في تطور جديد داخل ملف عوائل “داعش” المحتجزين في مخيمات بمنطقة شمال شرقي سوريا، تلوح فرنسا بشكل جدي لاستعادة العوائل هناك، بعد إهمال وعدم اكتراث استمر لسنوات، ما يثير التساؤل إزاء ذلك فيما إذا كانت باريس ستوسع اهتمامها بملف “الدواعش” وتستعيد عناصر تنظيم “داعش” الإرهابي الذين يحملون الجنسية الفرنسية، والمحتجزين في سجون تحوي الآلاف من عناصر التنظيم.

إعادة بعض العوائل

يوم الثلاثاء الماضي، أعلنت وزارة الخارجية الفرنسية، أنها أعادت 35 طفلا فرنسيا و16 أما، من المخيمات التي يحتجز فيها عوائل الجهاديين في المناطق الخاضعة لسيطرة “الإدارة الذاتية” شمال شرقي سوريا.

في تصريحات لإذاعة “آر إم سي” الفرنسية، الأربعاء، قال منسق الاستخبارات ومكافحة الإرهاب الفرنسي، لوران نونيز، إن باريس ستقوم بعمليات إعادة لعوائل “داعش” الفرنسيين تباعا، لعدة أسباب، أبرزها الظروف الإنسانية السيئة التي يعيشها المحتجزون، وأسباب أمنية تتعلق بحالة عدم الاستقرار التي تعيشها المنطقة.

وتابع: “هناك تهديدات، قد تكون بعمليات تركية، مع محاولة تنظيم داعش إعادة بناء خلاياه في الصحراء السورية، والتخطيط للذهاب وتحرير هؤلاء النساء والأطفال“من مراكز الاحتجاز في شمال شرقي سوريا“.

قد يهمك: خطوط بحرية وجوية من سوريا إلى مناطق النفوذ الروسي

ما هي آلية فرنسا؟

الكاتب والمحامي السوري، زيد العظم، المقيم في فرنسا، يرى أن باريس، تنتهج آلية دراسة كل ملف من ملفات عوائل التنظيم العالقين في سوريا على حدى، وبالتالي قد تستغرق هذه الآلية مدة طويلة، لحسم مصير العوائل الفرنسية.

ويقول العظم في حديثه لـ“الحل نت“: “من جهة أخرى هناك حكومة فرنسية جديدة ووزيرة خارجية جديدة تريد تسريع ملف استعادة فرنسا لمواطنيها في فترة زمنية ليست طويلة، فضلا عن أن الرئيس ماكرون قد وعد بتكثيف الجهود لتسريع استعادة المواطنين الفرنسيين من مخيمات غوانتانامو سوريا“.

كما يؤكد العظم أن منظمات المجتمع المدني في فرنسا، تضغط باستمرار على الحكومة الفرنسية، بهدف استعادة جميع الفرنسيين في سوريا، ويضيف: “لقد بقي 250 طفل وبضعة مئات من الأمهات في سوريا ستسعى حكومة اليزابيت بورن في العمل على استعادتهم بشكل أسرع من ذي قبل“.

وحول مصير عناصر التنظيم الفرنسيين المحتجزين في مناطق شمال شرق سوريا، يستبعد الكاتب السوري سحب الجنسية منهم، ويوضح بأن “مسألة سحب الجنسية من المقاتلين في صفوف تنظيم داعش معقدة وستواجه بعقبات من المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، هناك توجه دولي ربما لإعمال محاكمة المقاتلين في محكمة دولية تقام في شمال شرقي سوريا، بالتأكيد الأمر ليس بالسهل“.

وفي حين أن غالبية المحتجزين هم سوريون وعراقيون، فإن الآلاف ينحدرون من 57 دولة أخرى على الأقل في جميع أنحاء العالم، لم تفعل غالبيتها سوى القليل لإعادة مواطنيها إلى أوطانهم.

انتقادات للحكومة

مؤخرا ارتفعت وتيرة الأصوات الحقوقية من قبل منظمات وأشخاص حقوقيين، للسلطات الفرنسية بـ“العمل جديا“، بهدف استعادة جميع المواطنين الفرنسيين المحتجزين في مخيمات شمال شرقي سوريا

وبعد حادثة وفاة شابة فرنسية أواخر عام 2021 شمال شرقي سوريا، أعربت منظمة “جمعية العائلات الموحدة” الفرنسية عن أملها في أن تكون عمليات إعادة الفرنسيين إلى بلادهم “سريعة وجدية” بعيدا عن السياسة القائمة على مراجعة كل حالة بحالتها.

ونهاية العام الماضي، اتهم النائب الفرنسي أوبير في تصريحات نقلتها وكالة الصحافة الفرنسية، حكومة بلاده بالتخلي عن أبنائها ومواطنيها في مخيمات كردستان وسط ظروف صحية متردية

كذلك طالب النائب الفرنسي بلاده بـ“تنظيم إعادة الأطفال والنساء الذين يحملون الجنسية الفرنسية، المحتجزين في مخيمات شمال شرقي سوريا، إلى جانب القيام بجميع الخطوات الممكنة لضمان إيصال المساعدة الإنسانية“.

وبحسب تصريحات مسؤولين فرنسيين فإن نحو 80 إمرأة و200 طفل فرنسي، يقعون تحت الاحتجاز في مخيمات شمال شرقي سوريا، وتحديدا في مخيم الهول بريف الحسكة، وذلك في انتظار أن تقوم بلادهم بإجراءات عودتهم إلى الأراضي الفرنسية.

“مخيم الهول” هو المكان الذي تعيش فيه أغلب عوائل تنظيم “داعش“، الذي تم احتجازهم بعد إنهاء سيطرة التنظيم على العديد من المناطق السورية شمال شرقي البلاد، ويصفه البعض بـ”المخزون البشري الموقوت”، كما أن هناك مخاوف من أن يكون لدى تنظيم “داعش” القدرة متى شاء على شن هجوم ضد المخيم وإطلاق سراح المحتجزين فيه.

ويقع المخيم قرب مدينة الحسكة، وبحسب إحصائيات إدارة المخيم، بقي في المخيم نحو 16 ألف عائلة تضم نحو 59 ألف شخص من بينهم نحو 2520 عائلة أجنبية تضم نحو 8500 شخصا يقيمون في قطاع خاص بالمهجرات.

ويشهد المخيم عمليات اغتيال بشكل دوري، رغم الحراسة الأمنية المشددة من قبل قوات الأمن التابعة لـ”الإدارة الذاتية”، حيث سجل عام 2021، مقتل 93 شخصا، فيما تجري معظم عمليات القتل بإطلاق نار مباشر من مسدسات مزودة بكواتم صوت.

من جهتها قالت “منظمة العفو الدولية” (أمنستي)، إن آلاف الأطفال في مخيمات شمال شرقي سورية، محرومون من أبسط حقوقهم ويعانون أوضاعا إنسانية تهدد حياتهم.

وفي تقرير نشرته، نهاية العام الماضي، تحدثت المنظمة الدولية عن تعرض 27 ألف طفل في مخيم الهول، لظروف “مزرية“، مشيرة إلى أنهم لم يحصلوا على الطعام والماء النظيف والرعاية الصحية والتعليم وغيرها من الخدمات الأساسية، بشكل مناسب منذ سنتين.

قد يهمك:أسلوب اقتصادي جديد في دمشق للتهرب من العقوبات

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.