دهشة أميركية من القلق العراقي إزاء شح المياه في البلاد وآثار الجفاف على معظم المدن العراقية، برافقها تفويض لدعم ملف إدارة المياه في بغداد، فما هي التفاصيل.

في التفاصيل، تحدّثت السفيرة الأميركية لدى بغداد، ألينا رومانوسكي، الثلاثاء، في مقال تابعه “الحل نت”، عن ملف المياه الذي يعاني منه العراق وكيف أن واشنطن تدعم بغداد لتحقيق الاكتفاء الذاتي من المياه.

رومانوسكي قالت، إن ضمان إمدادات المياه للعراق، يعد مصلحة ستراتيجية تشترك فيها الولايات المتحدة مع العراقيين.

وأضافت، أن وصولها كسفيرة لأميركا لدى العراق تزامن مع بداية صيف طويل وحار وجاف في البلاد، وأدهشها في مستهلِ لقاءاتها مع المسؤولين العراقيين، قلقهم بشأنِ أزمة شح المياه وآثار الجفاف على البلاد.

دعم لوزارة الموارد المائية

السفيرة الأميركية أردفت، أن الأمن المائي يؤدي دورا حاسما في ضمان سلام العراق وازدهاره. بيد أنه يواجه العديد من العراقيين تحديات متزايدة في الحصولِ على المياه النظيفة اللازمة للحياة اليومية.

“يعتمد العراق على جيرانه في المنبع، إذ يواجهون جميعا تحديات المياه الخاصة بهم. وتشير التوقعات طويلة الأمد إلى أن العراق سيحصل على الحد الأدنى من الأمطار الإضافية خلال الأشهر الستة المقبلة”، وفق رومانوسكي.

وأشارت، إلى أن ذلك الوضع يمكن أن يكون بمثابة فرصة أمام العراق لإنجاز الكثير بمفرده، وحتى أكثر من ذلك مع التزام الولايات المتحدة بالعمل إلى جانب العراق بصفتها شريكة داعمة له.

رومانوسكي قالت: “لقد وصلت هنا أحمل معي تفويضا لمواصلة دعم إدارة الموارد المائية في العراق وتعزيز اكتفائه الذاتي. لطالما دعمت الولايات المتحدة وزارة الموارد المائية العراقية، التي تلقت أقل من واحد في المئة من ميزانية الحكومة لعام 2021”.

وأردفت: “لقد ساعد استثمارنا البالغ 124 مليون دولار في العام 2016، لإعادة تأهيل سد الموصل على منع انهيار السد والحفاظ على سلامة آلاف العراقيين. وفي شهر حزيران/ يونيو الماضي، وكجزء من مبادرة تهدف لتطوير الخبرات الفنية لوزارة الموارد المائية بشأن حماية البنية التحتية الأساسية، عملنا على إرسال 24 مهندسا من كوادر الوزارة إلى الولايات المتحدة، حيث درسوا سلامة السدود وقاموا بزيارة السدود العاملة في ولاية كولورادو وأريزونا ونيفادا”.

تقليل الهدر المائي

رومانوسكي أكدت، أن واشنطن ترغب بمساعدة الشعب العراقي في ضمان الحصول على الموارد المائية التي يحتاجها في الحياة اليومية والزراعة والصناعة.

ويبلغ متوسط استهلاك الفرد العراقي من المياه 392 لترا، أي ما يقرب من ضعف المعدل العالمي لاستهلاك المياه، وتستخدَم 90 بالمئة من موارد المياه في العراق لأغراض الزراعة.

بحسب السفيرة الأميركية، فإن واشنطن يمكنها مساعدة العراق على تحسين كفاءة استخدام المياه، عبر القضاء على الممارسات التي تسبب الهدر المائي. “فعلى سبيل المثال، يؤدي التسرب في البنية التحتية وقنوات المياه المفتوحة إلى فقدان 10 مليارات متر مكعب من المياه بسبب التبخر كل عام، وهو رقم يطابق العجز المائي السنوي المتوقع للعراق بحلول عام 2035”.

وكان الرئيس العراقي برهم صالح، أكد في تصريح صحفي بوقت سابق، أن العراق سيعاني من عجز مائي تصل نسبته إلى 10.8 مليار متر مكعب بحلول عام 2035؛ بسبب شحة المياه التي تدخل لأراضيه من نهري دجلة والفرات.

