إشكالات متجددة تواجه العلاقات الروسية الإسرائيلية خلال الآونة الأخيرة، حيث لم تكن عقبة التنسيق المشترك حيال الغارات الإسرائيلية المستهدفة للنفوذ الإيراني في سوريا؛ المشكلة الوحيدة فيما بينهم، فقد ازدادت العقبات بعد بدء روسيا غزوها لأوكرانيا في شهر شباط/فبراير الماضي، وتوالت التقارير المتسائلة حول مصير هذه العلاقات الثنائية سواء داخل الملف السوري أو خارجه.

تصعيد متبادل

تصريحات إسرائيلية أشارت مؤخرا إلى أن أن حرية عمل الجيش الإسرائيلي قد تتأثر في سوريا، على خلفية أزمة بين موسكو وتل أبيب، بشأن حظر أنشطة الوكالة اليهودية. حيث طلبت موسكو مؤخرا عبر وزارة العدل الروسية الطلب من القضاء حظر أنشطة الوكالة اليهودية، وتسعى الوزارة الروسية إلى تصفية فرع الوكالة اليهودية في البلاد، وتقول السلطات إن الوكالة خالفت قوانين الخصوصية.

 الخبير الإسرائيلي، يوناثان فريمان، قال في تصريحات لوكالة “الأناضول” التركية، إن إسرائيل تلاحظ بشكل كبير أنه بات من الصعب العمل في سوريا وربما تكون روسيا قد غيرت سياستها.

وأوضح فريمان أن أحد مخاوف إسرائيل هو أن الخلاف مع روسيا قد يعني أنه لن تكون لدى إسرائيل القدرة الكافية للعمل في سوريا، مشيرا إلى أن موسكو لم تصدر أي رد على ما ورد في حديث وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس، حول استخدام بطاريات “اس 300″ في أعقاب غارة نفذها سلاح الجو الإسرائيلي في سوريا بوقت سابق.

وأشار غانتس إلى أن الطائرات الإسرائيلية لم تكن في الأجواء أثناء إطلاق بطارية “إس 300” الصواريخ، من دون أن يؤثر ذلك على التنسيق مع روسيا في سوريا، وفق “القناة 13″ الإسرائيلية.

قد يهمك: مشروع عربي غير عسكري لمواجهة إيران.. ما تفاصيله؟

الكاتب والمحلل السياسي باسل المعراوي، يرى أن استمرار الغزو الروسي للأراضي الأوكرانية، يساهم في تضييق المساحات الرمادية بين روسيا وإسرائيل، كما أن إغلاق الحكومة الروسية لمكاتب الوكالة الدولية للهجرة بموسكو يشي بالدرجة التي وصلتها العلاقات بين البلدين.

ويقول المعراوي في حديث خاص لـ“الحل نت“: “إضافة إلى الحرب الأوكرانية، القى فشل التوصل لاتفاق نووي بين الغرب وإيران، ظلاله على العلاقات بين البلدين وخاصة في سوريا عندما أعلن رئيس الوزراء بينيت خطته التي أسماها الأخطبوط كـ استراتيجية للصراع مع إيران“.

وحول تأثير الخلافات على الملف السوري، يعتقد المعراوي أن: “القشة التي كادت أن تقصم ظهر البعير هي قيام الطيران الحربي الاسرائيلي بقصف مرفق حيوي هام وسيادي للنظام السوري، وهو إخراج مطار دمشق الدولي عن الخدمة، لأن أسلحة مصدرها الحرس الثوري الإيراني تهبط بشكل دوري بالمطار، ليتم إيصالها إلى ميليشيات حزب الله اللبناني وأذرع الحرس الثوري في سوريا“.

ويشير المحلل السياسي إلى احتمالية تصاعد وتيرة الخلافات بين موسكو وتل أبيب، لا سيما بعد انحياز موسكو إلى طهران، في مواجهة التنسيق الأمني الذي ترعاه الولايات المتحدة ضد موسكو وطهران في المنطقة.

وحول ذلك يضيف: “سوف ينعكس ذلك قريبا على الساحة السورية، فلن تسمح موسكو لتل أبيب بما كانت تسمح به سابقا، وبالطبع لن تقبل إسرائيل بالوضع الجديد. وأنا أرى أن الاصطدام حاصل لامحالة بين الفريقين ولكن غير معلوم من الوقت سيتأخر“.

وردا على التحركات الروسية لحظر الوكالة الوكالة اليهودية التي تساعد اليهود على الهجرة إلى إسرائيل، أرسلت إسرائيل وفدا مساء الأربعاء، لعقد لقاءات مع الجهات الروسية المعنية.

وقال مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لبيد، في تصريح مكتوب إن إغلاق فرع الوكالة في روسيا أمر “خطير وستكون له تداعيات على العلاقات (الثنائية)“.

روسيا تتوعّد

في مؤشر على تصاعد التوتر بين الجانبين، أعلنت قناة التلفزة الإسرائيلية “كان” الثلاثاء، أن روسيا توعدت إسرائيل بالرد على سماحها للمئات من الإسرائيليين، القتال إلى جانب أوكرانيا، فضلا عن مواصلتها تقديم الدعم لها.

وقال المراسل السياسي للقناة عميحاي شتاين، في تقرير، نقلا عن مصدر روسي مقرب من الكرملين، إن السلطة الحاكمة في روسيا تشعر بغضب شديد من التقارير، التي تتحدث عن انخراط المئات من الإسرائيليين إلى جانب أوكرانيا في الحرب الدائرة مع روسيا.

الباحث في الشأن الروسي طه عبد الواحد، يرى أن توتر العلاقات بين موسكو وتل أبيب، دخل مرحلة تفاعل حادة خلال الفترة الماضية، لكنه يشير إلى أنه لن يتعدى مرحلة التصعيد السياسي، لأن الجانبين حريصين على عدم تدهور العلاقات بشكل كامل.

وقال عبد الواحد في حديث سابق لـ“الحل نت“: “أغلب الظن أن حدة التوتر ماضية نحو التصاعد بين الجانبين، لكن يُستبعد أن تتجاوز مستوى التصعيد السياسي، واتخاذ كل طرف خطوات أو قرارات سياسية تزعج الآخر وتضر بمصالحه، دون الذهاب إلى خطوات قد تؤدي إلى أي شكل من المواجهة على المستوى العسكري“.

وكانت العلاقات بين الجانبين شهدت توترا، بعد بدء الغزو الروسي للأراضي الأوكرانية، وعقب مساندة تل أبيب لأوروبا في مواجهة روسيا، التي أزعجت على ما يبدو موسكو بشدة.

ويراقب محللون عن كسب مستقبل العلاقات الروسية الإسرائيلية، ومدى تأثير الغزو الروسي على العلاقات بين الجانبين، لا سيما بعد أن جمعتهما علاقات جيدة خلال الفترة الأخيرة، لا سيما فيما يتعلق بالملف السوري، والاتفاق غير المباشر ربما بشأن تحجيم النفوذ الإيراني في سوريا.

اقرأ أيضا: ماذا تريد “حماس” من دمشق وما دور “حزب الله”؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة