عبر مضيق البوسفور، عبرت سفينة شحن سورية محملة بكميات من الشعير المسروق من أوكرانيا، ليلة الجمعة الفائت، الحدود المائية التركية متجهة إلى ميناء طرطوس في الساحل السوري، يبدو أن ذلك تمّ تحت إشراف روسي.

سرقة الشعير الأوكراني

“مرصد البوسفور”، الذي يراقب حركة الملاحة البحرية، نشر يوم السبت الفائت، عبر حسابه الرسمي على منصة “تويتر”، صورا للسفينة، والتي تحمل اسم “لاوديسا” وهي واحدة من مجموعة ”سيريامار”، التابعة للمؤسسة العامة السورية للنقل البحري.

وأضاف المرصد ذاته: “مرت السفينة باتجاه البحر المتوسط، وهي تحمل الشعير في طريقها من فيودوسيا المحتلة إلى طرطوس”، وفيودوسيا مدينة ساحلية وميناء يقع في شبه جزيرة القرم على ساحل البحر الأسود بأوكرانيا، على البحر الأسود.

وتأتي هذه السرقات، بعد الغزو الروسي لأوكرانيا، والذي مضى عليه عدة أشهر، لا يزال مستمرا وسط خسائر كبيرة تكبدتها روسيا مع طول المدة التي خالفت توقعاتها، كما وأدت لخسارات كبيرة في القطاعات الاقتصادية الروسية، فضلا عن تداعيات هذا الغزو الذي سرعان ما أثر بشكل مهول على اقتصاد دمشق (حليفة روسيا)، ونتيجة لهذه الخسارات، يبدو أن روسيا تحاول تعويض ما يمكن تعويضه وإن كان من خلال سرقة الثروات الأوكرانية بما فيها القمح، ونقلها عبر حليفتها سوريا.

سفن سورية معاقبة أميركيا

تزايد نشاط سفن الحكومة السورية وأخرى روسية، خلال الأسابيع الماضية، لنقل القمح والشعير المسروق من الموانئ الأوكرانية، إلى مينائي اللاذقية وطرطوس.

وكان آخر عملية سرقة من هذا النوع، في السادس والعشرين من شهر حزيران/يونيو الفائت، حيث كشف “مرصد البوسفور” حينذاك، إن “بضائع مسروقة من أوكرانيا محملة على متن سفينة الشحن السورية (فينيقيا) عبرت مضيق البوسفور باتجاه البحر المتوسط، وهي تحمل القمح في طريقها من محطة الحبوب في ميناء أفليتا في سيفاستوبول إلى اسكندرون”.

كما ونشر المرصد ذاته وقتذاك، تسجيلا مصورا يظهر لحظة عبور السفينة “فينيقيا” من مضيق البوسفور، و”فينيقيا” هي من بين ثلاثة سفن تمتلكها المؤسسة العامة السورية للنقل البحري في وزارة النقل السورية (سوريا، لاوديسا، فينيقيا)، وخط سيرها ضمن البحر الأبيض المتوسط والبحر الأسود.

والمفارقة، أن مكتب مراقبة الأصول الأجنبية في وزارة الخزانة الأميركية، كان قد أدرج عام 2015 عددا من الكيانات السورية المشاركة في التجارة البحرية ضمن قائمة العقوبات.

ووفق المكتب الأميركي، فإن الكيانات المعاقبة هي المديرية العامة للموانئ السورية، شركة ميناء اللاذقية العامة، الشركة العامة لميناء طرطوس، الهيئة العامة السورية للنقل البحري، الشركة السورية العامة للوكالات الملاحية “شيبكو”، وغرفة التجارة السورية.

وتعتمد دمشق خلال السنوات الماضية على استيراد القمح من روسيا، إذ تعتبر المصدر الأول للقمح إلى مناطق سيطرتها، وتتهم السلطات الأوكرانية، القوات الروسية في المناطق المحتلة بمصادرة أكثر من 400 ألف طن من الحبوب.

قد يهمك: بقيمة 40 مليون دولار.. روسيا تنقل القمح المسروق من أوكرانيا لسوريا

سرقة مدعومة من موسكو

في الـ 16 من شهر حزيران/يونيو الجاري، أظهرت صور أقمار صناعية سفنا ترفع علم روسيا نقلت حبوبا أوكرانية، حُصدت في الموسم الماضي، إلى سوريا خلال الشهرين الماضيين، بحسب ما نقلته وكالة “رويترز”.

ونشرت شركة “ماكسار” الأميركية للتصوير بالأقمار الصناعية، صور سفينتي نقل بضائع ترفعان العلم الروسي، في أيار/مايو الماضي، راسيتين في ميناء “سيفاستوبول” التي تسيطر عليها روسيا في شبه جزيرة القرم، ومُحملتين بالحبوب، على حد قول الشركة.

وبيّنت “ماكسار” أنه بعد أيام، جمعت صورا للسفينتين وهما راسيتان في سوريا، وقد فُتحت أبوابهما مع اصطفاف شاحنات قريبة من السفينتين استعدادا لنقل الحبوب. كما أظهرت الشركة صورة أخرى، في حزيران/يونيو الجاري، لسفينة مختلفة تُحمّل بالحبوب في ميناء “سيفاستوبول”.

كما وقالت السفارة الأوكرانية في بيروت، إن روسيا أرسلت لحليفتها سوريا ما يقدر بنحو 100 ألف طن من القمح تم سرقتها من أوكرانيا منذ غزوها البلاد، واصفة الشحنات بأنها “نشاط إجرامي”. وأوضحت السفارة في بيان نشرته مطلع الشهر الجاري، أن الشحنات تمت بواسطة السفينة “ماتروس بوزينيتش” التي ترفع العلم الروسي، والتي رست في ميناء اللاذقية البحري الرئيسي في سوريا، أواخر شهر أيار/مايو الماضي.

السفارة الأوكرانية، قالت في بيانها أيضا، إن الحبوب الموجودة على متن السفينة “ماتروس بوزينيتش”، تمت سرقتها من منشآت التخزين الأوكرانية في المناطق التي احتلتها القوات الروسية حديثا، مشيرة إلى أن القمح سرق من منشأة، تجمع القمح من ثلاث مناطق أوكرانية في دفعة واحدة.

وأضافت السفارة، نقلا عن السلطات الأوكرانية، أن أكثر من 100 ألف طن من القمح الأوكراني “المنهوب” وصل إلى سوريا خلال الأشهر الثلاثة الماضية، ومع ارتفاع أسعار القمح العالمية عن 400 دولار للطن، فإن هذا الحجم سيكون أكثر من 40 مليون دولار.

وأظهرت بيانات من شركة “ريفنتيف”، وهي واحدة من أكبر مزودي بيانات الأسواق المالية والبنية التحتية في العالم، تحميل القمح في السفينة في ميناء “سيفاستوبول” في شبه جزيرة القرم، التي ضمتها روسيا من أوكرانيا في عام 2014، إذ غادرت السفينة بتاريخ 19 من أيار/مايو الماضي، وموقع تفريغ الشحنة كان في سوريا.

وفي مطلع شهر أيار/مايو الماضي، اتهمت مديرية المخابرات الرئيسية بوزارة الدفاع الأوكرانية، روسيا بسرقة آلاف الأطنان من الحبوب المخزنة في المخازن ونقلها إلى سوريا، مضيفة أن سفن ترفع العلم الروسي مليئة بالحبوب الأوكرانية المسروقة، تتجه إلى سوريا، وإن السفن الروسية وصلت بالفعل إلى البحر الأبيض المتوسط، مشيرة إلى احتمالية تهريب الحبوب من سوريا إلى دول أخرى في الشرق الأوسط، بحسب متابعة “الحل نت”.

يشار إلى أن “الأمم المتحدة” حذرت مطلع أيار/مايو الماضي، من أن أسعار المواد الغذائية وصلت إلى أعلى مستوياتها على الإطلاق في آذار/مارس في أعقاب الغزو الروسي لأوكرانيا، الدولة المنتجة الكبيرة للمحاصيل الزراعية.

قد يهمك: سفينة سورية معاقبة أميركياً تنقل القمح الأوكراني المسروق

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.