تغريدة تعادل قوة طائرة مسيّرة رد بها زعيم “التيار الصدري” مقتدى الصدر، على صواريخ “الكاتيوشا” لزعيم “ائتلاف دولة القانون”، نوري المالكي، المتمثلة بالتسريبات الصوتية لهجومه على الصدر.

توقيت التغريدة، أمس الاثنين، من قبل مقتدى الصدر، ولهجتها الحادة، فتحت الباب على الهدف الباطن منها، غير الهدف المعلن وهو الرد على المالكي، فما علاقة الحكومة المقبلة وزعيم “تحالف الفتح” هادي العامري، بتلك التغريدة؟

مما جاء في التغريدة، أن الصدر طالب المالكي بتسليم نفسه للقضاء على “أفكاره الهدّامة”، ونصحه بالاعتكاف واعتزال العمل السياسي، وطالب عشيرته والقوى المتحالفة معه، التبرؤ من المالكي والاستنكار مما ورد في التسريبات الصوتية.

ليس ذلك فقط، بل زاد زعيم “التيار الصدري” من حدة كلامه، بقوله إنه لا يمكن للمالكي أن يقود العراق بأي صورة من الصور، وتلك الجملة، هي مربط الفرس فيما يخص الهدف الباطن من التغريدة.

كان المالكي، هاجم الصدر في تسريبات صوتية، وصفه من خلالها بـ “الجاهل والجبان”، واتهمه بالعمالة للخارج، وتوعده بتشكيل ميليشيات مسلّحة ومحاربته في مقر إقامته بالنجف، ما دفع الصدر للرد عليه بتلك التغريدة.

دعم للعامري

فيما يخص باطن التغريدة وتوقيتها، يقول المحلل السياسي غيث التميمي، إن التوقيت مدروس، وجاء مع اقتراب “الإطار التنسيقي” الموالي لإيران من الاتفاق على ترشيح شخصية لرئاسة الحكومة المقبلة وتشكيلها.

التميمي يضيف لـ “الحل نت”، أن هدف الصدر من تلك التغريدة، عزل المالكي عن المشهد السياسي، خصوصا فيما يتعلق بدوره لتشكيل الحكومة المقبلة، ومن أجل دعم زعيم “تحالف الفتح”، هادي العامري.

ويردف التميمي، أن الدليل على ذلك، هو التغريدة الأولى للصدر، الخميس الماضي، عندما تجاهل تسريبات المالكي الصوتية، وقال إنه “لا يقيم لها وزنا”، لكن تغريدته الثانية جاءت لإبعاده عن قرار تشكيل الحكومة العراقية المقبلة.

كان مقتدى الصدر، انسحب من البرلمان العراقي، رغم أنه الفائز الأول في الانتخابات الأخيرة، بعد عدم تمكنه من تشكيل حكومة أغلبية، يقصي منها قوى “الإطار التنسيقي” الموالية إلى إيران، وترك أمر تشكيلها لـ “الإطار”.

يضم “الإطار” كل القوى الشيعية الموالية لإيران، وعلى رأسها رئيس الحكومة الأسبق نوري المالكي، وزعيم “تحالف الفتح”، هادي العامري، ويسعى مؤخرا لتشكيل الحكومة المقبلة بأسرع وقت بعد انسحاب الصدر.

خلافات

غيث التميمي يقول، إنه بعد انسحاب الصدر، نشبت خلافات حادة بين المالكي والعامري؛ لأن الأول يريد تشكيل الحكومة وفق رؤيته، وهي حكومة استفزازية للصدر، بناء على عدائه التاريخي والشخصي معه.

ويتابع، أما العامري، فيريد تشكيل حكومة لا تزعج الصدر، ولا يكون المالكي هو من يتحكم بقرار تشكيلها، تجنبا لأي صدام بين زعيم “ائتلاف دولة القانون” وزعيم “الكتلة الصدرية”؛ لأن الأخير قد يزج بأنصاره للشارع احتجاجا على أي حكومة يقف خلفها المالكي.

بعد انسحاب مقتدى الصدر من مجلس النواب، جاء معظم البدلاء عن نوابه المنسحبين من “تحالف الفتح” الذي يقوده العامري، وأصبح عددهم مقاربا لعدد نواب كتلة المالكي، وهنا ارتفع صوت العامري داخل “الإطار”.

فاز الصدر في الانتخابات المبكرة الأخيرة بحصوله على 73 مقعدا نيابيا، فيما حصل حزب المالكي على 32 مقعدا، مقابل 17 مقعدا لكتلة العامري، وأدى انسحاب الصدر من البرلمان إلى شبه تساوي مقاعد العامري مع مقاعد المالكي.

حسب غيث التميمي، فإن المالكي والعامري اختلفا حول من يكون العطار في تشكيل الحكومة العراقية المقبلة واختيار رئيس حكومتها، ومن هي الكتلة الأكبر داخل “الإطار”، بعد تقارب عدد مقاعد حزبيهما.

التميمي يلفت، إلى أن ذلك الاختلاف دفع بالصدر لاستغلال تسريبات المالكي ضده لمهاجمته بتلك اللهجة الحادة، وخاصة جملته الأخيرة، بأنه “لا يمكن له أن يقود العراق بأي صورة من الصور”، لدعم العامري وعزل خصمه المالكي.

عداء الصدر والمالكي

مقتدى الصدر لا مشكلة لديه آن يكون هادي العامري هو المنسق العام لشكل الحكومة العراقية المقبلة؛ لأن هدفه تحجيم دور المالمي بتلك الحكومة، خصوصا وأنه غير ما مرة حاول جذب العامري له قبل انسحابه، يقول التميمي مختتما.

كان زعيم “التيار الصدري”، فتح الباب أمام العامري للانضمام معه في تشكيل حكومة الأغلبية قبل انسحابه، والتقاه غير ما مرة، واقترب انضمام زعيم “تحالف الفتح” معه، لكن “فيتو” إيراني أوقف العامري ومنعه من الذهاب مع الصدر.

ينحدر الصدر والمالكي من خلفيات سياسية إسلامية، إذ يتزعم الأول تيارا شعبيا شيعيا ورثه عن والده المرجع الديني محمد صادق الصدر، فيما يترأس الثاني “حزب الدعوة”، أقدم الأحزاب الشيعية العراقية.

وتنافس الصدر مع المالكي مرارا على تزعم المشهد السياسي الشيعي. إذ يمثل الأول الخزان التصويتي الأكبر على مستوى البلاد في أي عملية انتخابية، بينما يمثل الثاني، الأحزاب السياسية الشيعية التي صعدت بعد إطاحة نظام صدام حسين في ربيع 2003 إلى المشهد.

ومنذ عام 2008 توجد قطيعة سياسية وشخصية بين الصدر والمالكي عندما شن الثاني حربا على ميليشيا “جيش المهدي” التابعة للصدر، لإنهاء انتشارها المسلح في الوسط والجنوب العراقي آنذاك.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.