يبدو أن الحكومة العراقية برئاسة مصطفى الكاظمي، لا تستطيع الرد على اتهامات “الإطار التنسيقي” الموالي لإيران الأخيرة لها، فقررت أن تشكو مظلوميتها من “التنسيقي” إلى الرأي العام العراقي.

بيان لمكتب الكاظمي، قال إن الأحداث المتسارعة التي يشهدها العراق في ضوء الخلافات السياسية الحالية، تمثل مؤشرا مقلقا للاستقرار والسلم الاجتماعي، اللذين عملت الحكومة على تكريسهما وتثبيتهما منذ توليها في أيار/ مايو 2020.

استغراب

الكاظمي أضاف، أن الحكومة العراقية خطت طوال العامين الماضيين، نمطا هادئا ووطنيا في التعاطي مع الأزمات السياسية المختلفة، وقدمت المصلحة العامة على المصالح الخاصة، وركزت جهودها المهنية على حفظ أمن الناس ومصالحها، وتجنب الدخول في مهاترات سياسية.

وعبّر الكاظمي، عن استغرابه لاستمرار المحاولات في زج الحكومة بتفاصيل أزمات سياسية حتى بعد دخولها مرحلة تصريف الأعمال، وإعلانها منذ اليوم التالي لإجراء الانتخابات المبكرة، اتخاذ كل الإجراءات لتسليم الواجب والمسؤولية للحكومة التي تتشكل وفق السياقات الدستورية.

بيان رئيس الحكومة العراقية، جدّد مناشدة كل القوى السياسية بعدم إسقاط الأزمات السياسية على حكومته، بل تبني منهج الحوار البنّاء؛ لمعالجة الخلافات والخروج بالبلد من حالة الانسداد السياسي الراهنة.

وتابع البيان، أن العراق تمكّن من استعادة عافيته بعد معاناة وتضحيات كبيرة، ويجب على الجميع الحفاظ على ما أُنجز، ودعم الحكومة ومؤسساتها، والقوى الأمنية والعسكرية؛ للقيام بواجباتها في ضمان الاستقرار الأمني.

“لقد حملنا شعار الصمت وعدم الدخول في المواجهات السياسية ورفضنا الرد على الاتهامات وحملات التشويه الظالمة، وحافظنا على استقلالية الحكومة في التنافس السياسي والانتخابي، من خلال عدم مشاركة رئيس الحكومة أو من يمثله في الانتخابات المبكرة (…) ومع ذلك لم تتوقف ماكنة الاتهام والتضليل عن محاولة تشويه هذا الدور الوطني، والطعن بحياد الحكومة، ومصداقيتها في كل مناسبة، ومن دون أسباب موضوعية”، كما ود في البيان.

الكاظمي اختتم بيانه بقوله، إن الحكومة تطالب الجميع بمواجهة الأزمات والخلافات بروحية الحوار الوطني تحت سقف الوطن الواحد، والتحلي بالحكمة في تفسير الأحداث، وعدم البناء على افتراضات ونظريات وظنون لا تمت إلى الحقيقة بصلة.

بيان الكاظمي جاء، على خلفية تداعيات احتجاجات أنصار زعيم “التيار الصدري” مقتدى الصدر، أمس الأربعاء، واقتحامهم للمنطقة الخضراء والبرلمان العراقي، خصوصا بعد تحميل “الإطار”، حكومة الكاظمي المسؤولية عن الاقتحام.

احتجاجات

“الإطار” قال في بيان آمس، إن ماجرى من أحداث متسارعة والسماح للمحتجين بدخول المنطقة الحكومية الخاصة واقتحام مجلس النواب والمؤسسات الدستورية، وعدم قيام القوات المعنية بواجبها، يثير الشبهات بشكل كبير، وتتحمل الحكومة مسؤولية ذلك.

أمس الأربعاء، خرج أنصار مقتدى الصدر، باحتجاجات في ساحة التحرير وسط بغداد، ثم اقتحموا المنطقة الخضراء، مقر الحكومة العراقية ومؤسسات الدولة والبعثات الدبلوماسية الدولية، فضلا عن اقتحامهم لمبنى البرلمان العراقي.

حراك أتباع زعيم “التيار الصدري”، جاء بعد تغريدة مطولة للصدر عبر “تويتر”، بمناسبة حلول شهر محرم، وذكرى “واقعة الطف” التي شهدت مقتل الإمام الحسين، قائلا فيها: “اتخذوا ثورة الطف نموذجا لرفض الباطل والظلم والفساد”.

رئيس الحكومة العراقية، القائد العام للقوات المسلحة، مصطفى الكاظمي، كان قد دعا من خرجوا من المحتجين إلى الالتزام بسلميتهم، والحفاظ على الممتلكات العامة والخاصة، والانسحاب الفوري من الخضراء.

بعد 4 ساعات من الرعب عاشها “الإطار التنسيقي” في العراق، طلب الصدر من أنصاره في تغريدة عبر “تويتر”، ليلة الأربعاء، الانسحاب من المنطقة الخضراء، معتبرا احتجاجات أمس، “جرة إذن”، فانسحبوا فعلا.

احتجاجات أنصار مقتدى الصدر، أتت بعد أن أعلن “الإطار التنسيقي” المقرب من طهران، في بيان رسمي له، الاثنين الماضي، ترشيح رئيس “تحالف الفراتين”، محمد شياع السوداني لمنصب رئيس الحكومة العراقية المقبلة.

شياع السوداني، من تولد محافظة ميسان جنوبي العراق عام 1970، ويملك بكالوريوس في العلوم الزراعية، وبدأ مشواره في السياسة بعد سقوط نظام صدام حسين في ربيع 2003.

من المناصب التي شغلها السوداني، قائمقمام مدينة العمارة 2004 ومحافظ ميسان 2005، ووزير حقوق الإنسان 2010، ورئيس الهيئة العليا للمساءلة والعدالة وكالة 2011، ووزير الزراعة وكالة 2013.

كان السوداني أيضا، رئيس مؤسسة السجناء السياسيين وكالة 2014، ووزير الهجرة والمهجرين وكالة 2014، ووزير المالية وكالة 2014، ووزير العمل والشؤون الاجتماعية 2014، ووزير التجارة وكالة 2015، ووزير الصناعة وكالة 2016.

السوداني رغم انتمائه بعد 2003 لـ “حزب الدعوة” بقيادة نوري المالكي قبل أن ينسحب منه لاحقا، إلا أنه من القيادات الداخلية، فلم يسبق له العمل ضمن المعارضة لنظام صدام حسين في الخارج، ولا يمتلك إقامة غربية، ولم يسبق له العمل في مناصب أمنية.

انسحاب وانسداد مستمر

“الإطار التنسيقي” الموالي لإيران، يسعى إلى تشكيل حكومة توافقية، بعد استقالة “التيار الصدري” من البرلمان بتوجيه مباشر من زعيم التيار، مقتدى الصدر، الذي وصف مؤخرا قوى “الإطار” بأنها “أذرع إيران” لأول مرة في تاريخه السياسي.

في 12 حزيران/ يونيو الماضي، استبشرت قوى “الإطار” الموالية لإيران الخير بانسحاب مقتدى الصدر من المشهد السياسي، وأكدت أن مسألة تشكيل الحكومة الجديدة ستكون سهلة بعد انسحاب زعيم “الكتلة الصدرية“.

“التيار الصدري” بزعامة مقتدى الصدر، فاز أولا في الانتخابات المبكرة الأخيرة، التي جرت في 10 تشرين الأول/ أكتوبر المنصرم، بحصوله على 73 مقعدا، ثم انسحب من البرلمان العراقي، الشهر المنصرم.

بعد الفوز في الانتخابات المبكرة، شكّل الصدر تحالفا ثلاثيا مع “الحزب الديمقراطي” الكردستاني بزعامة رئيس إقليم كردستان سابقا، مسعود بارزاني، و“السيادة” بقيادة رئيس البرلمان محمد الحلبوسي.

“التحالف الثلاثي” سُمّي بتحالف “إنقاذ وطن“، وبلغ عدد أعضائه قرابة 180 نائبا، وكان يسعى الصدر لتشكيل حكومة أغلبية، لكنه لم ينجح في ذلك بسبب “الإطار التنسيقي“.

قوى “الإطار التنسيقي” الموالية لإيران والخاسرة في الانتخابات، لم تتقبل فكرة تشكيل حكومة أغلبية، وأصرّت على تشكيل حكومة توافقية يشترك “الإطار” فيها.

عاش العراق -ويعيش- في انسداد سياسي، نتيجة عدم امتلاك الصدر الأغلبية المطلقة التي تؤهله لتشكيل الحكومة، وعدم قبول “الإطار” بالذهاب إلى المعارضة، فانسحب الصدر ولم ينته الانسداد بعد.

يذكر أن البرلمان العراقي فشل في عقد جلسة انتخاب رئيس الجمهورية التي تمهد لتشكيل الحكومة المقبلة 3 مرات متتالية، بسبب عدم حضور الأغلبية المطلقة من النواب لجلسة انتخاب الرئيس العراقي، التي يفرضها الدستور لعقد الجلسة.

إذ فشل تحالف “إنقاذ وطن” الذي يمتلك الأغلبية البرلمانية بـ 180 مقعدا من تحقيق الأغلبية المطلقة وهي حضور 220 نائبا من مجموع 329 نائبا.

الفشل ذلك، سببه سياسة الترغيب التي مارسها “الإطار” الذي يمتلك 83 مقعدا فقط، مع النواب المستقلين وغيرهم من أجل الوصول لنحو 110 نواب وبالتالي تشكيل الثلث المعطل، الذي لا يسمح بحصول الأغلبية المطلقة، وهو ما حدث بالفعل.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.