من جديد يعاد فتح ملف عودة العلاقات بين حكومة دمشق و”حركة حماس” من خلال الإشارة على تقدم هذا المسار بين الطرفين، وهذه المرة برعاية من “حزب الله” اللبناني.

دور “حزب الله” في هذا المسار يثير التساؤلات حول طبيعته وأسباب وجوده، كما هو الحال بالنسبة للتساؤلات حول أسباب عودة العلاقات بين “حماس” ودمشق، وجدواها للطرفين.

الأمين العام لـ “حزب الله” اللبناني، حسن نصرالله، تحدث يوم أمس الإثنين، عن مسار تطبيع العلاقات بين “حماس” ودمشق.

وأشار نصر الله، في حديث لقناة “الميادين”، إلى “اهتمامه بشكل شخصي”، بتسوية العلاقة بين “حماس” ودمشق، مضيفا: “من الواضح لنا إلى أين يذهب الصراع”.

وقال: “الإخوة في حماس وصلوا إلى نتيجة مفادها، أنه لا يمكن إدارة الظهر لـسوريا (حكومة دمشق)؛ لأنها جزء من محور المقاومة”، وفق ادعائه.

وأضاف: “الأخوة في حماس يقولون إنه لم يقدم أي نظام عربي ما قدمته سوريا للحركة، وحركات المقاومة الفلسطينية”، مشيرا إلى أن دمشق منفتحة فيما يتعلق بالعلاقة مع “حماس”، و”المسار إيجابي”.

أدوار ومناورات تكتيكية

“حماس” أعلنت مؤخرا استعادة علاقاتها مع دمشق، بعد قطيعة استمرت نحو عشر سنوات، حيث نقلت وكالة “الأناضول” في 22 حزيران/ يونيو الماضي عن مصدر فلسطيني، قوله إن “مرحلة جديدة من العلاقة بين الحركة ودمشق، ستُكتب فصولها في المرحلة القادمة”.

وأضاف، أن “تطورا جوهريا طرأ مؤخرا على صعيد جهود استعادة العلاقة، تمثل بموافقة الطرفين على إعادة فتح قنوات اتصال مباشرة، وإجراء حوارات جدية وبنّاءة، تمهيدا لاستعادة العلاقات تدريجيا”.

في حين أشار المصدر، إلى أن لقاء عُقد مؤخرا بين الأمين العام لـ”حزب الله”، حسن نصر الله، ومسؤول بارز في “حماس”، جرى خلاله الاتفاق على عدد من النقاط في هذا الاتجاه.

كما أكد وجود اتفاق على عقد لقاء على مستوى رفيع، بين حكومة دمشق، وقيادة حركة “حماس” خلال الفترة القادمة، وأنه يجري الترتيب لذلك على عدة مستويات داخلية وخارجية لدى الحركة.

وفيما يتعلق باهتمام “حزب الله”، والإيرانيين الذين يقفون وراءه بإعادة العلاقات بين “حماس” ودمشق، يرى الكاتب الصحفي والمحلل السياسي كريم شفيق، أنه نتيجة للمتغيرات الدولية والإقليمية الأخيرة، يبدو أن المحددات تشير إلى طبيعة المهام الوظيفية التي تقوم بها الهيئات التنظيمية، على الرغم من اختلافها، في المناطق الرخوة أمنيا وسياسيا. ونتيجة للاصطفافات الأخيرة، وتفاقم الاستقطاب الدولي فضلا عن الأوضاع والتحركات الميدانية، الأمر الذي يفضي إلى ضرورة عودة، أو بالأحرى استعادة الوكلاء المحليين في إطار أدوار ومناورات تكتيكية محددة.

ووفق تقدير شفيق، الذي تحدث لـ “الحل نت”، فإن عودة العلاقات بين “حماس” ودمشق يأتي برغبة مصالحية من طهران، وحديث “حسن نصر الله” دليل على ذلك، حيث تسعى طهران، ومثلها التنظيمات الإسلاموية على تنحية الكتل الصلبة التي تعرقل اصطفافاتهم السياسية، المؤقتة والعرضية، لجهة تحقيق مآلات، ومصالح إقليمية مشروطة وغير استراتيجية، دون مراعاة الأعباء الأيديولوجية.

كذلك، تريد طهران استخدام “حماس” تحت بند مصالحها، تماما كما كانت طهران في وقت سابق حاضنة لعناصر وزعماء “القاعدة”، من حيث تحقيق مصالحها المحلية والإقليمية، وتحديدا فيما يتعلق باستخدامها كأداة الضغط ثم التفاوض (والابتزاز في كثير من الأحيان) ضد الأطراف المتضادة معها، على حد تعبير شفيق.

وأضاف “أن دمشق واعتمادها على إيران تستثمر باستمرار في علاقتها مع قوى الإسلام السياسي، وبالتالي فإن إعادة العلاقات مع حماس، ستكون في إطار توظيفها من أجل القيام بأدوار عدة من حيث الحصول على الدعم من إيران، وأيضا لغرض التحالفات السياسية والإقليمية بينهما، إلى جانب تعبئة دمشق ذلك في رصيد دعمه للقضية الفلسطينية”.

قد يهمك: “حماس” والأسد.. لماذا عادت العلاقات؟

ما جدوى إعادة العلاقات؟

رئيس “مكتب العلاقات العربية والإسلامية”، في “حماس”، خليل الحية، كان قد أكد مؤخرا صحة الأنباء التي تحدثت عن قرار الحركة، سعيها لاستعادة العلاقات مع دمشق، وقال: “إن مؤسسات الحركة أقرت السعي لاستعادة العلاقة مع دمشق”.

وأضاف: “جرى نقاش داخلي وخارجي على مستوى حركة “حماس” من أجل حسم النقاش المتعلق باستعادة العلاقات مع (دمشق)، وبخلاصة النقاشات التي شاركت فيها قيادات وكوادر ومؤثرون، وحتى المعتقلون داخل السجون، تم إقرار السعي من أجل استعادة العلاقة مع دمشق”.

في سياق متصل، نقلت وكالة “فرانس برس” عن مصدر قيادي في “حماس” قوله إن الاتصالات مع دمشق في تحسن، وفي طريق عودتها بالكامل إلى ما كانت عليه، مشيرا إلى قيام قادة الحركة بزيارات عديدة إلى سوريا.

وحول جدوى إعادة العلاقات بين “حماس” ودمشق للطرفين، وكذلك بالنسبة لـ “حزب الله”، يتوقع المحلل السياسي كريم شفيق، أن تزداد العلاقات بين الطرفين على خلفية تراجع فرص عودة دمشق إلى محيطها العربي وبالتالي غياب وجودها في محيطها الإقليمي الحيوي، ومن ثم فهي بحاجة إلى خرق هذا الحصار من خلال “حماس” واللعب بالقضية الفلسطينية، فضلا عن دور “حماس” الإقليمي المتعدد مع أطراف خارجية، لكن مصلحة “حماس” تبقى الأقل ضمن هذه المعادلة، من حيث تأثيرها السلبي على علاقاتها الخارجية، خاصة أنها ستكون ضمن المحور الإيراني بمجرد عودة التطبيع مع دمشق، كما سيترتب عليها انقسامات داخلية عديدة لاحقا، فضلا عن تراجع شعبيتها.

أما عن محاولة طهران، أن تكون ربيبة كل هذه الأطراف لحشد ميليشياتها من أجل خدمة مشروعها في المنطقة، وإعادة تفعيله بشكل أكبر، يؤكد شفيق، أن موضوع إعادة العلاقات بين حركة “حماس” ودمشق جاء بعد وساطات أو بالأحرى ضغوطات من إيران وذراعها الإقليمي “حزب الله”، نظرا لما تقدمه طهران من دعما كبيرا؛ ماليا وعسكريا لـ”حماس” إضافة إلى دعم طهران لدمشق لسنوات طويلة في حربها في سوريا، وبالتالي فإن الطرفين مضطرين إلى تنفيذ ما تفرضه إيران عليهما، وبالتالي إيران لن تتوانى في الاستثمار في إعادة هذه العلاقات، من جهة تمرير أهدافها ومصالحها وطموحاتها في المنطقة، من حيث تمرير أجندتها وتوسيع قاعدة ميليشياتها في مواجهة إسرائيل، لاسيما بعد إعلان الأخيرة مؤخرا بشكل صريح ومباشر أنها ستستهدف إيران من كل حدب وصوب، خاصة وأن “حماس” هي التي تقود صداما مباشرا مع إسرائيل.

واختتم شفيق حديثه بالقول: “إن عودة العلاقات واستعادتها ستكون تدريجية وعلى عدة مراحل، لأن هذا يتطلب الكثير من الوقت لإعلان كل شيء علانية”.

وعليه، يمكن تلخيص أسباب تطبيع “حماس” مع دمشق في أمرين أساسيين؛ الأول هو الدعم الإيراني الذي لا غنى عنه، والثاني بعض المعوقات والضغوط التي تواجه الحركة، مثل قضية المعتقلين في سوريا، وكذلك الخروج من تركيا بعد التغييرات الأخيرة والتطبيع التركي الإسرائيلي. أما “حزب الله” فهو ينفّذ ما يطلب منها طهران وفق أجندات والأهداف التوسعية الأخيرة في المنطقة. أما دمشق، فهي أيضا تابعة لطهران وأجندتها، وستسير هي أيضا في الاستثمار في هكذا علاقات “علاقات المصالح المؤقتة”.

قد يهمك: لهذه الأسباب أعادت حماس علاقاتها مع دمشق

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة