بعد قرار الحكومة السورية رفع الدعم عن حوالي 600 ألف عائلة في شباط/فبراير الماضي، والذي أثار جدلا واسعا في البلاد، يعود الحديث مجددا عن نية مؤسسات الدولة، رفع الدعم عن الخبز للجمعيات الخيرية بما فيها الخاصة بالأيتام، وذوي الاحتياجات الخاصة.

صحيفة “الوطن أونلاين”، في تقرير نشرته اليوم الخميس، نقلت عن مصادر في دار الأيتام وجمعيات دور التمريض في حلب، أن وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، رفعت الدعم عن الخبز في جميع الجمعيات الخيرية، بما فيها جمعيات لذوي الاحتياجات الخاصة، وباتت الآن ملزمة بدفع 1250 ليرة سورية لشراء ربطة خبز بدلا من 200 ليرة سورية.

قرار العيد

كان قرار لوزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، صدر بحسب ذات الصحيفة، في العاشر من الشهر الجاري، أي في ثاني أيام عيد الأضحى، حيث أقرت الوزارة بإيقاف العمل بالسماح للمخابز العامة ببيع كمية 3 بالمئة من خارج البطاقة الإلكترونية، الأمر الذي فرض بيع الربطة للحالات الخاصة، والتي لا تملك بطاقة ذكية، مثل الطلاب والعازبين والعسكريين، بالسعر الحر بدلا من المدعوم.

وأشار التقرير، إلى أنه في حلب اشترت دار الأيتام ودار رعاية العجزة ربطة الخبز بـ 1250 ليرة سورية اليوم الخميس، من الأفران، رغم تعليمات الوزارة باستثناء دور الأيتام، وجمعيات ذوي الاحتياجات الخاصة ومدارس الشريعة من قرارها السابق برفع الدعم، وإبقائها ضمن المؤسسات التي يحق لها الشراء بسعر مخفض حتى نهاية العام.

وبحسب المصادر، فإن قرار “التجارة الداخلية” الجديد له تأثير على الجمعيات الخيرية التي تؤمن الخبز للمسنين، وجمعية رعاية المسجونين، والجمعيات الخيرية الإسلامية، ودور اللقطاء، وحتى مدارس الشريعة، وسيؤدي ذلك إلى أعباء إضافية وزيادة في النفقات الحالية.

ووفقا لما ذكرته الصحيفة، فإن القائمين على الجمعيات الخيرية طالبوا بإعفائهم من تنفيذ القرار إلى حين إيجاد آلية خاصة، معربين في الوقت ذاته، عن استهجانهم لإلغاء دعم الخبز في المرافق التي تقدم الرعاية لذوي الاحتياجات الخاصة، مثل دور العجزة التي تشتري 80 ربطة من الخبز يوميا للمقيمين فيها، في حين تشتري دور الأيتام 40 ربطة خبز يوميا.

يذكر أن وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، التي تتبعها الجمعيات الخيرية، وعدت بتعزيز واقع عمل الجمعيات، وتأمين متطلبات عملها باعتبارها مؤسسات تنموية. إلا أن استبعاد وزارة التجارة الداخلية للجمعيات من دعم الخبز يشير إلى عكس ذلك.

قائمة الحرمان من الدعم تتوسع

لا تزال حكومة دمشق مستمرة في قراراتها الخاصة، برفع الدعم الحكومي عن شرائح مختلفة من السوريين، حيث تطال بين الحين والآخر شريحة جديدة من المواطنين. في الآونة الأخيرة، اسُتبعد المهندسون والمحامون، ومن ثم الصيادلة من قائمة الدعم الحكومي، وقبل نهاية حزيران/يونيو الفائت، رُفع الدعم عن أطباء الأسنان، ووصل الحرمان أيضا إلى الأطباء بعدّة اختصاصات مختلفة.

وزارة الاتصالات والتقانة السورية، أصدرت تعميما عبر صفحتها الرسمية على منصة “فيسبوك“، في الـ29 من شهر حزيران/يونيو الفائت، بموجبه، يتم استبعاد الأطباء ممن مضى على ممارستهم لمهنة الطب مدة تجاوزت عشر سنوات من الدعم الحكومي، وفقا لبيانات نقابة الأطباء.

وبذلك تكون شريحة الأطباء بمختلف التخصصات، وشريحة أطباء الأسنان قد انضموا إلى شرائح المهن الأخرى التي تم رفع الدعم عنها مؤخرا، مثل المهندسين والمحامين والصيادلة، بينما لم يتضح بعد عدد الأطباء، أو أطباء الأسنان، أو حتى الصيادلة سابقا الذين سيشملهم قرار رفع الدعم.

وبحسب تقرير سابق لـ”الحل نت”، كانت وزارة الاتصالات والتقانة السورية، أعلنت في الخامس من الشهر ذاته، عن استثناء المهندسين أصحاب المكاتب الهندسية التي تجاوزت مدة افتتاحهم لمكاتبهم 10 سنوات من الدعم الحكومي. وبحسب البيان، فإن القرار تم اتخاذه بناء على البيانات الواردة من نقابة المهندسين.

كما وقامت الوزارة في الثالث عشر من الشهر نفسه، بإصدار تعميم برفع الدعم عن 15 ألف محامي من أصحاب مكاتب وشركات المحاماة في سوريا، التي تجاوزت مدة افتتاحهم لها 10 سنوات، وفقا للبيانات الواردة من نقابة المحامين.

حملات الاستبعاد أتت تباعا بعد أن أعلنت حكومة دمشق مطلع شباط/فبراير الماضي، عن رفع الدعم عن نحو 600 ألف أسرة ممن يحملون البطاقة الذكية، وتبع ذلك رفع تدريجي للدعم عن عدة فئات كان آخرها الجمعيات الخيرية ودور الأيتام اليوم، تحت ذريعة إيصاله للمستحقين الأكثر احتياجا بين السوريين.

الأيتام في سوريا

في آخر إحصائية رسمية نشرت عام 2018، وصل عدد الأطفال الموجودين في دور رعاية الأيتام بسوريا إلى 32 ألف طفل، منهم 22 ألف طفل في دمشق وريفها، وذلك بحسب ما أكدته مديرة الخدمات في وزارة الشؤون الاجتماعية، ميساء ميداني، حينها.

وأشارت ميداني، إلى أن كفالة الأيتام يمكن أن تكون بتخصيص مبلغ مالي يدفعه الكفيل لهم بشكل شهري، سواء كان هذا اليتيم موجودا داخل دار الرعاية أو حتى عند ذويه، إلا أنه مسجل في أحد جمعيات رعاية الأيتام.

وأضافت في تصريحات لموقع “صحيفة الأيام” آنذاك، بأن كفالة اليتيم تتمثل في تأمين المأكل والملبس والتعليم والصحة له، بمبلغ مالي وقدره 7 آلاف ليرة سورية وسطيا، ومجموعة مساعدات عينية.

إقامة أيتام سوريا محصورة بدور الرعاية فقط، فالقانون لا يجيز لأي عائلة أن تلحق أحدهم بها عبر الكفالة، ذلك على الرغم من أن الدين لم يحرم الكفالة، لا بل شجع على رعاية الأيتام بشكل كبير.

مديرة الخدمات في وزارة الشؤون الاجتماعية أكدت أن الأيتام في دور الرعاية لا يمكن إلحاقهم بأي أسرة إلا إذا كانت من ذويهم، فالطفل معروف النسب لا يوجد قانون يسمح بإلحاقه بأسرة بديلة، وهناك الكثير من الأطفال فاقدين للرعاية الأسرية، وهم من “غير المصحوبين”، أي لا يوجد من يرعاهم من ذويهم، وهؤلاء لا يمكن معاملتهم معاملة مجهولي النسب، إنما يمكن كفالتهم بمبالغ ماليه وهم داخل دور الرعاية، وفي مثل هذه الحالات تقوم الوزارة بعملية تعقب أسري بحثا عن كفيل لمثل هؤلاء الأطفال من أقربائهم حصرا، وهذا يندرج تحت مسمى “الوصاية الشرعية”، وليس الكفالة.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.