يبدو أن العلاقة بين أكبر الزعامات السياسية في العراق مقتدى الصدر ونوري المالكي، في طريقها للتأزم أكثر مما هي عليه، فبدل حل الخلافات بينهما منذ عقد ونصف، زيادة النار على الحطب هو الأمر المتوقع.

يتضح ذلك من خلال ما تم تسريبه، اليوم الثلاثاء، من تسجيل صوتي لرئيس الحكومة العراقية الأسبق وزعيم “ائتلاف دولة القانون”، نوري المالكي، وهو يهاجم به زعيم “التيار الصدري”، مقتدى الصدر.

في التسريب المتداول عبر مواقع “التواصل الاجتماعي”، وصف المالكي نده الصدر بـ “الجبان”، وأن الكرد والسنة استطاعوا شق وحدة الصف الشيعي عبر سحبهم للصدر إلى جانبهم ضد “الإطار التنسيقي”.

كذلك، ذكّر المالكي بما تسمى “صولة الفزسان” التي قادها في 2008 ضد ميليشيا “جيش المهدي” التابعة للصدر لفرض هيبة القانون، قائلا إن الصدر “يجبن” ويتراجع عندما يجد من يواجهه.

نفي وتوعد بتسريبات أخرى

بعد تداول رواد مواقع “التواصل الاجتماعي”، للتسريب بنطاق واسع، سارع مكتب المالكي الإعلامي، إلى إصدار بيان، تبرأ فيه مما ورد في التسريب، وقال إن “التسجيل مفبرك”.

البيان أردف، أن التسجيل المفبرك يتميز بتقليد مقبول لصوت نوري المالكي، يتحدث فيه عن جملة من القضايا السياسية، وما جاء في التسجيل الصوتي المنشور لا يعود للمالكي، وما نشر هو تسجيل تم توليفه عبر تقنيات الصوت الحديثة.

وأشار البيان، إلى أن “تداول وبث هذا التسجيل يأتي في وقت ومنعطف حساس جدا تمر فيه العملية السياسية والواقع العراقي، ويعطي مؤشرا على أن الإعداد له كان إعدادا مسبقا”.

رغم نفي المالكي للتسريب الصوتي، الذي نشره أولا الإعلامي العراقي علي فاضل عبر “تويتر”، إلا أن الكثير من المراقبين للمشهد العراقي العام، أكدوا أنه يعود للمالكي وغير مفبرك على الإطلاق.

الإعلامي علي فاضل، نشر بيان المالكي الذي نفى فيه علاقته بالتسجيل الصوتي، وتوعده بنشر تسجيلات أخرى له، قائلا بما مفاده باللهجة العراقية: “تنفي، ما تنفي، هذا صوتك والتسجيل إلك”.

ما علاقة “الإطار”؟

في السياق، أكدت مصادر خاصة لـ “الحل نت”، صحة التسجيل، وقالت إن ما تحدث به المالكي، كان في اجتماع له مع شيوخ عشيرة بني مالك التي ينتمي لها، قبل نحو 6 أشهر، وأنه تحدث بقضايا أخرى لم يتم تسريبها بعد.

المصادر بيّنت، أن من سرّب التسجيل الذي يهاجم به المالكي نظيره مقتدى الصدر، هم أشخاص من داخل “الإطار التنسيقي” الموالي لإيران، والذي ينتمي له المالكي؛ لأنه أصبح مصدر تهديد وإحراج لهم.

ويصر المالكي على ترشيح نفسه لرئاسة الحكومة المقبلة، فيما ترفض أغلب قيادات “الإطار التنسيقي” تلك الخطوة، لتجنب حدوث صدام بينه وبين الصدر؛ لأن الأخير قد يخرج بتظاهرات واسعة في حال وصول نده إلى رئاسة الحكومة.

وكان الصدر فاز أولا في الانتخابات العراقية المبكرة الأخيرة التي جرت في 10 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، بحصول حزبه على 73 مقعدا نيابيا، قبل أن ينسحب من البرلمان ومن العملية السياسية برمتها.

جاء انسحاب الصدر، لعدم قدرته على تحقيق الأغلبية المطلقة لتشكيل حكومة أغلبية يقصي منها “الإطار التنسيقي” المقرب من إيران، فانسحب وترك أمر تشكيل الحكومة المقبلة بيد “الإطار”.

ويخشى مراقبون للمشهد السياسي العراقي، من زج الصدر لجمهوره الذي يعد أكبر قاعدة شعبية في البلاد، بتظاهرات واسعة ضد أي حكومة توافقية تأتي عبر المحاصصة أو أي حكومة تستفزه، ومنها مثلا حكومة بقيادة خصمه المالكي.

قطيعة

الصدر والمالكي ينحدران من خلفيات سياسية إسلامية، إذ يتزعم الأول تيارا شعبيا شيعيا ورثه عن والده المرجع الديني محمد صادق الصدر، فيما يترأس الثاني “حزب الدعوة”، أقدم الأحزاب الشيعية العراقية.

وتنافس الصدر مع المالكي مرارا على تزعم المشهد السياسي الشيعي. إذ يمثل الأول الخزان التصويتي الأكبر على مستوى البلاد في أي عملية انتخابية، بينما يمثل الثاني، الأحزاب السياسية الشيعية التي صعدت بعد إطاحة نظام صدام حسين في ربيع 2003 إلى المشهد.

ومنذ عام 2008 توجد قطيعة سياسية وشخصية بين الصدر والمالكي عندما شن الثاني حربا على ميليشيا “جيش المهدي” التابعة للصدر، لإنهاء انتشارها المسلح في الوسط والجنوب العراقي آنذاك.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة