هي خطوة مفاجئة للجميع، اتخذها “الحزب الديمقراطي الكردستاني” آو “البارتي” بزعامة مسعود بارزاني، تتمثل بتعليق تفاوضاته حول منصب رئاسة جمهورية العراق، فما وراء ذلك؟

قرار تعليق التفاوضات الذي اتخذه “البارتي” هو مع خصمه “الاتحاد الوطني الكردستاني” أو “اليكتي”، باعتبارهما هما من يتصارعان على دخول “قصر السلام” في بغداد، ولن يعود للتفاوضات إلا بحالة واحدة.

الحالة الواحدة لعدول “البارتي” عن قرار تعليق التفاوضات، هي بإقدام “اليكتي” على سحب ترشيحه للرئيس العراقي الحالي، برهم صالح، لرئاسة العراق مجددا، فهل سيستجيب “اليكتي” وكيف سيكون المشهد؟

حسب المحلل السياسي علي البيدر، فإن المسألة باتت مسألة فرض إرادات بين “البارتي” و”اليكتي”، لكن لا أحد منهما بإمكانه فرض إرادته على الآخر، على حد تعبير البيدر.

البيدر يقول لـ “الحل نت”، إن “البارتي” لم يتجاوز إلى الآن قضية خسارته لسباق رئاسة العراق عام 2018 على يد برهم صالح، لذلك يصر على سحب ترشيحه، يأتي من باب الثأر منه ومنعه من التجديد له.

مرشح تسوية؟

في 2018، لم يتفق “البارتي” و”اليكتي” على مرشح توافقي لمنصب رئاسة العراق، فدخل الحزبان بمرشحيهما لمجلس النواب، وفاز مرشح “اليكتي” حينها، برهم صالح بسباق الرئاسة.

فوز الرئيس العراقي الحالي برهم صالح وقتئذ، جاء على حساب منافسه القيادي في “البارتي” فؤاد حسين، الذي أصبح لاحقا وزيرا للمالية في حكومة عادل عبد المهدي السابقة، ووزيرا للخارجية في حكومة مصطفى الكاظمي الحالية.

وفق البيدر، يخشى “البارتي” من فوز محتم لبرهم صالح في حال تكرار سيناريو 2018، لذلك هو يرفض بشكل قاطع تكرار ذلك السيناريو ويصر على سحب ترشيح برهم صالح من قبل “اليكتي”.

البيدر يشير، إلى أنه من الصعوبة على “البارتي” أن يفرض إرادته على “اليكتي”؛ لأن الأخير متحالف مع “الإطار التنسيقي” الذي يقود زمام تشكيل الحكومة العراقية المقبلة، بينما يملك “البارتي” الثلث المعطل.

بالتالي، لا “البارتي” بإمكانه الوصول لرئاسة العراق وإزاحة برهم صالح؛ لأن الأغلبية بيد “الإطار” حليف “اليكتي”، ولا الأخير بإمكانه التجديد لبرهم صالح؛ لأن “البارتي” يملك ورقة الثلث المعطل التي تمنع تشكيل أي حكومة من دونه، حسب البيدر.

في النهاية، يعتقد البيدر، أن المشهد الأقرب لحل الصراع الكردي الحالي، سيكون عبر تقديم “البارتي” و”اليكتي” مرشح تسوية لرئاسة الجمهورية، لا ينتمي لأي حزب منهما، على أن يكون من الكرد.

كسر التفاهمات؟

ما يجدر ذكره، أن “البارتي” رشح وزير داخلية إقليم كردستان، ريبر أحمد، لمنصب رئاسة العراق هذه المرة، فيما رشح “اليكتي” الرئيس العراقي الحالي، برهم صالح، لمنصب الرئاسة، سعيا منه للحصول على ولاية ثانية له.

في عراق ما بعد 2003، حصلت اتفاقيات وتفاهمات بين “البارتي” بزعامة رئيس إقليم كردستان السابق، مسعود بارزاني، و”اليكتي” بزعامة الرئيس العراقي الأسبق، الراحل جلال طالباني، يتم بموجبها منح رئاسة الإقليم لـ “البارتي” ورئاسة العراق لـ “اليكتي”.

ومنذ 2006 وإلى اليوم، منصب رئاسة العراق هو من نصيب “اليكتي”، ورئاسة إقليم كردستان من نصيب “البارتي”، لكن الأخير يرفض تلك المعادلة هذه المرة، فهو يسعى لتحقيق مبدأ الأحقية الانتخابية.

الأحقية الانتخابية، تعني الحزب الحائز على أكثر مقاعد نيابية من غيره، و”البارتي” فاز أولا على مستوى الكرد في الانتخابات العراقية المبكرة الأخيرة بحصوله على 31 مقعدا نيابيا.

بالمقابل خسر “اليكتي” وتراجعت مقاعده إلى 17 مقعدا نيابيا، وذلك التراجع شجّع “البارتي” لفك مبدأ التوازن وتقاسم المناصب مع “اليكتي”، غير أن الأخير يرفض التفريط بما يسميه “أحقيته” بمنصب رئاسة الجمهورية.

ويبسط “البارتي” سيطرته على محافظتي دهوك وأربيل عاصمة إقليم كردستان العراق، بينما يحكم “اليكتي” نفوذه على محافظتي السليمانية وحلبچة، المستحدثة كمحافظة في السنوات الأخيرة.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.