التمويل”

معاون وزير الكهرباء نضال قرموشة، ردا على سؤال صحيفة “الوطن” المحلية، اليوم الأربعاء، عن فشل وزارة الكهرباء بتنفيذ مشاريع في مجال الطاقة الشمسية، بدلا من تشجيع الأفراد على تنفيذ وتركيب أنظمة الطاقة المتجددة. على نطاق مصغر وبسيط. فأجاب: “السبب الرئيسي، هو قلة التمويل لمثل هذه المشاريع خلال المرحلة الحالية، ومن الأنسب إنشاء محطات طاقة حرارية، كهروحرارية، لأنها أكثر كفاءة، وأقل تأثرا بالظروف الجوية وتغيراتها”.

وأردف قرموشة في حديثه للصحيفة المحلية، أن “كل الدول تسعى لتنفيذ حقول للطاقات الشمسية، عندما تكون قد حققت اكتفاء في الطاقة الكهربائية عبر محطات التوليد التقليدية، الكهروحرارية، بحيث تكون مصادر الطاقات المتجددة، هي رديف ومساهم للطاقات التقليدية، ومثال على ذلك دولة مصر التي تملك 25 بالمئة من الطاقة الكهربائية، الكهروحرارية، فوق حجم الطلب العام على الكهرباء، وبعدها تم التوجه نحو الطاقات المتجددة، لتوفير حوامل الطاقات”.

وأوضح قرموشة، أن مجلس إدارة صندوق دعم الطاقات المتجددة أقرّ منح التمويل، والقروض الخاصة بتركيب منظومات الطاقات المتجددة من دون فائدة في حال كان التمويل عبر الصندوق مباشرة، على حين في حال كان التمويل عبر قروض من المصارف، سيتم دعم الفائدة المعتمدة من مجلس النقد، والتسليف بنسبة 100 بالمئة، لكن في حال كان المصرف يطبق أسعار فائدة أكثر من ذلك ،يتحملها طالب التمويل، وفق الاتفاقية الإطارية التي وقعها صندوق دعم الطاقات المتجددة مع مصرف سورية المركزي.

من جانبه، أشار مدير الصندوق زهير مخلوف، وفق ما نقلته “الوطن” المحلية، إلى أن مدد السداد ستكون حتى 15 سنة للمستفيدين من القطاع المنزلي، وحتى 10 سنوات للمستفيدين من القطاع الزراعي، وحتى 5 سنوات للمستفيدين من القطاع الصناعي، وأنه لن يكون هناك تمويل مباشر للمستفيد (كاش)، وإنما يتم التعاقد مع إحدى الشركات العاملة في مجال تجهيزات الطاقات المتجددة، والمعتمدة من مركز بحوث الطاقة، وبضمانة الصندوق لتنفيذ وتركيب المنظومة التي تمت الموافقة عليها لمصلحة المستفيد، مع ضمانة أن تكون التجهيزات مختارة من المخابر المعتمدة من مركز بحوث الطاقة، وتم تزويد هذه التجهيزات باللاصقات المعتمدة من المركز.

نصف الألواح الشمسية مخالفة

 صحيفة محلية، نقلت عن المحلل الاقتصادي، حيان سلمان، تأكيده، أن نسبة الألواح المخالفة في مختلف المحافظات، وصلت إلى 50 بالمئة، من كمية الألواح الموجودة في السوق، مشيرا إلى الكشف عن وجود ألواح “غير مطابقة للمواصفات الفنية المعيارية المطلوبة”.

وبرر سلمان في تصريحات لصحيفة “تشرين” المحلية، يوم أمس الثلاثاء، أن هذه الألواح دخلت إلى الأسواق بـ”قنوات غير نظامية، لم تعلم بها وزارة الكهرباء، أو المركز الوطني لبحوث الطاقة”، مشيرا إلى أن “الألواح التي دخلت السوق من دون مراقبة، أغلبها من النوع السيئ”.

من جانبه، قال المدير العام للمركز الوطني لبحوث الطاقة السورية، يونس علي، “العام الفائت شهد دخول حوالي 150 ألف لوح شمسي”.

وأشار علي، بحسب ما نقلته صحيفة “تشرين” المحلية، أنه ابتداء من الشهر الجاري، بدأ التشدد على البضائع القادمة من الخارج، والتي تضم هذا المنتج، بالتنسيق مع مديرية الجمارك، وجرى ضبط حوالي 90 بيانا جمركيا حتى الآن.

قد يهمك: ما أسرار دعم الطاقة المتجددة بسوريا؟

هل الحلول البديلة مجدية؟

حكومة دمشق، تبرر أزمة الكهرباء بأن محطات توليد التيار الكهربائي في البلاد، هي محطات انتهى عمرها الفني قبل سنوات، وثمة محطات شارف عمرها الفني على الانتهاء، في الوقت الذي تحتاج فيه إلى صيانة دورية وقطع للغيار. ومن المبررات كذلك عدم توفر كميات كافية من الغاز، لتشغيل محطات التوليد، في الوقت الذي حُوّلت فيه إمدادات الغاز، التي وصلت إلى محطة الريان في حمص آتية من حقول الجبسة في الحسكة، بمعظمها.

ومع استمرار معاناة السوريين، وخاصة في المناطق الخاضعة لسيطرة دمشق، من انقطاع الكهرباء لساعات طويلة، تزامنا مع بدء دخول فصل الصيف، يلجأ السكان لحلول بديلة، لتأمين التيار الكهربائي.

ومن هذه الحلول، “البطاريات” و”الليدات”، بهدف توفير الإنارة فقط، والتي راجت بشكل كبير، خلال السنوات الماضية، كما انتشرت “المولدات الكهربائية”، التي يشتريها أحد الأشخاص أو بعض التجار، حيث يتم توزيع الكهرباء على عدد من المنازل في الأحياء السكنية، مقابل الحصول على مبالغ مالية من الأهالي حسب إنفاق كل عائلة من “الأمبيرات”.

لكن مع اشتداد أزمة المشتقات النفطية وقلة المازوت، خلال العامين الماضيين، بدأ التوجه إلى ما يُعرف بـ”الطاقة الشمسية”، التي تشهد رواجا وانتشارا كبيرا، خلال الأشهر الأخيرة.

وتعددت استخدامات “الطاقة الشمسية”، بين استخدام فردي سواء كان لإنارة المنازل، أو لتشغيلها من قبل مزارعين لري أراضيهم، وبين مشاريع جماعية، يشرف عليها مستثمرون. لكن ليس كل السوريين لديهم القدرة على شرائها، لأنها مكلفة، وهذا يفوق قدرة معظم السوريين اليوم.

بدوره، الكاتب المتخصص في الشؤون الاقتصادية، سمير طويل، قال خلال حديث سابق لـ “الحل نت” إن خطة تحرير أسعار الكهرباء لدى الحكومة السورية، هو أمر طبيعي، ويندرج ضمن المخطط الأشمل المتعلق برفع الدعم عن الحاجات الأساسية للمواطنين الذي تنتهجه دمشق خلال الآونة الأخيرة.

وأوضح أن دمشق تسعى للقول، أن كلفة استجرار الطاقة الكهربائية، وتوزيعها هي كلفة مرتفعة نتيجة ارتفاع أسعار الوقود، وبالتالي لابد من اختلاف تسعيرة الكهرباء، ويتم تحرير الأسعار في هذا القطاع، وبالتالي التملص من دعم المواطنين ضمن هذا القطاع.

الجدير ذكره، أن قيام وزارة الكهرباء السورية بتوفير الاستثمارات لبناء محطات توليد كهربائية بتمويل من الحكومة عن طريق القروض الميسرة، أو تسهيلات دفع مالية، لا يعتبر الحل الأنجح لتلبية الطلب على الكهرباء، والتخفيف من الطلب على “الفيول أويل”، والغاز الطبيعي اللازمَين لتوليد الكهرباء، وذلك بسبب الدعم المباشر المقدَّم لسلعة الكهرباء.

قد يهمك: هذه شروط تمويل الطاقة البديلة في سوريا

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.