بعد “جرة الإذن”، باحتجاج الآلاف من أنصار زعيم “التيار الصدري” مقتدى الصدر، أمس الأربعاء، واقتحامهم للمنطقة الخضراء والبرلمان، لمّح الصدر للخطوة المقبلة، فهل هي “ثورة إصلاح” حقا؟

وزير الصدر، صالح محمد العراقي، قال في بيان مطول، اليوم الخميس، إن الجماهير كانت منضبطة في احتجاجات الأمس، واحتجاجاتها سلمية وعفوية منقطعة النظير.

العراقي وصف الاحتجاجات بأنها “كانت موطئ يغيض ويخيف الفاسدين والتبعيين، وكانت بجزء قليل من التيار الصدري”، متسائلا: “ماذا لو كان التيار بثقله المتعارف؟”.

اقتحام وانسحاب

وزير الصدر، أردف أن “اليوم جرّة إذن وغدا ثورة إصلاح في شهر الإصلاح وامتدادا لسيد الإصلاح، الإمام الحسين بن علي”.

وأشار صالح العراقي، إلى أن احتجاجات أمس، كانت رسالة استلمتها الأحزاب السياسية وفهمها القضاء، مؤكدا: “بالأمس ضد الدكتاتور صدام حسين (…) واليوم ضد الفساد والتبعية لإيران”.

أمس الأربعاء، خرج أنصار مقتدى الصدر، باحتجاجات في ساحة التحرير وسط بغداد، ثم اقتحموا المنطقة الخضراء، مقر الحكومة العراقية ومؤسسات الدولة والبعثات الدبلوماسية الدولية، فضلا عن اقتحامهم لمبنى البرلمان العراقي.

حراك أتباع زعيم “التيار الصدري”، جاء بعد تغريدة مطولة للصدر عبر “تويتر”، بمناسبة حلول شهر محرم، وذكرى “واقعة الطف” التي شهدت مقتل الإمام الحسين، قائلا فيها: “اتخذوا ثورة الطف نموذجا لرفض الباطل والظلم والفساد”.

رئيس الحكومة العراقية، القائد العام للقوات المسلحة، مصطفى الكاظمي، كان قد دعا من خرجوا من المحتجين إلى الالتزام بسلميتهم، والحفاظ على الممتلكات العامة والخاصة، والانسحاب الفوري من الخضراء.

بعد 4 ساعات من الرعب عاشها “الإطار التنسيقي” في العراق، طلب الصدر من أنصاره في تغريدة عبر “تويتر”، ليلة الأربعاء، الانسحاب من المنطقة الخضراء، معتبرا احتجاجات أمس، “جرة إذن”، فانسحبوا فعلا.

قبل ذلك وصف “الإطار التنسيقي” في بيان، احتجاجات آنصار الصدر بأنها “فتنة” ويراد منها الفوضى وضرب السلم الأهلي، واتهم الحكومة العراقية، بتسهيل عملية اقتحامهم للمنطقة الخضراء.

وقال “الإطار” في بيانه، إنه بعد أن أكمل الخطوات العملية للبدء بتشكيل حكومة خدمة وطنية واتفق بالإجماع على ترشيح شخصية مشهود لها بالكفاءة والنزاهة، رصد تحركات ودعوات مشبوهة تحث على الفوضى وإثارة الفتنة وضرب السلم الأهلي.

ما علاقة السوداني بالاحتجاجات؟

“الإطار” أضاف، أن ماجرى من أحداث متسارعة والسماح للمتظاهرين بدخول المنطقة الحكومية الخاصة واقتحام مجلس النواب والمؤسسات الدستورية، وعدم قيام القوات المعنية بواجبها، يثير الشبهات بشكل كبير.

احتجاجات أنصار مقتدى الصدر، أتت بعد أن أعلن “الإطار التنسيقي” المقرب من طهران، في بيان رسمي له، الاثنين الماضي، ترشيح رئيس “تحالف الفراتين”، محمد شياع السوداني لمنصب رئيس الحكومة العراقية المقبلة.

شياع السوداني، من تولد محافظة ميسان جنوبي العراق عام 1970، ويملك بكالوريوس في العلوم الزراعية، وبدأ مشواره في السياسة بعد سقوط نظام صدام حسين في ربيع 2003.

من المناصب التي شغلها السوداني، قائمقمام مدينة العمارة 2004 ومحافظ ميسان 2005، ووزير حقوق الإنسان 2010، ورئيس الهيئة العليا للمساءلة والعدالة وكالة 2011، ووزير الزراعة وكالة 2013.

كان السوداني أيضا، رئيس مؤسسة السجناء السياسيين وكالة 2014، ووزير الهجرة والمهجرين وكالة 2014، ووزير المالية وكالة 2014، ووزير العمل والشؤون الاجتماعية 2014، ووزير التجارة وكالة 2015، ووزير الصناعة وكالة 2016.

السوداني رغم انتمائه بعد 2003 لـ “حزب الدعوة” بقيادة نوري المالكي قبل أن ينسحب منه لاحقا، إلا أنه من القيادات الداخلية، فلم يسبق له العمل ضمن المعارضة لنظام صدام حسين في الخارج، ولا يمتلك إقامة غربية، ولم يسبق له العمل في مناصب أمنية.

“الإطار التنسيقي” الموالي لإيران، يسعى إلى تشكيل حكومة توافقية، بعد استقالة “التيار الصدري” من البرلمان بتوجيه مباشر من زعيم التيار، مقتدى الصدر، الذي وصف مؤخرا قوى “الإطار” بأنها “أذرع إيران” لأول مرة في تاريخه السياسي.

في 12 حزيران/ يونيو الماضي، استبشرت قوى “الإطار” الموالية لإيران الخير بانسحاب مقتدى الصدر من المشهد السياسي، وأكدت أن مسألة تشكيل الحكومة الجديدة ستكون سهلة بعد انسحاب زعيم “الكتلة الصدرية“.

تبخر مشروع “التحالف الثلاثي”

“التيار الصدري” بزعامة مقتدى الصدر، فاز أولا في الانتخابات المبكرة الأخيرة، التي جرت في 10 تشرين الأول/ أكتوبر المنصرم، بحصوله على 73 مقعدا، ثم انسحب من البرلمان العراقي، الشهر المنصرم.

بعد الفوز في الانتخابات المبكرة، شكّل الصدر تحالفا ثلاثيا مع “الحزب الديمقراطي” الكردستاني بزعامة رئيس إقليم كردستان سابقا، مسعود بارزاني، و“السيادة” بقيادة رئيس البرلمان محمد الحلبوسي.

“التحالف الثلاثي” سُمّي بتحالف “إنقاذ وطن“، وبلغ عدد أعضائه قرابة 180 نائبا، وكان يسعى الصدر لتشكيل حكومة أغلبية، لكنه لم ينجح في ذلك بسبب “الإطار التنسيقي“.

قوى “الإطار التنسيقي” الموالية لإيران والخاسرة في الانتخابات، لم تتقبل فكرة تشكيل حكومة أغلبية، وأصرّت على تشكيل حكومة توافقية يشترك “الإطار” فيها.

عاش العراق -ويعيش- في انسداد سياسي، نتيجة عدم امتلاك الصدر الأغلبية المطلقة التي تؤهله لتشكيل الحكومة، وعدم قبول “الإطار” بالذهاب إلى المعارضة، فانسحب الصدر ولم ينته الانسداد بعد.

يذكر أن البرلمان العراقي فشل في عقد جلسة انتخاب رئيس الجمهورية التي تمهد لتشكيل الحكومة المقبلة 3 مرات متتالية، بسبب عدم حضور الأغلبية المطلقة من النواب لجلسة انتخاب الرئيس العراقي، التي يفرضها الدستور لعقد الجلسة.

إذ فشل تحالف “إنقاذ وطن” الذي يمتلك الأغلبية البرلمانية بـ 180 مقعدا من تحقيق الأغلبية المطلقة وهي حضور 220 نائبا من مجموع 329 نائبا.

الفشل ذلك، سببه سياسة الترغيب التي مارسها “الإطار” الذي يمتلك 83 مقعدا فقط، مع النواب المستقلين وغيرهم من أجل الوصول لنحو 110 نواب وبالتالي تشكيل الثلث المعطل، الذي لا يسمح بحصول الأغلبية المطلقة، وهو ما حدث بالفعل.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.