أسعار السلع والمنتجات في الأسواق مستمرة في الارتفاع، وسط غياب الدور الرقابي والتمويني، ما حوّل الأسواق إلى فوضى وزاد من استغلال التجار للمواطنين، خاصة مع اقتراب عيد الأضحى، لدرجة بات السوريين يقنّنون استهلاكهم للاحتياجات اليومية، والاكتفاء بشراء الأولويات، واختصار نصف المواد الغذائية، خاصة وأن حالة الشراء والمتعة بالتسوق تكاد تكون شبه معدومة بسبب ارتفاع الأسعار لأرقام “خيالية”.

نشرة التموين “حبر على الورق”

ضمن سياق ارتفاع الأسعار، وتقنين المواطنين لاحتياجاتهم اليومية، وغلاء الأسعار بشكل كبير، بالمقابل لم يخفّض التجار أسعارهم بحجة ارتفاع أسعار التكلفة الداخلية، التي أصبحت أسعارها تضاهي أسعار السلع المستوردة.

مدير الأسعار في وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك نضال مقصود، أكد أن آلية التسعير في النشرة التي تصدر أسبوعيا، تتم بالتنسيق بين الوزارة والفعاليات التجارية بعد دراسة أسعار استيراد، وإنتاج السلع والأسعار في السوق، وفق ما نقلته صحيفة “تشرين” المحلية، يوم أمس السبت.

وأشار مقصود إلى أنه تم تشكيل لجنة لدراسة الأسعار، وتجتمع هذه اللجنة كل 15 يوما في الوزارة، لافتا إلى أن اللجان المشكلة بموجب قانون الإدارة المحلية يرأسها عضو المكتب التنفيذي المختص في كل محافظة، ويشارك في عضويتها مديرية التجارة الداخلية في المحافظة ذاتها، ومن مهامها تسعير بعض المواد كالحليب والألبان والأجبان على أساس التكاليف.

وبيّن مقصود للصحيفة المحلية، أن تسعير المواد الأساسية بقي مركزيا من اختصاص وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، وهي لا تدّخر أي جهد في سبيل إزالة أي سبب من أسباب ارتفاع الأسعار، حيث تتم دراسة التكاليف المقدمة من أصحاب الفعاليات، وتُعرض النتائج على لجنة التسعير المركزي.

في سياق متصل، وحول ضعف الرواتب، وتدني الأجور في سوريا وخاصة المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة السورية، أظهر تقرير محلي حديث، أن الحد الأدنى للأجور للعمال السوريين في الوقت الحاضر، يقل 13 مرة عن أجرهم في خمسينيات القرن الماضي، عندما كان العامل قادرا على شراء أكثر من 30 كيلوغراما من لحم الغنم شهريا.

وذكرت صحيفة “قاسيون” المحلية، في تقريرها مؤخرا، إن الحد الأدنى للأجر اليومي للعامل السوري آنذاك كان يخوّله شراء 1 كيلو غرام من لحم غنم يوميا.وأضافت الصحيفة المحلية، إن العامل السوري في الوقت الحالي يحصل على حد أدنى للأجر يبلغ 92.970 ليرة سورية شهريا، أي أن يومية هذا العامل تقل عن 3000 ليرة.

وبيّن التقرير المحلي، أنه باعتبار أن ثمن كيلو لحم الغنم (وسطيا بين سعره لدى صالات المؤسسة السورية للتجارة، وسعره في السوق) هو 40 ألف ليرة سورية، فإن الحد الأدنى للأجور اليوم لا يخوّله شراء سوى كمية تقل عن 79 غرام لحم غنم يوميا، أي أن عدد غرامات لحم الغنم التي يستطيع الحد الأدنى للأجر شراءها قد تراجع خلال ما يقارب سبعين عاما بحوالي 92.1- بالمئة.

ولو أراد العامل في البلاد اليوم الحصول على حد أدنى للأجور مكافئ للحد الأدنى الذي كان يتقاضاه في خمسينيات القرن الماضي، فوجب أن يتقاضى ما يقارب 300 دولار أمريكي، أي حوالي 1,200,000 ليرة سورية شهريا، وفقا للصحيفة التي أفادت بأن الحد الأدنى للأجر يجب أن يتضاعف حوالي 13 مرة، هذا إذا افترضنا ثبات الحاجات الضرورية بين الخمسينيات واليوم.

ووفق التقرير المحلي ”أنه بالنظر إلى تضخم الحاجات الأخرى غير الغذائية، من مسكن ولباس ومواصلات وتعليم وصحة واتصالات، فإن مبلغ 000.200.1 ليرة يغطي فقط الغذاء وبنسبة 60 بالمئة من الحد الأدنى لتكاليف المعيشة، وبالتالي هناك ما نسبته 40 بالمئة من الحاجات الأخرى بقيمة تعادل حوالي 800 ألف ليرة شهريا، يجب تغطيتها بالحد الأدنى للأجر، والذي يجب أن يعادل حينها 2 مليون ليرة.

وفي دراسة سابقة لصحيفة “قاسيون” المحلية، في نهاية 2021، أظهرت أن تكاليف الغذاء الضروري لأسرة سورية من 5 أفراد تبلغ 34.601 ليرة سورية يوميا، ما يعادل تقريبا 9 دولار أميركي، كما أن وسطي سعر 1 كيلو من لحم الغنم يساوي 40 ألف ليرة، أي حوالي 10 دولار أميركي، وهو ذات المعيار الذي تم اعتماده لتحديد الحد الأدنى لأجور العمال السوريين، في خمسينات القرن الماضي.

قد يهمك: ارتفاع جديد لأسعار الفلافل والأكلات الشعبية بسوريا

أسعار كاوية

أما في إطار ارتفاع أسعار الخضار والفواكه الصيفية، فقال مدير الأسعار في وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك نضال مقصود للصحيفة المحلية يوم أمس السبت: إن أسعارها تتعلق بالعرض والطلب لذلك تصدر نشرات يومية من مديريات التجارة الداخلية وحماية المستهلك في المحافظات، بالتنسيق مع المكتب التنفيذي لمجلس المحافظة، والأمر ذاته يطبق على اللحوم الحمراء والبيضاء فهي تعتبر من السلع المكانية، والتي تكون من اختصاص مديريات التجارة الداخلية في المحافظات كما يراعى عند تحديد أسعار السلع المكانية، من أجور النقل بين المحافظة المنتجة والمحافظة المستهلكة.

وتشهد الأسواق السورية أرقاما “خيالية” لأسعار الفواكه والخضروات، خاصة مع بداية موسم الصيف، وهناك أنواعا زادت تسعيرتها بشكل كبير، خاصة إنها في نهاية موسمها، وعلى رأسهم الليمون الذي بلغ الكيلو الواحد منه 10 آلاف ليرة سورية، ونتيجة لهذا السعر المرتفع على ما يبدو ستنضم العديد من المنتجات إلى قائمة الكماليات، وتودع معظم موائد السوريين، أو ربما الشراء بالحبة والحبتين.

وبشكل عام تشهد الأسواق السورية ارتفاعات يومية وأحيانا ساعية بأسعار السلع والمواد الغذائية كالخضراوات، واللحوم والزيوت وغيرها من المنتوجات، وسط عدم قدرة الكثير من العائلات على تأمين احتياجاتها، وضعف القدرة الشرائية للمواطن.

ونتيجة لغياب التدخل حكومي أو الرقابي، الأمر الذي حوّل الأسواق إلى فوضى وزاد من استغلال التجار للمستهلكين، حتى تلك السلع التي تُعد في موسمها الآن، كالبقوليات، رغم المساحات والأراضي الكبيرة المزروعة بالبقوليات في سوريا، التي تعلن عنها وزارة الزراعة عبر وسائل الإعلام ضمن خطتها الزراعية، إلا أن هذه الإعلانات تظل بعكس ما تكشفه الحقائق في الأسواق، والتي كانت إحدى نتائجها ارتفاع أسعار البقوليات في الأسواق السورية.


ووسط فشل حكومة دمشق في الوفاء بوعودها بضبط الأسعار وتخفيف العبء على المواطنين، الأمر الذي دفع السوريين في نهاية المطاف إلى تقنين احتياجاتهم اليومية والتخلي عن العديد من المواد الغذائية والسلع، والاكتفاء بالضروريات فقط.

قد يهمك: راتب الموظف السوري لا يشتري 100 غرام لحمة

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.