لا تزال الأسواق السورية تعج بالبضائع والمواد الفاسدة والمغشوشة، حيث سادت مؤخرا حالة من الفوضى في الأسواق، بعد ارتفاع الأسعار بشكل “خيالي”، وتدني مستوى الرواتب والمداخيل، ما أفسح المجال لتنامي ظاهرة انتشار السلع والمنتجات الفاسدة والمنتهية الصلاحية، حيث أفادت تقارير محلية حديثة عن ضبط كميات كبيرة من فستق العبيد مليئة بالحشرات والديدان معروضة للبيع، إضافة إلى السميد والبرغل الموبوء بالحشرات.

سميد الحلويات بالحشرات

صحيفة “تشرين” المحلية، نشرت يوم أمس الأحد، تقريرا أفادت فيه بأن دوريات حماية المستهلك التابعة لمديرية التجارة الداخلية وحماية المستهلك بمحافظة حماة ضبطت مخالفات جسيمة في أسواق المدينة، بحسب تأكيد مدير التجارة الداخلية وحماية المستهلك بحماة رياض زيود، حيث تمكنت الدوريات ضبط كميات كبيرة من فستق العبيد تتخللها حشرات وديدان معروضة للبيع وبصورة مخالفة للقوانين.

وأضاف التقرير المحلي، أنه تمت مصادرة الكميات المضبوطة وتنظيم الضبط التمويني اللازم بحق المخالف وإتلاف المادة إلى جانب ضبط مادة السميد مليئة بالحشرات الحية معدة للاستخدام في مشغل حلويات، وضبط كميات من البرغل، الكشك، الدقيق أيضا تغزوها الحشرات تمت مصادرتها.

ضبوط أخرى

في المقابل، أضاف زيود، أن الأمر لم يقتصر على ضبط هذه المواد فقط، إذ أن العمل الرقابي قد ضبط محطات مخالفة بنقص الكيل في محطة ضمن المدينة وتغريمها بستة ملايين سورية، ومحطة أخرى بنقص الكيل وتغريمها بمبلغ مالي قدره خمسة ملايين ليرة سورية.

أما فيما يتعلق بمادة رغيف الخبز فقد تم ضبط العديد من المخابز بنقص الوزن وتغريم المخالفين حيث قدرت قيمة التغريمات بأكثر من ثلاثة ملايين ليرة، على حد قول زيود.

ووفق التقرير المحلي، هناك مخالفات أخرى طالت محال الأحذية بالجودة والسعر، إلى جانب ذبح إناث (عواس، أبقار) خارج المجزر البلدي من دون رقابة صحية وبيطرية، وضبوط أخرى تتعلق بعدم الإعلان عن الأسعار، وعدم تداول الفواتير، ومزاولة مهنة من دون ترخيص.

قد يهمك: بضاعة رخيصة لكن فاسدة.. انتشار الاحتيال في الأسواق السورية

إغراء الأسعار

في وقت سابق، أفاد مواطنون بعدة مناطق من محافظة حماة لصحيفة “الوطن” المحلية، إن المنظفات التي تباع على البسطات ضعيفة الفعالية والتأثير، وبشكل خاص سوائل الجلي ومساحيق الغسيل والمعقمات من أنواع الجل العديدة. بينما أوضح بعضهم الآخر، أنهم يشترونها لكون أسعارها مناسبة لمداخيلهم المحدودة جدا.

ونسبت الصحيفة المحلية في تقريرها السابق، عن آخرين قولهم: “لقد وقعنا ضحية إغراء أسعار هذه المواد لمرة واحدة فقط، والآن لم نعد نشتريها مرة أخرى لأن شرائها خسارة حقيقة، لذا فإن المواد الغالية أفضل وذات فعالية أكثر”، على حد تعبيرهم.

وبيّن مواطنون آخرون، أن هذه المواد الفاقدة للفاعلية لا تقتصر على المنظفات فقط، بل هناك مواد أخرى، مثل الغذائية كالأجبان والألبان، وحتى الأدوية، وقال بعضهم: “نعم، وصل الغش للأدوية، فيجب عليك أن تشتري ثلاث علب من الدواء كي تتحسن بدلا من علبة واحدة، ويجب أن تتناول ثلاث حبات دفعة واحدة بدلا من حبة واحدة كي يسكن ألمك، وحديثنا هنا عن أدوية الضغط والسكري والالتهابات المزمنة والمسكنات وغير ذلك كثير”، يضيف المواطنون للصحيفة المحلية.

وفي سياق انتشار هذه الظاهرة، أوضح أستاذ الاقتصاد بالجامعة الوطنية بحماة إبراهيم قوشجي، أنه مع انخفاض متوسط دخل الفرد وارتفاع تكاليف الإنتاج، وتناقص الطلب على السلع الضرورية، اتجهت بعض المصانع لتخفيض تكاليفها، من خلال تغيير مواصفات المنتجات والتقليل من المادة الفعالة، وطرح المنتج بأسماء تجارية توصف بالشعبية.

فالمنتجات، وفق قوشجي، بالمواصفات الضعيفة ستشكل عبئا كبيرا على المستهلك، فبعض المنظفات والأدوية والأغذية غير فعالة، ما يضطر المستهلك صاحب الدخل المحدود إلى إعادة شراء المنتجات نفسها لأكثر من مرة، وهذا تبديد وهدر لدخل المستهلكين.

مخالفات سابقة

ضمن سياق انتشار المواد الغذائية المغشوشة في سوريا، أكدت مديرية التجارة وحماية المستهلك بريف دمشق مطلع حزيران/يونيو الجاري، ضبط 32 مخالفة جسيمة تتعلق بصناعة مواد غذائية مغشوشة، وتوزيع مواد نفطية بطرق مخالفة للقانون.

وقالت المديرية في بيان نشرته عبر صفحتها الرسمية على منصة “فيسبوك”، آنذاك، إنها ضبطت معمل كونسروة في مدينة عربين بريف دمشق، يقوم بتصنيع مربيات مغشوشة، فيما تم حجز كمية 5700 كيلو جرام من المواد المخالفة.

كما أكدت المديرية أنها ضبطت، مخبز آلي في مدينة الزبداني، يقوم بصناعة الخبز بطريقة مخالفة للمواصفات القياسية.

كذلك، صحيفة “الوطن” المحلية، كشفت أواخر الشهر الفائت، نقلا عن مدير المهن والشؤون الصحية في مجلس مدينة اللاذقية كنان سعيد، عن ضبط نقانق بالحشرات في أحد مطاعم المدينة.

وأوضح سعيد حينذاك، إن “هيئة الرقابة والتموين على المحال والمنشآت الغذائية أغلقت مطعما لتقديم النقانق في حي مارتقلا ضمن مدينة اللاذقية، بسبب مخالفة الشروط الصحية وعدم الاهتمام بالنظافة ووجود حشرات إضافة إلى عدم تبديل زيت القلي”.

المشكلة في انتشار هذه الظاهرة ليست مجرد شراء الناس لمواد فاسدة وضارة أو مغشوشة ذات فعالية ضعيفة وبأسعار رخيصة؛ بل إن الجانب الآخر الذي لم يتطرق إليه أي مسؤول من صانعي القرار في حكومة دمشق، هو أن الناس وصلوا إلى نقطة تدهورت فيها ظروفهم المعيشية إلى درجة أصبحت فيها الصحة والسلامة خارج قائمة الاهتمامات الرئيسية.

قد يهمك: في سوريا.. مزيلات العرق والعطور “مغشوشة” والأسعار مزاجية!

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.