حكومة دمشق، تثبت في كل مرة أنها منخرطة في التبعية العمياء لروسيا، فمساء أمس الأربعاء، أعلنت وزارة الخارجية السورية، قرار الحكومة بالاعتراف باستقلال وسيادة ما يسمى جمهوريتي لوغانسك ودونيتسك، وهي المناطق الأوكرانية التي احتلتها روسيا بشكل كامل بعد إطلاق عملية غزو أوكرانيا في شهر شباط/فبراير الماضي، ولذلك فإن هذا الاعتراف النادر بين دول العالم، يدفع للتساؤل حول أسباب اعتراف دمشق بهاتين الجمهوريتين.

لماذا اعترفت دمشق بالجمهوريتين؟

الأمم المتحدة، وفي ردّها على اعتراف دمشق بما يسمى جمهوريتي لوغانسك ودونيتسك، قالت على لسان ستيفان دوجاريك، المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، خلال مؤتمر صحفي له، يوم أمس الأربعاء، أن موقف الأمم المتحدة واضح، وهو الاعتماد على القرار المعني للجمعية العامة للأمم المتحدة، الذي يؤكد على وحدة أراضي أوكرانيا.

من جهته، الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، أعلن قطع كييف جميع العلاقات مع سوريا، بعد اعترافها باستقلال، وسيادة جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك الانفصاليتين المواليتين لروسيا، واصفا قرار حكومة دمشق بالاعتراف بالإقليمين الانفصاليين بأنه “موضوع تافه”، وبأنه يفضل التركيز على مسائل أخرى.

الباحث في الشأن الروسي، سامر إلياس، يرى خلال حديثه لـ”الحل نت”، أن دمشق تحاول تسجيل موقف لصالح روسيا في هذا الاعتراف، مشيرا إلى أن حكومة دمشق، التي تمدها روسيا بكل أشكال الحياة منذ تدخلها في سوريا منذ العام 2015، باتت تعتمد على روسيا بشكل أساسي لبقائها في السلطة.

وأضاف إلياس، أن اللافت في موضوع الاعتراف، بـ لوغانسك ودونيتسك، أن بُلدان الاتحاد السوفييتي السابق جميعها، ومن بينها الدول المتحالفة مع روسيا بشكل أساسي ضمن أحلاف عسكرية، في منظمة شانغهاي، ومعاهدة الأمن الجماعي، والاتحاد الأوراسي، كلها لم تعترف باستقلال الجمهوريتين.

وبيّن إلياس، أن دمشق تُزايد على هذه الدول، في سبيل كسب المزيد من الود الروسي، كما تريد أن تربط بين ما حدث في سوريا منذ العام 2011 على أنه محاولة غربية لتدمير سوريا، وتدمير الدول العربية، من خلال ما عُرف بـ”الربيع العربي”، وأن روسيا تسعى اليوم لتشكيل عالم جديد مناهض للغرب.

من جهته، الباحث السياسي، طارق وهبي، يرى خلال حديثه لـ”الحل نت”، أن السياسة الخارجية السورية، لم تعد ذات قيمة في المنطقة، لذلك تدفع سوريا ولائها السياسي عبر هذا الاعتراف لروسيا، بغية استمرار الدعم من جهة، وفي محاولة لشطب الديون المتراكمة عليها ،والتي أوصلتها لخطر الإفلاس الاقتصادي.

إقرأ:خطوط حمراء جديدة في سوريا.. إيران وروسيا في صراع؟

سوريا لا ترقى لتكون مقاطعة روسية؟

روسيا استطاعت خلال السنوات السابقة جعل سوريا، وحكومتها رهينة بيدها، لذلك، ومنذ بداية الغزو الروسي لأوكرانيا، أعلن الرئيس السوري بشار الأسد تأييده للعملية العسكرية الروسية، وأمس اعترفت حكومته باستقلال جمهوريتي لوغانسك، ودونيتسك.

سامر إلياس، يرى أن أوكرانيا، والجمهوريتين الانفصاليتين، أهم بالنسبة لروسيا من سوريا، فأوكرانيا مسألة وجودية بالنسبة لروسيا.

وعلى الرغم من اعتراف دمشق بالجمهوريتين، وتزلّفها لموسكو، إلا أن الأخيرة ما زالت تنظر إلى سوريا كورقة ضمن أوراق متعددة، في معركتها مع الغرب، ومن الممكن أن ترمي بها في أي مساومة، في حال حصلت على ما تريد في أوكرانيا، أو لخفض التوتر مع حلف “الناتو”، أو من أجل رفع العقوبات التي سيكون لها تأثير كارثي على روسيا على المدى المتوسط والبعيد، فسوريا لا ترقى من وجهة النظر الروسية لأن تكون مقاطعة روسية، بحسب إلياس.

وأشار إلياس، إلى أن اعتراف دمشق باستقلال الجمهوريتين، لن يغير كثيرا من الدعم الروسي لحكومة دمشق، نظرا لأن التركيز الروسي منصب بشكل كبير على أوكرانيا، بينما سوريا حاليا مسألة ثانوية.

أما طارق وهبي، فيرى أن سوريا، ومن خلال اتفاقية الدفاع المشترك مع روسيا تدور في فلك الأخيرة، وبعض دول الاتحاد السوفييتي السابق، وهذا ما جعلها تبحث عن دور ما في السياسة الخارجية للدول التي تساندها ضد الشعب السوري.

وختم وهبي، بأن روسيا تدفع بسوريا إلى عزلة دولية قد تدفع دمشق ثمنها غاليا، في حال تم زعزعة القيادة الروسية من قبل الغرب، فالرهان السوري خطير، سيدفع السوريين إلى منزلق، قد يعزل سوريا عن العالم.

قد يهمك:بعد دعمها لأوكرانيا.. هل بدأ العقاب الروسي لتركيا في سوريا؟

من الواضح أن حكومة دمشق باتت تذعن لروسيا بشكل كامل في معظم قراراتها السياسية، كاعترافها بالجمهوريتين الانفصاليتين، رغم علمها أن اعترافها غير مؤثر، ولن يكون له أي نتيجة على الساحة الدولية، سوى زيادة عزل دمشق، وهو ما سينعكس سلبا بشكل أكبر على السوريين الذين ستزداد معاناتهم في المرحلة المقبلة نتيجة التدهور في كل المجالات في سوريا.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة