الموارد والثروات السورية، باتت مطمعا لكل من الروس والإيرانيين، الذين لا يدخرون جهدا في تقاسمها ونهبها، فالفوسفات من أبرز الثروات في سوريا، والتي تملك منها سوريا مخزونا كبيرا أصبحت اليوم تدار من قبل روسيا بشكل رئيسي، والتي تقوم ببيعها في الوقت الذي لا تحصل دمشق، إلا على نسبة بسيطة من مردودها.

تهريب الفوسفات

في تحقيق أشارت إليه صحيفة “الغارديان” البريطانية، وترجمه موقع “الحل نت” نقلا عن فريق صحفي استقصائي، مفيدة باستيراد أوروبا من شركة روسية ودمشق كميات كبيرة من الفوسفات السوري لإنتاج الأسمدة، في ظل العقوبات ضد روسيا وارتفاع أسعار السماد عالميا.

وأشار التحقيق، إلى أن إيطاليا وبلغاريا وإسبانيا وبولندا في عداد دول من الاتحاد الأوروبي التي تتلقى الفوسفات السوري، موضحا أن العقوبات الدولية لا تحظر استيراد الفوسفات السوري، لكن الأطراف الروسية والسورية الرئيسية في هذه التجارة تخضع لعقوبات أمريكية أو أوروبية، ما يثير التساؤلات إزاء المسؤولية المترتبة في هذا الإطار.

وبين التحقيق نقلا عن وثائق جمركية وبيانات تجارية أن صربيا استوردت بما قيمته 72 مليون دولار منذ عام 2017، بينما استوردت أوكرانيا ما يساوي 30 مليون دولار على مدى السنوات الأربع الماضية.

كما استأنفت إيطاليا وبلغاريا التجارة أيضا خلال العامين الماضيين، وفي يناير الماضي، بدأت إسبانيا وبولندا استيراد الفوسفات السوري، حيث اشترت الأولى بحوالي 900 ألف دولار والثانية 37 ألف دولار هذا العام، وفق بيانات تجارية أوردتها الأمم المتحدة.

التحقيق أكد أن هذه التجارة تنمو بسرعة بعدما أدت الحرب في أوكرانيا إلى ارتفاع أسعار الأسمدة والفوسفات، ما أسفر عن زيادة الطلب على الفوسفات السوري منخفض الثمن وعالي الجودة، والذي كان بين أهم صادرات سوريا قبل عام 2011.

وحول أسلوب تهريب الفوسفات، بين التحقيق، أن عملية البيع إلى أوروبا خارج الرادارات، إذ تعمل سفن الشحن على فصل أنظمة التتبع الخاصة بها أثناء توجهها نحو سوريا ثم تعاود الظهور في طريقها إلى أوروبا لاحقا.

كما أن المبيعات الأوروبية تعزز شبكة معقدة من الشركات الوهمية والوسطاء، بما في ذلك الشركة اللبنانية “مديترانيين” للبترول والشحن، حيث رتبت شركتين تجاريتين يديرهما رجل أعمال لبناني، وصول الفوسفات السوري إلى صربيا عبر رومانيا، بحسب التحقيق.

إقرأ:الفوسفات السوري مقابل الغاز الإيراني.. ما مصلحة طهران؟

الفوسفات ثروة سوريا الكبيرة

تقرير سابق لـ”الحل نت”، أشار إلى أن سوريا تعتبر من أهم مصدري الفوسفات في العالم، وكانت قبل العام 2011 تصدر نحو 3.2 ملايين طن، لكنه فوسفات خام “ومغسول، أي رطب”، وهذا النوع مطلوب عالميا.

وتحتل سوريا المرتبة الرابعة عالميا باحتياطي نحو 3 مليارات طن من الفوسفات، ولم تكن هذه الثروة مستثمرة بشكل جيد قبل عام 2011، إذ لا تزيد كميات الإنتاج عن 3 ملايين طن سنويا، ما جعلها مطمعا لإيران وروسيا، باعتبار أن هذه الثروة كبيرة جدا، إضافة لاستخدامات الفوسفات الأخرى من خلال احتوائه على مواد مشعة، كاليورانيوم ووالثوريوم والموليبيديوم، وهي مواد تدخل بصناعة غازات الأعصاب وأسلحة التدمير الشامل.

قد يهمك:حضور إيراني جديد في مناطق الروس بسوريا.. ما علاقة الفوسفات؟

تنافس روسي إيراني

في نهاية العام 2017، أعلن نائب رئيس الوزراء الروسي ديمتري روغوزين، خلال زيارته لسوريا، أن روسيا هي الدولة الوحيدة التي ستعمل في قطاع الطاقة السورية وإعادة بناء منشآت الطاقة، مشيرا إلى أنه في سورية يوجد أكبر حقل فوسفات يمكن الاستثمار فيه، ومنتجاته مطلوبة في العديد من البلدان مثل الأسمدة، وأوضح في حينه،أن موسكو ودمشق ستعملان على إنشاء شركة مشتركة لاستغلال المخزون السوري من الفوسفات تشرف عليه روسيا.

من جهتها،لا تنكر المواقع الإيرانية أن مادة الفوسفات السورية قد أصبحت بيد روسيا بشكل شبه كامل، من دون أن تخفي امتعاضها من هذا الواقع المرير على طهران، خاصة بعد دخول شركات صربية، بموافقة روسية ضمنية على الأغلب، للاستثمار أيضا في هذا القطاع الحيوي الذي يدر القطع الأجنبي على حكومة دمشق، في خضم الضائقة الاقتصادية الخانقة التي تعيشها.

لذلك عملت إيران على تركيز وجودها العسكري في منطقة خنيفيس الغنية بالفوسفات، والتوسع الواضح لسيطرتها العسكرية على كبرى مناجم الفوسفات في سوريا “المناجم الشرقية بالتحديد”، وتقوم بتهريب الفوسفات السوري عبر الطريق البري، وإن كانت بكميات محدودة لا تؤمن سوى نسبة ضئيلة من حاجة السوق الإيرانية.

الباحث الاقتصادي، يحيى السيد عمر، رأى في حديث سابق لموقع “الحل نت”، أنه بالفعل تمكنت روسيا والدول الدائرة في فلكها من الاستحواذ على غالبية الفوسفات السوري، ومعمل السماد السوري في شرقي حمص تديره روسيا بالكامل إضافة لسيطرتها على أعمال التنقيب، وجميع هذه العقود مجحفة بحق الدولة السورية فحصة الدولة السورية لا تتجاوز 30 بالمئة مقابل 70 بالمئة لروسيا.

وأضاف السيد عمر، أن إيران ترى بأنه قد تم استبعادها عن غالبية مصادر الطاقة السورية كالنفط والغاز والفوسفات، وهي لا تستطيع منافسة روسيا في هذا المجال، كما يلاحظ هنا تراجع الصادرات السورية من الفوسفات إلى إيران بعد عام2017، ففي هذا العام بلغت واردات إيران من الفوسفات السوري أكثر من 200 ألف طن، بينما لم يتجاوز هذا الرقم 5 آلاف طن عام 2021، وهو ما يوضح بشكل جلي تراجع حصة إيران.

إقرأ:إيران تزحف نحو المنشآت الصناعية المدمرة.. والسلطات السورية “تبصم على بياض”

الفوسفات والغاز الإيراني

في منتصف آذار/مارس الماضي، بحث وزير النفط السوري بسام طعمة مع وفد إيراني برئاسة مستشار وزير الدفاع رئيس مجلس التعاون الاقتصادي الإيراني مصطفى إثباتي، سبل تعزيز التعاون في مجالي النفط والثروات المعدنية، بحسب تقرير سابق لـ”الحل نت”.

ومن المواضيع التي تم الاتفاق على تنفيذها، مبادلة الفوسفات السوري، بالغاز الإيراني، بالإضافة لاتفاقات اقتصادية أخرى، تُمكن إيران من التغلغل في الاقتصاد السوري.

يحيى السيد عمر، يرى أنه انطلاقا من أهمية الفوسفات وافتقار إيران له، فإنها تسعى بشكل حثيث للحصول على جزء منه، وهذا الأمر يتم وفقا لمستويين، الأول السعي للحصول على الفوسفات بطريقة خفية عن طريق الميليشيات الإيرانية أو الموالية لإيران خاصة تلك المنتشرة في منطقة خنيفيس، أو عن طريق الاستحواذ على حصة الدولة السورية البالغة 30 بالمئة، وهذا الأمر يعني أن الدولة السورية ستخسر غالبية الفوسفات وهو ما ينعكس سلبا على الإنتاج الزراعي السوري.

من جهته، الباحث السياسي، صدام الجاسر، قال في وقت سابق لـ”الحل نت”، أن الإيرانيون منذ زمن بعيد وهم يحاولون الوصول إلى مناجم الفوسفات السورية، وفرصة انشغال روسيا بأوكرانيا، منحتهم هذا الأمر فاستطاعوا ملء الفراغ الروسي، أولا في المطارات التي تسيطر عليها روسيا كمطار تدمر ومطار التيفور.

وأضاف الجاسر، أنه حاليا بسبب انشغال روسيا بأوكرانيا، بدأت إيران بتنفيذ عقودها في سوريا لاستثمار الفوسفات، ويعتقد البعض أن روسيا تنازلت لإيران، لكن روسيا لم تتنازل، إيران فقط فعلت العقود التي فعلتها مع الحكومة السورية.

قد يهمك:فاتورة جديدة تزيد من أعباء قروض السوريين

يذكر أن سوريا تحتل المرتبة الرابعة عالميا باحتياطي نحو 3 مليارات طن من الفوسفات، ولم تكن هذه الثروة مستثمرة بشكل جيد قبل عام 2011، إذ لا تزيد كميات الإنتاج عن 3 ملايين طن سنويا، ما جعلها مطمعا لإيران وروسيا، باعتبار أن هذه الثروة كبيرة جدا، إضافة لاستخدامات الفوسفات الأخرى من خلال احتوائه على مواد مشعة، كاليورانيوم ووالثوريوم والموليبيديوم، وهي مواد تدخل بصناعة غازات الأعصاب وأسلحة التدمير الشامل.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة