قطاع الأدوية بأنواعه كغيره من القطاعات في سوريا يعاني من عدد من الصعوبات، ونتيجة لإجراءات وقرارات حكومة دمشق غير المدروسة والمفاجئة إلى حد ما، يبدو أن إنتاج الأدوية البيطرية في خطر وقد يتوقف خلال الفترة المقبلة، وفي حال لم تقم الجهات المسؤولة بما يتعين عليها فمن الممكن حدوث أزمة جديدة، التي يواجهها هذا القطاع أساسا والذي بدوره مرتبط بقطاع الثروة الحيوانية مما سيتسبب في حدوث عدد الآثار السلبية على قطاع الثروة الحيوانية وبالتالي ستؤثر بشكل عام على الأسعار في أسواق اللحوم والمشتقات الحيوانية.

قرارات “غير مدروسة”

نقيب الأطباء البيطريين، إياد سويدان صرح لصحيفة “تشرين” المحلية، يوم أمس الأحد، أن قطاع الدواء البيطري في خطر ويمكن أن يؤدي إلى أزمة جديدة بسبب سلسلة من الإجراءات الجديدة والتي لا تستند إلى دراسات فنية ميدانية، أهمها اتخاذ وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك السورية قرارات مفاجئة وغير مدروسة.

وأردف سويدان، “إجراءات وزارة الداخلية جاءت سعيا منها إلى ضم تسعير الأدوية البيطرية المحلية والمستوردة إلى جدول أعمالها، على الرغم من عدم وجود أطباء بيطريين متخصصين لإدارة هذا الملف”.

ونوّه سويدان إلى أن قطاع الدواء البيطري تشرف عليه وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي منذ تأسيسها، وهي أول من أنتج لقاحات وقائية بيطرية للأبقار والأغنام والدواجن منذ ستينات القرن الماضي، ولديها خبرات متراكمة بهذا المجال، ناهيك عن رعاية إنتاج الأدوية البيطرية في القطاع الخاص.

كما ووجود مجموعة من التشريعات والتعليمات والإجراءات والهيكليات الإدارية والكوادر الفنية التي مكنتها من إدارة هذا القطاع بنجاح منذ ما يزيد على 50 سنة، وتم خلالها الاعتماد على الأطباء البيطريين في إدارة ومتابعة هذا القطاع، على حد وصف سويدان.

وأشار سويدان إلى أن الأدوية البيطرية ليست سلعة تموينية للمستهلك مثل المواد الغذائية كالخبز والسكر والزيت وغيرها من السلع، إنما هي أحد مستلزمات الإنتاج الخاصة بمشاريع الإنتاج الحيواني كما هو معمول به في كل دول العالم.

قد يهمك: قريباً.. سوريا بلا أطباء تخدير

خسارات كبيرة

ضمن السياق ذاته، وصف سويدان أن محاولة اقتطاع هذه المهمة من أهل الاختصاص أي الأطباء البيطريون في وزارة الزراعة، من خلال سلسلة من الإجراءات الطويلة وتشكيل لجان وتقديم طلبات وإعداد المراسلات وتحديد مواعيد اجتماعات اللجان وما ينتج عنه من تأخير وعدم وجود آلية تسعير ثابتة ومنصفة، ما أدى إلى إضافة حلقات ومراحل جديدة وصعوبات بالغة لدى كل من أصحاب معامل الأدوية البيطرية المحلية والمستوردين.

وأعرب سويدان خلال حديثه مع الصحيفة المحلية عن أمله في تبسيط الإجراءات من قبل الجهات الحكومية، معتبرا أن الحكومة تسعى لتشجيع الإنتاج المحلي من خلال تسهيل توفير متطلبات الإنتاج الزراعي وانسيابها إلى السوق المحلي لضمان استقرار واستمرارية عملية الإنتاج لتأمين الأمن الغذائي للبلاد في ظل الظروف الحالية.

وعن أبرز الانعكاسات السلبية على قطاع الثروة الحيوانية، قال سويدان للصحيفة المحلية، إنه احتمال توقف العديد من مصانع الأدوية البيطرية عن الإنتاج، وإحجام العديد من مستوردي اللقاحات البيطرية ومضافات الأعلاف عن استيراد هذه المواد اللازمة للإنتاج الحيواني.

ووفق سويدان، هذا الأمر سيؤدي إلى حدوث أزمة جديدة وبالتالي يصعب توفير المواد الأولية لتصنيع الأدوية البيطرية والتي ستؤثر على صحة القطعان وعملية الإنتاج بأكملها، والخاسر الأكبر هو المواطن الذي يستهلك المنتجات الحيوانية مثل اللحوم والبيض والدواجن والألبان ومشتقاتها في السوق المحلي.

ومنتصف شهر شباط/فبراير الفائت، تمت المصادقة على الرسوم الجديدة على جميع الأدوية البيطرية والتي تتراوح بين 200 و400 ليرة سورية على كل صنف، بعد الموافقة على تعديلات على القانون رقم 18 لسنة 2004 والذي يتضمن فرض هذه الزيادة.

من جانبهم، اعترض عدد من الصناعيين في دمشق على هذا القرار وقتذاك، وأن قطاع الحيوان يحتاج إلى الكثير من الأدوية، حيث تتطلب دفعة واحدة من الدواجن 30-20 عبوة من عقار واحد. وبالتالي، فإن الزيادة في أسعار هذه العبوات تعني أن الصناعة تغرق أكثر فأكثر. وسيواجه المربي المزيد من الخسائر، والنتيجة الاستراتيجية لذلك، سيتم انسحاب المزيد من المنتجين من هذا القطاع.

وفي وقت سابق أكد مربوا المواشي في مختلف المناطق السورية، أن المعاناة كبيرة في ظل غياب أي دعم حكومي لمزارعهم فضلا عن الارتفاع الجنوني بسعر الأعلاف والأدوية وأجور الطبابة البيطرية.

هذا وقد ازدادت في الآونة الأخيرة مشاكل الثروة الحيوانية لعدة أسباب وأبرزها غياب الدعم الحكومي. كما أن القطاع الطبي في سوريا من أكثر القطاعات هشاشة جراء الحرب الدائرة في البلاد وعدم قدرة الحكومة على توفير أبسط مستلزمات هذا القطاع، أو دعمه عبر وسائل أخرى.

وشهد القطاع الطبي في الآونة الأخيرة تدهورا كبيرا، خاصة النقص والارتفاع الحاد في الأدوية والمستلزمات الطبية. فضلا عن الغياب الملحوظ للرقابة الحكومية والنقابية في السنوات الأخيرة. إضافة إلى قيام الشركات الأجنبية بسحب امتيازاتها الممنوحة إلى 58 شركة دواء سورية.

قد يهمك: ضريبة جديدة على الأدوية البيطرية في سوريا.. موجة ارتفاع أسعار جديدة؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.