وذكرت رومانوسكي، أن “تقليل حصة المياه المستخدمة في الزراعة من خلال استخدام تقنيات ري حديثة وفعّالة والاستثمار في البنية التحتية للمياه، يعد من الأمور الأساسية لمستقبل المياه في العراق”.

المساعدات الأميركية

رومانوسكي كشفت، أن 25 مهندسا حكوميا عراقيا من المختصين بمجال المياه والزراعة، سيسافرون إلى غرب الولايات المتحدة لزيارة منطقة تواجه تحديا مماثلا بسبب شح المياه، إذ سيتسنى لهم التعاون مع الخبراء الأميركيين والاطلاع عن كثب حول كفاءة الري والحفاظ على المياه والتحكم في الملوحة.
 
وزادت، أن “هيئة المسح الجيولوجي الأميركية تواصل تدريب المهندسين العراقيين على كيفية حساب تراكم المياه واستهلاكها في حوض دجلة والفرات، من خلال مصادر البيانات المختلفة. ستساعد هذه الجهود في ضمان حصول العراق على بيانات قابلة للتنفيذ وذات رصانة علمية عندما يتعلق الأمر بطاولة المفاوضات مع جيرانه”.

كذلك قالت رومانوسكي، إن “الوكالة الأميركية للتنمية الدولية” خصصت أكثر من 150 مليون دولارٍ للمشاريع التي أدت إلى النهوض بواقع خدمات المياه وإدارتها في جميع أنحاء العراق، وبالتالي فقد تمكن أكثر من 10 ملايين عراقي من الفئات المستضعفة من الحصول على مياه الشرب.

وتولت “الوكالة الأميركية للتنمية الدولية”، إصلاح أنابيب المياه وتحسين تشغيل 140 مرفقا من مرافق معالجة المياه في محافظات بابل وبغداد والنجف وناحية سيروان وأماكن أخرى. كما قامت الوكالة بإعادة تأهيل محطات معالجة المياه في البصرة لغرض تحسين الكفاءة وتوفير مياه الشرب للعراقيين الذين يسكنون المناطق الريفية، وفق السفيرة الأميركية.
 
واختتمت رومانوسكي مقالها بالقول: “تفخر الولايات المتحدة بشراكتها مع الحكومة العراقية بشأن الأولويات التي تساعد على تحسين حياة عامة الشعب العراقي، وموضوع المياه يعد مجالا أساسيا للتعاون. إن العمل معا لتحسين إدارة المياه في العراق سيساعد أيضا في التخفيف من وطأة آثار أزمة المناخ. تمتلك الولايات المتحدة الخبرة في كل من حكومتنا وقطاعنا الخاص ونتعهد بمساعدة العراق على المضي قدما في توفير المياه المُستدامة والمتاحة لجميع العراقيين”.

أزمة مياه بسبب تركيا وإيران

ما يمكن الإشارة له، أن معدلات إيرادات نهري دجلة والفرات، انخفضت بحوالي 50 بالمئة عن معدلاتها الطبيعية خلال الأعوام الماضية، لتتسبب بانخفاض مليار لتر مكعب من المياه، وخروج 260 ألف دونم من الأراضي الزراعية المنتجة عن الخدمة، حسب إحصاءات شبه رسمية.

كذلك يخسر العراق في ذات الوقت، آلاف المليارات المكعبة من المياه سنويا؛ بسبب ما يمكن تسميتها الحرب المائية التركية الإيرانية عليه.

وانعكس ذلك بشكل كبير على المحافظات التي تعتمد أنهارها على مياه نهري دجلة والفرات والتي منها محافظة الديوانية في جنوبي العراق، وغيرها من المحافظات الغربية والعاصمة بغداد.

كما انخفضت مناسيب الأنهار التي تنبع من إيران إلى عدد من المحافظات العراقية، لتتسبب بشح كبير في كميات تجهيز الأراضي الزراعية في محافظات ديالى وواسط والبصرة.

ودفع قطع المياه عن العراق من قبل تركيا وإيران، إلى لجوء وزارة الموارد المائية العراقية لحفر الآبار الارتوازية، ضمن مجموعة إجراءات اتخذتها لمعالجة شح المياه في البلاد.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة